علي بن راشد المطاعني
ali.matani2@gmail.com
لم يكن انخفاض القضايا والحوادث مسألة سهلة في ظل التزايد السكاني والنمو الاقتصادي والانفتاح على العالم الذي يعج بالإفرازات الإيجابية والسلبية، إلا أن انخفاضها غير المسبوق في السلطنة في ظل المتغيرات المتسارعة يعكس العديد من الدلالات التي لا تتوفر إلا في مجتمعات استتب فيها دعائم السلم الاجتماعي كأحد مسلمات الحياة الأساسية وليتساوى الجميع تحت ظلال دولة المؤسسات والقانون، وفاعلية المنظومة الأمنية التي ضبطت إيقاع الأمن في المجتمع وغطت سماوات البلاد طولا وعرضا بالمزيد من الطمأنينة والأمان.
فالأعــــــين الساهرة في دياجير الظلام لإضفاء الطمأنية في نفوس الناس فوق ما يتمتعوا به من اطــــــمئنان يـــترسخ في هذا الوطن يحمل الحب والخير والسلام لكل ساكنيه.
فالادعاء العام عندما أعلن عن انخفاض القضايا بنسبة 27% عام 2017 عن العام السابق له، والمعلومة يجب أن لا تمر مرور الكرام بدون الوقوف على أسبابها ومؤشراتها ودلالاتها بالمزيد من الشرح لمن يقف وراء ذلك، ولماذا انخفضت لدينا في حين تسجل ارتفاعا مضطردا في مجتمعات أخرى وهنا مربط الفرس الذي يستحق التأمل فيه واستنباط العبر والدروس وإذ هو يمشي الهوينا.
وبالتفصيل فإن إجمالي القضايا انخفض من 37.927 قضية في 2016 إلى 27.686 قضية في عام 2017، أي بانخفاض قدره 27.1 %، الجنايات بنسبة 53 %، والجنح بنسبة 25 %، والقضايا المستأنفة بنسبة 19 %، وإعداد المتهمين بنسبة 8.9 %.
وبالتالي فثمة أسباب جوهرية تستحق أن تبرز وتوضح باعتبارها عاملا من عوامل الجذب الاقتصادي والاستثماري والسياحي، فهذا المعدل المبهر تسعى إليه العديد من الدول وبدون أن يحالفها التوفيق، بيد أنه تحقق لدينا بفضل من الله وبجهود المخلصين من أبناء هذا الوطن العزيز.
هذه المؤشرات التي تثلج الصدر لها إيجابيات كثيرة منها ما يتعلق بخفض الضغوط على السلطات القضائية والأمنية وما تتطلبه إجراءات التقاضي، ونجاح الوعي الذي تقوده الجهات المختصة بالتوعية القانونية وبتبعات القضايا والمشكلات على الفرد والمجتمع، ووعي الناس بحقوقهم وواجباتهم، وسلامة الإجراءات المتبعة التي تمنع التحايل وكل مسببات القضايا.
بالطبع لا ندعي أن مجتمعنا أمسى ملائكيا وغدى مدينة فاضلة بكل المقاييس، ولكن ما أظهرته الإحصاءات والأرقام والنسب المئوية من تراجع شامل للجريمة وللقضايا من ناحية عامة وفي هذا الوقت الذي تداخلت بل تشابكت فيــــــه الدول وباتت الجريمة العابرة أمرا عاديا، كل ذلك يؤكد أن السلطنة قد أفلحت في وضع الــــــقانون في المكان اللائق به وبقدر بات فيه قادرا على قيادة المجتمع بروح العدالة التي حضنا عليه ديننا الإسلامي الحنيف، فكل مجتــــــمع يستتب الأمن فيه ويمشي فيه المرء آمنا على نفسه وماله وبيته فما من شك أن العدالة قد استتب لها الأمر في ذلك المجتمع، وهذا هو الذي حدث على وجه الدقة واليقين، وهذا هو خلاصة الجهد المرير لشرطة عُمان السلطــــــانية التي ما برحت تقوم بدورها وتؤكد بأنــــها العين الساهرة على أمن المجتمع آناء الليل وأطراف النهار.
نأمل أن تكلل كل الجهود الهادفة إلى تعزيز الاســــــتقرار في البلاد وتـــــعزيز الأمن والسلم الاجتــــــماعيين أن تكلل دوما بالتوفيــــــق والنجاح باعتبارها السياج والدرع الواقي بل هي الحصن المتين والأمين الذي يحمي هذا الوطن من كل الشرور.