الصيد الحرام يهدد التنوع الأحيائي بالسلطنة

بلادنا الاثنين ٠٢/أبريل/٢٠١٨ ٠٣:١٦ ص
الصيد الحرام يهدد التنوع الأحيائي بالسلطنة

مسقط - عزان الحوسني

تبذل السلطنة جهوداً حثيثة لحماية الحياة البيئية والفطرية، ومن بين هذه الجهود سن القوانين والتشريعات وإنشاء المحميات الطبيعية وتعيين مراقبين ومشرفين ومختصين للقيام بأعمال حماية الحياة الفطرية وتطبيق القوانين والتشريعات، ومراقبة التعديات والانتهاكات التي تتعرض لها، بالإضافة إلى التوعية البيئية وتكوين شراكة مع المجتمع المحلي، إلا أن جميع هذه الجهود لا تتكامل إلا من خلال التعاون المجتمعي. مسؤولون وخبراء أكدوا خطورة حوادث انتهاكات الحياة البرية والفطرية على استدامة الموارد البيئية واستمراريتها، ومن أبرز تلك الانتهاكات عمليات الصيد غير المشروع.

استدامة المورد البيئي بالسلطنة

وللوقوف على قضية انتهاكات الحياة الفطرية التقت «الشبيبة» مدير دائرة الشؤون البيئية بمكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني د.صلاح بن سعيد المحذوري، الذي قال: «إن استدامة المورد البيئي بالسلطنة تكمن في مدى إدراك جميع أطياف المجتمع بالمسؤولية الملقاة على عاتقها، خاصة المؤسسات الحكومية والخاصة المعنية بحماية هذا المورد».
وأضاف المحذوري أن من الأسباب التي تؤثر على تدنّي حجم الثروة البيئة الطبيعية بالسلطنة في وقتنا الحاضر الصيد الجائر للحيوانات البرية وحالات التخريب في البنى الأساسية بالمحميات الطبيعية، لاسيما تجاه الحيوانات المهددة بالانقراض المصنفة ضمن القائمة الحمراء، حسب الاتحاد الدولي لصون الطبيعة، وعلى وجه الخصوص النمر العربي والمها العربية والغزال العربي والوعل العربي والوعل النوبي والطيور، موضحاً أن انتهاك الحياة البرية والفطرية يعد أمراً بالغ الخطورة ويجب الوقوف عليه، ناهيك عن قضايا التخريب في الممتلكات العامة مثل قطع سياج المحميات وسرقة الكاميرات الفخية المقننة لرصد ومتابعة الحياة البرية في تلك المحميات إلى جانب التعدي السافر بقطع واقتلاع النباتات الطبيعية النادرة التي تزخر بها البيئة العمانية.

زيادة الوعي والإدراك

وأكد المحذوري على أن تكاتف الجهات سيؤدي لتناقص حالات انتهاك الحياة البرية والفطرية، وقال: «لا ريب أن تكاتف الجهات المعنية كافة بالشأن البيئي وتعاون أفراد المجتمع بالسلطنة سيؤدي حتماً إلى انخفاض الجريمة في هذا القطاع، وسينعكس ذلك حتماً على زيادة الوعي والإدراك عند تلك الفئة، وذلك لكون أفراد المجتمع من المواطنين والمقيمين هم شركاء فاعلون لاستدامة البيئة ومواردها الطبيعية، ونأمل من المنظومة المعنية بالشأن البيئي مراجعة مختلف القوانين المنظمة لهذا الشأن ووضعها محل تفعيل وتنفيذ إزاء من تسول له نفسه العبث بالمورد البيئي الطبيعي».

جهود وزارة البيئة

وعن جهود وزارة البيئة والشؤون المناخية لحماية الحياة البرية والفطرية، قال المدير المساعد لدائرة المحميات الطبيعية بالندب علي الراسبي: «تبذل الوزارة جهوداً كبيرة من أجل الحفاظ على الحياة الفطرية في السلطنة، ويأتي ذلك من خلال سن القوانين والتشريعات وإنشاء المحميات الطبيعية ووحدات حماية الحياة الفطرية للمحميات والمواقع التي توجد بها حياة فطرية خارج حدود المحميات الطبيعية، وقد جرى تعيين 260 مراقباً ومشرفاً ومختصاً للقيام بأعمال حماية الحياة الفطرية وتطبيق القوانين والتشريعات، ومراقبة التعديات والانتهاكات التي تتعرض لها، بالإضافة إلى التوعية البيئية وتكوين شراكه مع المجتمع المحلي».

