استقدام القوى العاملة بين الإلكترونية واليدوية

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٩/مارس/٢٠١٦ ٠٠:١٠ ص

محمد محمود عثمان

تهدف عملية إنهاء الإجراءات الإدارية إلكترونيا إلى تسهيل خطوات إنجاز العمل وتوفير الوقت والجهد وهو الهدف الأسمى للحكومة الإلكترونية التي تراوح مكانها في معظم إن لم يكن في كل بلادنا العربية والخليجية، وإن كان لها شرف المحاولة من خلال الإعلان بين الحين والآخر عن تدشين نظم وسن قوانين لتمكين الحكومات الإلكترونية من تقديم الخدمات للمستثمرين ورجال الأعمال والشركات، وقد شهدت منذ أيام الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الاجتماع السابع عشر للجنة التنفيذية للحكومة الإلكترونية الذي ما زال يناقش المواضيع المتعلقة بتطوير خدمات الحكومة الإلكترونية في الإطار العام للإستراتيجية الاسترشادية للحكومة الإلكترونية

التي تهدف إلى تسريع عجلة العمل والإنتاج وتحسين بيئة العمل، بما يجعل الأفراد يشعرون بالثقة في محاولاتهم لإنجاز معاملاتهم، مما يساعد على الانتعاش الاقتصادي والتنمية، حيث ينعكس ذلك على جوانب عديدة، أهمها اختصار الوقت المهدور في المعاملات الحكومية، وتوحيد مستوى تقديم الخدمة للجمهور بغض النظر عن الفوارق الفردية أو الطبقية بين المتقدمين لتلك المعاملات، إذ يتحول قدر كبير من الإجراءات إلى الوسائل الآلية، وتزول المزاجية الشخصية من قبل الموظفين، وبذلك ترتفع وتتعزز إنتاجيته بشكل مضاعف مقارنة بما كان عليه الوضع في النموذج التقليدي للعمل الحكومي، إذ توفر أدوات العمل الخاصة بالحكومة الإلكترونية دخول كافة البيانات والمعلومات الخاصة بالمعاملة مباشرة من دون الحاجة إلى إشراك موظفين آخرين للتحقق منها، ولا شك أن كل ذلك من الأهداف النبيلة التي يمكن أن تتحقق من المعاملات عبر الحكومة الإلكترونية للحصول على الخدمات مباشرة مثل التراخيص الإلكترونية التجارية والاستثمارية واستقدام الأيدي العاملة ومختلف الخدمات الإلكترونية من خلال التطبيقات المتاحة، ولكن حتى الآن على الرغم من إطلاق شعارات الحكومة الإلكترونية والتباهي بها، فإن النجاح لم يحالف هذه الشعارات بالصورة التي كان يتوقعها جمهور المتعاملين، وقد شاهدت عدة وقائع عملية تؤكد ذلك مع المتعاملين مع وزارة القوى العاملة في مجال استخراج تراخيص العمل إلكترونيا للأيدي العاملة الوافدة، وهو واحد من الخدمات الرئيسية التي تقدمها وزارة القوى العاملة -في جميع دوائر العمل- لأكثر من 200 ألف مؤسسة في القطاع الخاص داخل السلطنة، حيث من المفترض أن يسهم هذا النظام بتقليل عدد الزيارات إلى الوزارة، كما أن عملية الموافقة أو المصادقة على البيانات ستكون أسرع بسبب التحقق الآلي للمعلومات من قبل الموظفين، حيث ليس من الضروري الرجوع إلى المستندات الورقية واتخاذ القرارات اليدوية إما قبول أو رفض الطلب، وهذا بدوره يرفع من نسبة الشفافية للإجراءات المتخذة من قبل الموظفين، ويسمح النظام أيضاً لأصحاب العمل بعرض ومتابعة طلباتهم بدلا من تكرار زيارة الوزارة أو إجراء المكالمات، ومع ذلك تتضرر الكثير من شركات القطاع الخاص من أن هذا النظام لم يحقق السرعة المطلوبة أو توفير الوقت أو الجهد الذي أصبح مضاعفا، كما يحدث على سبيل المثال عند تقديم مأذونيات العمل للأجانب حيث يتم تقديم الطلب وصور المستندات إلكترونيا، ثم تذهب الشركة طالبة المأذونية إلى مكاتب التشغيل بالوزارة أو فروعها مرة أخرى لتفعيل الطلب وتقديم أصل المستندات لمطابقتها مع صور المستندات، وعلى ذلك لم تستفد من المعاملات الإلكترونية لأنهم يترددون على الوزارة مرة أخرى وفي ذلك مضاعفة للجهد وللوقت، مع طول فترة استخراج المأذونية، إذ أصبحت المعاملات الإلكترونية عبئا على العمل ولا فائدة منه إذ أنه مع هذا الوضع من الأفضل الذهاب مباشرة بالأوراق والمستندات الأصلية للوزارة أو فروعها لإنجاز المعاملات مباشرة توفيرا للوقت والجهد واختصارا للفترة التي تستغرق في إنهاء المعاملة، لأنه لم يتم الاستغناء عن المستندات الورقية المطلوبة من المراجعين عند تقديم الطلبات، أو تقليل زيارات المراجعين للوزارة، بالإضافة إلى أن عمليات تطوير المواقع الإلكترونية للوزارة لم تضف جديدا مفيدا للمتعاملين لأنه بعد الدخول إلى الصفحة الجديدة للموقع تعود بالمتعامل إلى الصفحة القديمة للموقع، فأصبح يقال عنها «إن الجديد يعود بنا إلى القديم، ومن ثم هل نفضل العودة بطلبات استقدام القوى العاملة الوافدة يدويا بدلا من النظام الإلكتروني؟، الذي من المفروض أن يساعد في تبسيط واختصار الإجراءات المطولة، وتقليل الفترة الزمنية لإنجاز المعاملات الحكومية المختلفة، ومن ثم إن ذلك يعوق عملية اكتمال تطبيقات متطلبات التحول للحكومة الإلكترونية المنتظرة، كما يعوق محاولات وزارة القوى العاملة لتحديث وتطوير الخدمات التي تقدمها للقوى العاملة الوطنية وللقطاع الخاص وللمؤسسات الحكومية ذات العلاقة، سعيا منها لزيادة الإنتاجية وبما ينسجم مع أهداف الحكومة الإلكترونية.