القطاع الخاص.. بين الرسوم ومطرقة المأذونيات

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٢/أبريل/٢٠١٨ ٠٣:٥٣ ص
القطاع الخاص.. بين الرسوم ومطرقة المأذونيات

محمد محمود عثمان

القطاع الخاص يعاني كثيراً من القرارات التنظيمية التي لا تتوافق مع إمكانياته أو الواقع المفروض عليه والأوضاع الاقتصادية السائدة، في غياب القرار المؤثر والفاعل لممثليه في غرفة التجارة والصناعة، الأمر الذي يحتاج إلى مبضع جراح اقتصادي خبير ومتمكن لإجراء الإصلاحات أو فرض الرسوم والضرائب، التي تتوافق مع احتياجات وظروف القطاع الخاص ومتطلبات المجتمع في الوقت ذاته، من خلال البحوث والدراسات الميدانية الموسعة والمسبقة، حول كل السيناريوهات للتعرف على جميع النتائج والتأثيرات الإيجابية والسلبية المتوقعة للقرارات أوالرسوم التي تفرض، بدون التشاور أو التنسيق مع غرفة التجارة الممثل الشرعي للقطاع الخاص، ضمانا لاستمرار المسيرة بدون حدوث هزات عنيفة تؤثر على العمل والإنتاج والتوظيف وعلى أنشطة القطاع الخاص بشكل عام، الذي يتأثر بشدة من القرارات غير المدروسة، ولا شك أنه ينعكس بشكل أو بآخر على المناخ الاستثماري، وذلك حتى نحمي الشركات الكبيرة قبل المتوسطة والصغيرة من عواقب الآثار السلبية للأزمات الاقتصادية المتتالية، وحتى تنجح في تحقيق المساهمة المتوقعة منها في التنمية الشاملة وتنويع مصادر الدخل، فالقطاع الخاص الناشئ تعترضه جملة من المعوقات بداية من الموارد المالية والتمويل والترويج والتسويق، كما تتحمل هذه الشركات أعباء مادية فوق طاقتها، أقربها ما يتعلق بالرسوم البلدية التي تم تأجيلها لإعادة الدراسة، الأمر الذي يستوجب سرعة تنظيم جلسات استماع في اللجان المتخصصة بغرفة التجارة والصناعة، بمشاركة رجال الأعمال ورموز القطاع الخاص للوصول إلى الحل المناسب، وكذلك مناقشة رسوم مأذونيات العمل التي ارتفعت بنسبة 50%، من 200 إلى 300 ريال، في ظل ظروف اقتصادية صعبة، وبدون الرجوع إلى ممثل القطاع الخاص وهو غرفة التجارة والصناعة، وما تلا ذلك من قيام وزارة القوى العاملة بحرمان هذه الشركات من الاستفادة من المأذونية بعد أن يغادر العامل الوافد بما يسمى «بدل مغادر» وقيام الشركات بتسديد رسوم المأذونية 300 ريال مرة أخرى، وهذا ضد المنطق والقانون لأن رسوم المأذونية محددة مقابل العمل لمدة عامين، الأمر الذي يتحتم معه تنظيم ذلك في حالة إلغاء عقد العمل قبل العامين، وكذلك في حالة عدم اجتياز العامل فترة الاختبار وإنهاء العقد أثناء هذه الفترة، حتى يتسق ذلك مع المادة 24 من قانون العمل رقم 35 لسنة 2003، وحتى لا تتحمل الشركات قيمة المأذونية التي لم تستفد منها، خاصة أن القانون أجاز إنهاء عقد العامل خلال فترة الاختبار التي لا تتجاوز مدتها ثلاثة شهور، لذلك قد يقع إنهاء عقد العامل بعد أسبوع أو أسبوعين فقط من فترة الاختبار، فتخسر الشركة قيمة هذه المأذونية كاملة بدون أن تستفيد منها، عندما يغادر العامل السلطنة، وترتفع الخسائر بزيادة عدد العمال المغادرين أثناء فترة الاختبار، حيث تتحمل قيمة رسوم المأذونيات الجديدة، بالإضافة إلى الجهد والوقت المهدر في سبيل الحصول على هذه المأذونيات، فكيف بمؤسسة صغيرة أو متوسطة تتحمل هذه الأعباء، في الوقت الذي تحتاج فيه إلى المساعدة والدعم، لأن تحصيل القوى العاملة رسوم المأذونية كاملة بدون أن تستفيد منها هذه الشركات أمر غريب، لأن تنظيم سوق العمل يتطلب إجراء المواءمات التي تضمن سير العمل بالقطاع الخاص بيسر وسلاسة، خاصة إن ذلك لا يستقيم مع القانون، لأنه لا يوجد سند من القانون لأن تحصل القوى العاملة على هذه المبالغ، خاصة أن القانون يسمح بإنهاء عقد العمل خلال فترة الاختبار؟، كما أن مطرقة القوى العاملة تمتد إلى معاقبة جميع الشركات التابعة لنفس صاحب العمل بوقف وتعطيل جميع معاملاتها مع الوزارة بدون ذنب اقترفته، في حالة وقوع مخالفة لإحدى الشركات التابعة له، حيث لا تزر وازرة وزر أخرى، وأن المسؤولية فردية اتجاه المخالفات والمخالفين، وكل مؤسسة أو شركة تحاسب عن خطئها، حتى تتم إزالة المخالفة وتوفق أوضاعها طبقا للقانون، وهذا أمر جيد ومحمود، بل ومطلوب من الوزارة حتى لا تتمادى الشركات في المخالفات، لأن معاقبة الشركات غير المخالفة التابعة لصاحب الشركة المخالفة أمر لا يستقيم مع معايير العدل و الشفافية، لأن تعطيل عمل هذه الشركات التي لم ترتكب مخالفة فيه إجحاف في حق هذه الشركات الملتزمة بالقانون، وهنا يأتي الدور الرئيسي لغرفة تجارة وصناعة عمان الممثل الرسمي للقطاع الخاص والمعبر عن آماله وتطلعاته في أن تناقش مع المسؤولين تصحيح هذه الإشكاليات، والاكتفاء بمعاقبة الشركة المخالفة فقط، وتخفيض رسوم مأذونيات العمل وإلغاء الـ 50 % الزيادة، وتقنين حالة إنهاء عقد العامل خلال فترة الاختبار أو خلال الستة شهور الأولى، وذلك بسرعة استبدال المأذونية لعامل جديد، بمجرد إثبات المغادرة، لأن غياب عامل واحد يؤثر عليها وعلى أنشطتها، أو استرجاع كامل قيمة المأذونية التي لم يستفد منها، بعد انتهاء فترة الاختبار، وبحث آلية استرجاع رسوم المأذونية على أساس كل ستة أشهرتم الاستفادة منها، حتى لا تحصل كاملة، وحتى لا تتهم وزارة القوى العاملة بجباية الأموال من الشركات بدون وجه حق وهي المسؤولة عن تنظيم سوق العمل، لأن الشركات ولا سيما الصغيرة والمتوسطة تحتاج إلى سرعة تدبير البديل لتسيير العمل بعيدا عن الإجراءات الطويلة أو الروتينية.

محمد محمود عثمان
mohmeedosman@yahoo.com