المؤسسات الصغيرة.. فرص واعدة ولكن!

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٤/أبريل/٢٠١٨ ١٤:١٣ م
المؤسسات الصغيرة.. فرص واعدة ولكن!

خلال السنوات الأخيرة برزت وبشكل كبير أهمية ودور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة كقطاع مهم يعزز من قوة الاقتصاد الوطني ويساهم وبشكل كبير في توفير فرص عمل جديدة ويغري روّاد الأعمال من الشباب العُماني للدخول في عالم الأعمال والتجارة وفتح مؤسسات صغيرة تفتح لهم آفاقا جديدة وتحقق لهم طموحهم، وقد شهدنا خلال الفترة الماضية قيام العديد من الشباب العُماني باستثمار الفرص الموجودة في هذا القطاع واستثمار الاهتمام والجهود الحكومية المبذولة لتعزيز دور هذا القطاع المهم وذلك من خلال طرح برامج ومبادرات وتقديم حوافز وتسهيلات مختلفة وفتح المجال لهذا القطاع كي يتقدم وينمو ويحقق نتائج إيجابية لعل من أهمها تنظيم هذا القطاع وتعزيز مفهوم العمل الحر بين الفئة الشبابية وتوفير فرص عمل للشباب العُماني، وغيرها من الإيجابيات والإنجازات التي تحققت في هذا القطاع خلال الفترة الماضية، إضافة إلى الدور البارز الذي تقوم به بعض المؤسسات الحكومية مثل الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة «ريادة» كذلك دور المؤسسات الحكومية الأخرى ودور المؤسسات الخاصة والصناديق الاستثمارية في دعم هذا القطاع والوقوف مع روّاد الأعمال الجادين والراغبين في فتح مؤسسات في بداية مشوارهم في عالم الأعمال والتجارة، فدور الحكومة خلال الفترة الماضية وخاصة قبل تقلبات أسعار النفط كان واضحا في دعم المؤسسات الصغيرة والوقوف بجانبها واتخاذ عدد من القرارات التي تساهم في دعم هذا القطاع.

لقد تحدثنا في مقالات سابقة عن موضوع دعم روّاد الأعمال ودعم المؤسسات الصغيرة وأهمية الاستمرار في دعم هذا القطاع مهما كانت الظروف والتحديات لأنه قطاع مهم ويخدم شريحة مهمة، وكما ذكرنا في مقالات سابقة العديد من روّاد الأعمال وبفضل جهود الحكومة والمؤسسات الخاصة تشجعوا في فتح مؤسسات صغيرة والدخول في عالم التجارة والأعمال وفي مختلف المجالات والقطاعات فهذا القطاع فيه العديد من الفرص التجارية والواعدة وقد حقق الشباب العُماني خلال الفترة الماضية نجاحات بارزة وبدأوا يشقوا طريقهم بنجاح من خلال الحصول على عقود تجارية من كبرى الشركات والمؤسسات الحكومية، والبعض الآخر قام بافتتاح بعض المشاريع التجارية وفي مختلف المجالات مما ساهم ذلك في تعزيز العمل الحر ودخول شباب وروّاد عمل جدد في هذا المجال وساد نوع من التفاؤل لدى هذه الفئة كما شكّل ذلك حافزاً قوياً لدى بعض الشركات في إطلاق مبادرات وبرامج تدعم روّاد الأعمال والمؤسسات الصغيرة ولكننا اليوم نواجه تحديا كبيرا يهدد استمرار هذه المؤسسات الصغيرة يتمثل في معاناة هذه المؤسسات وروّاد الأعمال القائمين عليها للحصول على مستحقاتهم المالية وبالتالي يواجهون صعوبات في سداد الالتزامات التي عليهم من مختلف المؤسسات التي تتعامل معهم، وعلينا أن نتحدّث بصراحة أن هناك بعض المؤسسات الصغيرة مهددة بالإغلاق وبتسريح الموظفين الذي يعملون لديها بينما بعض روّاد الأعمال أصبحوا ملاحقين من قِبل المحاكم بسبب الالتزامات المالية والشيكات المرتجعة رغم أن هذه المؤسسات لديها أعمال تجارية ومستحقات مالية وعقود سواء من قِبل المؤسسات الحكومية أو من الشركات لم يتم سدادها، وللأسف البعض أصبح يتأخر في دفع المستحقات المالية التي وصلت اليوم إلى أكثر من ستة أشهر مع بعض الشركات وعند المؤسسات الحكومية، ومن الملاحظ أيضا -وهذا حسب حديث عدد من روّاد الأعمال وممثلي المؤسسات الصغيرة- أن المؤسسات الحكومية تقوم بدفع المستحقات التي عليها لبعض الشركات الكبرى التي لديها عقود مع الحكومة ولكن للأسف بعض هذه الشركات الكبرى تماطل وتتأخر في الدفع للمؤسسات الصغيرة التي تعمل معها في بعض المشاريع مما تضع هذه المؤسسات أمام تحد حقيقي في الوفاء بالالتزامات التي عليها وبالتالي هذا الموقف يهدد القطاع بالكامل، وبلا شك سيكون له تأثير سلبي على كافة المؤسسات المتعاملة مع هذا القطاع إذا لم تتدخل المؤسسات المعنية بإيجاد حلول جذرية والتعاون مع المؤسسات الصغيرة في الحصول على حقوقها والاستمرار في دعم القطاع قبل أن نشهد تساقط المؤسسات الصغيرة واحدة تلو الأخرى.

الجميع متفائل، مع المؤشرات الإيجابية لهذا العام وبفضل الاستقرار النسبي في أسعار النفط، أن تشهد الظروف الاقتصادية تحسُّنا خلال المرحلة المقبلة، لذلك نأمل من المؤسسات الحكومية المعنية أن تلعب دوراً مهماً خلال هذه المرحلة وأن تعطي هذا الموضوع أهمية وأولوية وإيجاد البدائل والحلول لضمان دفع هذه المستحقات حسب الوقت المحدد وذلك من خلال تعزيز التعاون القائم بين المؤسسات الحكومية وبين روّاد الأعمال والمؤسسات الصغيرة وأيضا مع شركات ومؤسسات القطاع الخاص، وأعتقد أن هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (ريادة) يمكن أن تلعب دوراً أكبر في هذا المجال وأن تقوم بطرح مبادرات وأفكار جديدة في هذا الجانب وتحاول إيجاد الحلول لضمان استمرار دفع المبالغ لهذه المؤسسات الصغيرة حتى تستمر في النجاح والتغلّب على الصعوبات الحالية، كما يمكن العمل على حث الشركات الكبرى بطرق مختلفة على دفع المستحقات التي عليها للمؤسسات الصغيرة، كذلك من المهم أن تقوم المؤسسات الحكومية التي عليها التزامات مالية لهذا القطاع بإعطاء هذا الموضوع أولوية. ما يهمنا في الأمر طرح حلول واقعية نستطيع من خلالها دعم هذه المؤسسات الصغيرة وعلينا أن نتحرّك بسرعة لإيجاد حلول مناسبة لاستمرار نمو وتقدم المؤسسات الصغيرة والمحافظة على الإنجازات والنتائج الإيجابية التي تم تحقيقها خلال الفترة الماضية وأيضا حتى لا يدخل اليأس في نفوس روّاد الأعمال من الدخول في عالم التجارة والأعمال بل العكس يجب الاستمرار في التشجيع على استثمار الفرص التجارية الموجودة في هذا القطاع المهم.