المحميات الطبيعية

وأشار الراسبي إلى أن عدد المحميات الطبيعية التابعة لوزارة البيئة والشؤون المناخية والتي أُنشئت بمراسيم سلطانية سامية يبلغ 18 محمية طبيعية، بمجمل مساحة تصل إلى حوالي 3.8%من المساحة الإجمالية للسلطنة.

وعن التهديدات التي تتعرض لها الحياة الفطرية قال الراسبي: «تنقسم التهديدات إلى نوعين هما: تهديدات متعلقة بالأسباب الطبيعية ومنها الجفاف وشح المراعي والأمراض، وتهديدات تتعلق بالتدخلات البشرية، سواء بسبب التنمية العمرانية كشق الطرق أو الزحف العمراني وإنشاء مشاريع البنية الأساسية، ما أدى إلى تقلص البيئات التي تعيش فيها تلك الحيوانات».

نشر الوعي البيئي بين

أفراد المجتمع

وأشار المدير المساعد لدائرة المحميات الطبيعية بالندب إلى أن من بين الأسباب الأخرى الانتهاكات وعمليات الصيد غير المشروع والرعي الجائر. وقد تزايدت عمليات الصيد غير المشروع لمفردات الحياة الفطرية خلال العقود الثلاثة الفائتة، ما أدى إلى نقص بعض الأنواع من الحيوانات البرية من بيئتها الطبيعية رغم الجهود التي تبذلها الوزارة سواء كانت هذه الجهود تتعلق بضبط المخالفين أو نشر الوعي البيئي بين أفراد المجتمع.
وأوضح الراسبي أنه رغم كل الجهود التي تبذلها الوزارة في الحد من عمليات الصيد التي تتعرض لها مفردات الحياة الفطرية إلا أن هناك تحديات كبيرة بسبب اتساع رقعة المساحة التي تنتشر فيها تلك الحيوانات ومحدودية الموارد المتاحة.
وعن دور الجانب التشريعي لحماية الحياة البرية قال نائب رئيس اللجنة الصحية والبيئية بمجلس الشورى سعادة أحمد بن سعيد الحضرمي: «بما أن مجلس الشورى جهة تشريعية، فإننا مع تطبيق نصوص القانون للمتورطين في اصطياد هذه الحيوانات المهددة بالانقراض من البيئة العُمانية»، ويؤكد الحضرمي على ضرورة ملاحقة المتورطين في هذا الأمر ومعاقبتهم متى ما ثبت ذلك.

مشروع قانون البيئة

وأشار سعادته إلى أن مشروع قانون البيئة جرت دراسته في دور الانعقاد الأول، وكان من المفترض أن يُناقش في دور الانعقاد الثاني ولكن جرى تأجيله لوجود بعض النواقص به، وما زالت اللجنة عاكفة على تعديل النواقص التي يتركز معظمها في الغرامات والعقوبات، أما باقي المواد فهي مكتملة وتلامس واقع البيئة العُمانية.
من جانبها قالت جمعية البيئة العُمانية إن صيد الحيوانات المهددة بالأخطار والاتجار بها هو أمر شديد الخطورة، إذ إنه يهدد التنوع الأحيائي للسلطنة، وبالتالي يؤدي إلى خللٍ في النظام البيئي الفريد للسلطنة، لذا فإن جمعية البيئة العُمانية، حالها كحال بقية الجهات المهتمة بالبيئة وحمايتها، تدعو إلى التحقق من هذا الأمر ومتابعته لإثبات صحة هذه الأخبار، واتخاذ الإجراءات المناسبة في حالة ثبوت صحتها، وتدعو الجميع إلى وقف هذه الممارسات الخاطئة التي تؤثر سلباً على بيئتنا، مشيرة إلى أن الجمعية أولت منذ فترةٍ طويلة اهتماماً شديداً لنشر الوعي حول حماية الأنواع والفصائل العُمانية وبقية مفردات التنوع الأحيائي سواء أكانت من مملكة الحيوان أو النبات أو من البيئة البرية أو البحرية، وستعمل الجمعية جاهدة لمواصلة جهودها لنشر الوعي والتثقيف البيئي اللازم.
وأضافت أن الجمعية تقوم بمهمة تنفيذ الدراسات والأبحاث العلمية حول بعض هذه الأنواع المهددة أكثر من غيرها بأخطار الانقراض، ومشاركة النتائج مع الجهات المختصة كافة والمعنية بالشأن البيئي، لضمان تطبيق أفضل سياسات وخطط الصون والحماية.