اليمن والقمة العربية

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٢/أبريل/٢٠١٨ ٠٧:١٧ ص
اليمن والقمة العربية

علي ناجي الرعوي

ربما يصلح مثل هذا العنوان في اللحظة الراهنة لأن يكون مدخلاً مناسباً لتحليل سياسي شامل عن القمة العربية التي ستلتئم الاثنين المقبل في المملكة العربية السعودية، وما ستخرج به من المواقف والقرارات تجاه الأزمات والحروب والصراعات الساخنة والمشتعلة في الساحة العربية ومن ذلك الحرب الضروس باليمن، والتي دخلت عامها الرابع حتى كاد الوعي لا يفكر أنها سوف تنتهي على المدى القريب بفعل ما يحيط هذه الحرب من التعقيدات والضبابية وتعدد الأطراف المتنازعة وتدخل الفاعلين الإقليميين والدوليين في مجرياتها وفي صدارة هؤلاء دول التحالف العربي التي تشن (عاصفة الحزم) العسكرية تحت لافتة إعادة اليمن إلى مجاله العربي بعد ما أوشك على السقوط كما يقول التحالف في المربع الإيراني.

ما لا تخفيه آراء اليمنيين وأعني بهم أولئك البسطاء الذين لا ناقة لهم ولا جمل بدوافع الحرب وأسبابها وأطراف النزاع ومسمياتها فهم الذين لا يعولون كثيراً على هذه القمة وما ستتمخض عنه من النتائج فهم في الأصل غاضبون من عموم العرب مع بعض الاستثناء وبصرف النظر إذا كان هذا الغضب في محله وله مسوغاته أم لا فالواقع أن هذا الشعور أصبح تحصيل حاصل لموقف يرى أن الحرب التي شرعنت لها بداية القمة العربية الـ 26 بمدينة شرم الشيخ المصرية وباركتها قمة نواكشوط وساندتها قمة البحر الميت بالأردن هي حرب لما تصب بشررها مكون أنصار الله المتهم بالتحالف مع إيران فقط وإنما أتت على كل أبناء الشعب اليمني بل إنها من دمرت كل ما هو كائن على سطح الأرض من بنية أساسية وموارد بشرية واقتصادية ومادية وهي منجزات اجترحها اليمنيون منذ خمس عقود من الزمن لتحال هذه المأثر إلى دمار شامل وانقاض تحكي عن قصة أول حرب يخوضها تحالف عربي على أرض عربية.

ومن هذا المنطلق فإن أعداداً واسعة من اليمنيين لا ينتظرون شيئاً إيجابياً من أشقائهم العرب في هذه القمة بل ولا يتوقع الكثيرون أن يصدر عنهم ما يدعو إلى التفاؤل ويستند هؤلاء في موقفهم إلى أن العرب بصمتهم وتجاهلهم لمحنة 28 مليون يمني تطحنهم مآسي الجوع والفقر وتفتك بهم الأمراض والأوبئة والحصار الخانق الذي أعادهم إلى مجاهل الظلمة وغياهب الجهل والتخلف لا يمكن أن تتبدل مواقفهم بين عشية وضحاها فالدول العربية فيما يتعلق بحرب اليمن تتصرف وفق ما يخدم مصالحها وبناء على ذلك فهي من تبني موقفها على تلك المصلحة مع استثناءات محدودة جدا انفردت بها سلطنة عمان التي واظبت على الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف وكانت خير عون لليمنيين في هذه المحنة عوضا عن إسهامها في جسر الفجوة بين تلك الأطراف وتحفيزها على التواصل البناء مع جهود مبعوثي الأمم المتحدة لتسهيل التوصل الى حل دائم للصراع يحفظ امن اليمن وأمن جيرانه.تهيأت فرصتان فريدتان لدور عربي خليجي فاعل في اليمن كانت الأولى العام 2011 والثانية العام 2013 لكنهما ضاعتا بسبب قصور متابعة مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية لتنفيذ التفاهمات التي كان قد توصل إليها اليمنيون في إطار مؤتمر الحوار الوطني وقبلها فقد ترك اليمن يعيش عزلة عن جواره حيث طالما تكرر رفض طلبه الالتحاق بمنظومة مجلس التعاون الخليجي نتيجة مخاوف مزعومة خلفت فراغ هائل ربما وظفته ايران لصالحها وبناء على ذلك فان الظرف السائد لا يمكن إلا أن يكون نتاج طبيعي ذلك الخطأ الذي لا يتحمله اليمن وحده.ما يمكن قوله إن اليمن سيدخل في مرحلة استفهامات جديدة لا يمكن التنبؤ بتفاصيلها حيث ستظل كل المآلات أمامه مفتوحة على كل الاحتمالات وقد نصحو ذات يوم لنسأل: أين هو اليمن وأين هم العرب؟ وحينها فلن يكون السؤال من قبيل الفانتازيا اللغوية والسياسية ولكن تعبيرا عن الحقيقة الماثلة أمامنا ونحن نرى الواقع العربي يبدو كفخار قد تحطم.أي جدول أعمال للقمة العربية القادمة التي ستعقد في بلاد الحرمين؟ فهل سيبدأ من فلسطين أم من اليمن أم من سوريا أم من ليبيا أم من العراق أم من الصومال أم من الأزمة الخليجية ؟ حقا من أين سيبدأ حين يكون العرب وسط هذه الكومة من العواصف والأعاصير التي لا مثيل لها بأي مكان آخر في العالم.
الحال صعب وشائك ليس على اليمنيين فحسب وإنما على كل العرب لكن أهم من الماضي هو الحاضر والمستقبل فإذا كان الأشقاء قد قصروا حتى اليوم بشأن اليمن فهل تراهم استوعبوا الدرس واصبحوا على استعداد لتدارك ما حصل ؟ شخصيا لا أرى ومضة ضياء في نهاية النفق وكل ما أخشاه أن يضيع العرب اليمن كما سبق لهم وان أضاعوا غيره إلا أن رياح التفكك اليمني ستكون أشد وطأة على الخليج والجزيرة العربية أكثر من العراق وسوريا مما قد يدفع إلى تحول سواء التفاهم إلى حالة ثابتة في العلاقات بين اليمن ومكونات هذه المنطقة.
بالتأكيد فإن استمرار ما أصبح يسمى بـ (الحالة اليمنية)على ما هي عليه ودون أي حل من قبل الفاعلين الإقليميين والدوليين إنما هو الذي قد يجعل هذا البلد في نهاية المطاف يعصب جرحه بحفنة من الملح ويمضي بأحزانه وحرقته يبحث عن ذاته في متاهات المجهول التي تصبح فيها الحياة أمامه ليست لها أي معنى؟

كاتب يمني