مطار مسقط الجديد.. الحضارة تتحدث

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٣/أبريل/٢٠١٨ ٠٢:٥٠ ص
مطار مسقط الجديد.. الحضارة تتحدث

علي بن راشد المطاعني

ali.matani@hotmail.com

كل الأنظار توجهت في الأسابيع الفائتة إلى الحدث التاريخي الأهم محليا ألا وهو بداية تشغيل مطار مسقط الدولي الجديد، باعتباره منجزا حضاريا وعمرانيا وهندسيا كبيرا، كانت أمنية كل مواطن على ثرى هذه الأرض الطيبة في أن يرى مطار مسقط الجديد وهو يعكس ويعبر عن العنفوان الذي وصلت إليه نهضتنا الحديثة.

فالمطارات هي في الواقع كعناوين الكتب إذ يتعين على العنوان أن يقدم ملخصا كاملا للمحتوى ولكن في بضع كلمات فقط، وكان على مطار مسقط أن يقدم موجزا مختصرا لكل المنجزات الضخمة التي تحققت حتى الآن في إطار زخم النهضة المباركة، وقد استطاع العنوان أن يقدم ذلك المختصر المفيد حقا وفعلا، فقد أبهر المطار كل زواره، وكل المسافرين والقادمين عبره، وبات جديرا أن يحمل اسم هذه العاصمة العريقة ذات التاريخ والألق الضارب بجذوره عميقا في أعماق الأصالة، تلك هي «مسقط» وتلك كانت أقصوصة منجزها الجديد، وهو مطارها الجديد.
لقد كان الإنجاز وقد فاق حدود التصور متفردا بروعة المعمار الذي امتزج عبره تراكم حضارات ممتدة عبر الأزمان، ناطقا بحقيقة أن عُمان كانت أبدا هي الحضارة الأقدم والأعرق في شبه جزيرة العرب، ولا بد للمطار من أن يؤكد تلك الحقائق ماثلة للعين وقد فعلها بالفعل.
وفي كل منجز جديد، وفي كل خطوة عملاقة باتجاه الأفضل والأحسن والأروع لا بد من أن نتوقع بعض الهفوات التي يمكن تصويرها اجتماعيا كحالة الانتقال من بيت قديم إلى آخر جديد، وما يصاحب ذلك من ضجيج، فما بالنا إذا كان الانتقال من مطار لمطار، فلم يظهر في أيام التشغيل الأولى من الإشكالات العابرة غير إشكالات الحقائب التي استغرقت عملية سد ثغرتها ثلاثة أيام فقط عادت بعدها الأمور إلى الوضع الطبيعي والمعتاد، إشارة إلى حقيقة أن هناك الكثير من المطارات العالمية المعروفة كهيثرو وبرلين استغرقت عملية ترميم الثغرات ثمانية أشهر منذ انطلاقة التشغيل الأول، وقد أغلقت تلك المطارات لفترات طويلة لمعالجة تلك الهفوات قبل إعادة تشغيلها من جديد، وهذا لم يحدث ولله الحمد بمطار مسقط، وهذا إن دل فإنما يدل على تماسك ودقة واحترافية عملية الانتقال والتشغيل .
ومما يثلج الصدر بالفعل أن نجد أن 93% من الكادر العامل بالمطار هم من العُمانيين، وتلك مفخرة أخرى تضاف لسجل المطار إذ استطاع أن يؤهل الكادر الوطني في كل المرافق الحيوية ليقدم لنا هذه النسبة الجديرة بالتقدير والاحترام.
وما نود التأكيد عليه هو أن هناك معلما حضاريا عُمانيا ضخما بات يتحدث عن نفسه بنفسه وبكل اللغات الحية بكوكب الأرض، وأن العالم جميعه قد أشاد به، وأنه بات الآن العنوان الأكثر تداولا في عواصم الدنيا.
فحري بنا والأمر كذلك أن نثمن عاليا هذا المنجز، وأن نصفق بحرارة لكل الذين سهروا الليالي وهجروا الراحة والدعة وودعوا النوم المفضي للأحلام السعيدة ليقدموا لنا هذا الصرح البديع.