دور التأمين التكافلي في الاقتصادات

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٩/مارس/٢٠١٦ ٠٠:١٠ ص
دور التأمين التكافلي في الاقتصادات

حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com

صدر يوم الأحد الفائت ستة مراسيم سلطانية سامية من ضمنها المرسوم السلطاني رقم 11/‏2016 بإصدار قانون التأمين التكافلي، الأمر الذي سينتج عنه مزيدا من الترويج لقطاع التأمين في السلطنة من جهة، وزيادة الحصة للأقساط التأمينية لهذا النوع من التأمين من جهة أخرى. فالمواطنون اعتادوا خلال العقود الفائتة على إنهاء معاملاتهم التأمينية من خلال شركات التأمين التقليدية التي تتحمل كل المخاطر، وتستولي في نفس الوقت على كل المزايا الإيجابية وأهمها الأرباح السنوية. هذا النوع من التأمين سوف يلبي احتياجات ورغبات المستفيدين من الخدمات التأمينية بشكل تكافلي، أي أن المخاطرة سوف يتم تقسيمها على جميع المساهمين بأقساطهم السنوية. ومن هذا المنطلق فإن هذا الموضوع احتاج إلى الحصول إلى مزيد من الآراء والتوافق بين الجميع في السلطنة، الأمر الذي أدى بأن يتم تحويله في إطار التوجيهات السامية لجلالته -حفظه الله- وعرضه على مجلسي الدولة والشورى (مجلس عمان)، في إطار حرص الحكومة على تفعيل الأحكام المنصوص عليها في النظام الأساسي للدولة الخاصة بمجلس عمان وتحقيق المصلحة العامة، حيث تم تحويل ثلاثة من مشروعات القوانين إلى المجلس وهي مشاريع قانون التأمين التكافلي وقانون تأمين المركبات وقانون النقل البري لإعادة النظر فيها على ضوء الملاحظات المحالة على هذه القوانين من مجلس الوزراء، الأمر الذي كان محل تقدير وإشادة من قبل المسؤولين بمجلسي الدولة والشورى (مجلس عمان)، وبموجب ذلك تم تقديم الملاحظات القيمة على هذه القوانين. وهذا بالتالي سوف يعزز من أسس ومبادئ الممارسة الشورية الصحيحة في البلاد من جهة، كما يعزز المزيد من المصلحة العامة للوطن والمواطن من جهة أخرى.

ونظرا إلى أن الجميع يتحدث اليوم عن ضرورة جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية لمختلف المشاريع في إطار تنويع الاقتصاد العماني، ومواصلة وتعزيز دور القطاع الخاص وإسهامه في التنمية لمواجهة تحديات تذبذب وانخفاض الأسعار العالمية للنفط، وما تترك من تداعيات وتحديات على الاقتصادات المحلية، فإن تنويع منتجات قطاع التأمين تدخل في هذا الإطار بعدما تم إنشاء عدد من البنوك الإسلامية في البلاد من جهة، وتأسيس شركات التكافل التأميني من جهة أخرى. واليوم فإن حصة التأمين التكافلي من حجم الأقساط التأمينية تقدر بنحو 39 مليون ريال عماني وبنسبة 7.8 % من مجمل الأقساط التأمينية البالغة نحو 446 مليون ريال عماني، بينما هناك شركتان تقومان بعلميات التأمين التكافلي في البلاد، في الوقت الذي يمكن أن يستوعب السوق شركات أخرى إذا تمكنت من تنويع منتجاتها التأمينية في إطار أسس الشريعة الإسلامية.

والتأمين التكافلي -كما هو معروف عنه- يسعى إلى إيجاد تعاملات مالية وتأمينية متوافقة مع الشريعة الإسلامية، وتلبية هذا التوجه، بجانب مساهمته في جذب واستقطاب شرائح جديدة من العملاء للقطاع لتوفير تغطية تأمينية مناسبة لهم. فنجاح تجربة التأمين التكافلي كما يراها بعض العاملين في قطاع التأمين سوف يعتمد على مقدرة شركات التكافل على اكتساب ثقة الناس والمنافسة في جودة السعر والخدمة وليس فقط باعتمادها على كونها شركات تلتزم بالمتطلبات الشرعية الإسلامية. وكما سبق الإشارة إليه فإن التأمين التكافلي يهدف إلى تنظيم تعاقدي وتحقيق تعاون بين مجموعة من المشتركين الذي يساهمون في التعرض للمخاطرة، من خلال تكوين صندوق يسمى «صندوق المشتركين» يتم من خلاله دفع التعويضات للمستحقين، ويتم إدارة هذه القضايا من خلال مؤسسة تعمل على إدارة هذا الصندوق واستثمار أمواله في مشاريع تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها. كما يتم من خلال مؤسسات التأمين التكافلي إجراء مختلف عمليات التأمين كالتأمين على الحياة، وتكوين الأموال، والتأمين على المرض، والتأمين على الحوادث، والتأمين التكافلي العائلي وتأمين الممتلكات وغيرها من المشاريع التي تتفق مع الشريعة الإسلامية ومبادئها. وهناك توقعات بأن تنمو مؤسسات التكافل التأميني في المجتمع العماني خلال العقود المقبلة لتلبية احتياجات ورغبات المستفيدين من الخدمات التأمينية، خاصة وأن النتائج العامة التي حققها قطاع التأمين في السلطنة خلال الأعوام الثلاثة الفائتة بشكل عام كانت إيجابية ومحل تفاؤل من العاملين في هذه المجالات، في الوقت الذي بدأت فيه شركات قطاع التأمين في السلطنة تحقق نموا كبيرا في قطاع التأمين الصحي، الأمر الذي يتطلب من شركات التأمين التكافلي ببذل جهد أكبر لأجل التوعية بهذا النوع من التأمين وكسب ثقة العملاء وتبني استراتيجيتها التنافسية وفق معايير المنافسة السعرية، مع ضرورة تقديم أجود الخدمات. وفي الوقت نفسه يتطلب من مؤسسات التأمين التكافلي بأن تمارس دورها تجاه المتطلبات الرقابية، وممارسة الحوكمة وإدارة المخاطر والعمل بالشفافية والتوجه نحو الاستثمار في المجتمع العماني بجانب تحملها المسؤولية الاجتماعية تجاه مؤسسات المجتمع المدني.