الجهود المبذولة لإيجاد فرص عمل للشباب العُماني في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة واضحة ومقدرة على كافة الأصعدة والمستويات وتحتاج للمزيد من التضحيات من كل الأطراف ذات العلاقة سواء رجال الأعمال أو الشباب الذين عليهم خوض غمار العمل بالمزيد من الإصرار والعزيمة التي لا تلين في مواجهة التحديات والنهوض بأداء واجباتهم وتقبل الفرص المتوفرة والتأني في الترقي في السلم الوظيفي بمرور الوقت وبذل المزيد من الجهد.
ولعل النجاح بتوظيف 25 ألف باحث عن عمل وفق إعلان وزارة القوى العاملة قبل شهر مايو المقبل يلوح بالأفق وفق الالتزام بذلك في بداية شهر ديسمبر من العام الفائت، والإعلان عن توظيف أكثر من 21 ألف باحث عن عمل حتى الثاني من شهر أبريل الجاري، كل ذلك ترجمة لتوجيهات من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- بتوظيف خمسة وعشرين ألف باحث عن عمل، ووفق الخطة التي اعتمدها مجلس الوزراء الموقر، والخطوات التي اتخذتها الوزارة في سبيل ذلك في الفترة الفائتة شاهدة على ما بذل، رغم أن الكثير من الجهود تبذل خلف الكواليس في ترجمة توجيهات جلالته والعمل على تمكين أبنائنا من خدمة وطنهم، وعملت بصمت ليل نهار وفي ظل ظروف يمكن وصفها بالقاهرة والصعبة في التوفيق بين المتناقضين وهو ما يجب تقديره بكل امتنان لكل من كان وراء هذا الجهد الوطني الرائع الذي الجم كل الأصوات المعارضة والمشككة في قدرة الشركات والشباب على توطين الوظائف والمهن.
ولعل الجانب المهم الذي صاحب عملية التوظيف يستحق الثناء وهو سن تشريعات وإصدار قرارات لإتاحة المجال للمواطنين لشغل وظائف في القطاع الخاص عبر إيقاف استقدام القوى العاملة الوافدة بشكل مؤقت في العديد من القطاعات والمهن التي تتوفر لها كوادر وطنية في سوق العمل العُماني، رغم بعض الأصوات المعارضة من أصحاب المصالح، إلا أن مثل هذه الأصوات النشاز من المنتفعين من الطبيعي أن نسمعها في مثل هذه الحالات فلا يجب الالتفات لها.
كما أن تحديد نسب التعمين في القطاعات الاقتصادية ذات القدرة على استيعاب المواطنين كقطاع التأمين الذي رفع نسب التعمين الكلية فيه إلى 75% كأحد القطاعات الواعدة التي يمكن أن تستوعب الشباب العُماني، أحد الأمثلة على إمكانيات توظيف واستيعاب الكوادر الوطنية في القطاعات الاقتصادية، وهي تحتاج فقط للمزيد من التركيز وتفحص مجالات العمل التي يمكن أن يشغلها أبناؤنا في إطار خطط الإحلال والتعمين.
فمثل هذه القرارات تمثل أهمية كبيرة لما تقدمه من دعم لجهود التعمين وإتاحة فرص العمل لأبناء الوطن خاصة في القطاعات ذات الميزة النسبية في توفير مرتبات مجزية وبيئات عمل مريحة ومحفزة كالنفط والتأمين والتمويل والمصارف وغيرها من قطاعات حان الوقت لإتاحة المجال لأبناء الوطن للعمل فيها.
وهناك قطاعات اقتصادية خدمية واعدة يمكن أن تستوعب الشباب العُماني في الفترة المقبلة بعد الانتهاء من توظيف الـ25 ألف باحث عن عمل، فاستمرار هذه الجهود بهذه الآليات من شأنه أن يفرخ العديد من الفرص التي تستوعب أبناء الوطن ولا يجب أن نتوجس من شيء في هذا الشأن، ولا ريب في أن ما تبذله وزارة القوى العاملة من جهود في هذا المضمار يحتاج لتعاون الجهات الحكومية الأخرى لسد أي ثغرات تحول دون إكمال هذا الهدف النبيل، وذلك في إطار تنفيذ هذه القرارات ودعم الجهود الرامية لتعزيز الالتزام بنسب التعمين والإسهام الفاعل في تنفيذ القرارات الصادرة التي توفر الفرص للباحثين عن عمل.
بالطبع نتفهم كل الظروف التي يعاني منها البعض، وأقصد المؤسسات أو بعضها، لكن يجب أن نوقن أن هناك بونا شاسعا بين هذه الظروف وتلك التي يعاني منها الباحثون عن عمل القابعون في منازلهم في ظل وجود القوى العاملة الوافدة في مؤسساتنا بذرائع يختبئ خلفها من يساندون هذا الوجود الذي لا يعدو أن يكون كذر الرماد على العيون عبر التشكيك في قدرة الشباب على الاضطلاع بمسؤوليات الوظيفة، إلى غير ذلك من أقاويل تفتقر للحجة الدامغة.
نأمل أن تكلل الجهود المبذولة بالنجاح والتوفيق وأن يعمل الجميع على إنجاح هذه الخطط التي تهيئ المجال للشباب العُماني لتحمل مسؤولياته الوطنية، وعدم القلق من أي إجراءات تصحيحية تتخذ في معالجة أوضاع سوق العمل، فهي تصب في نهاية المطاف في صالح أبنائنا.