الاحتراف في دورينا.. حلم أم واقع؟

الجماهير الخميس ٢٩/مارس/٢٠١٨ ٠٤:٠٥ ص
الاحتراف في دورينا.. حلم أم واقع؟

متابعة - سعيد الهنداسي

بعد مرور 5 سنوات على دخول الاحتراف إلى الدوري العُماني لكرة القدم ما زالت كُرتنا بعيدة كل البُعد عن الاحتراف الحقيقي، وما يزال الاحتراف الحقيقي المُطبَّق في دول العالم المتطوّر غائبا عن المشهد في دورينا العُماني!

لماذا لم نتقدّم خطوات ملموسة في «الاحتراف»؟ وهل فعلا كنا في عجلة من أمرنا في تطبيقه أم إن الظروف لم تساعد المسؤولين عن كُرتنا العُمانية من أجل ظهور الاحتراف بالصورة المطلوبة؟ وماذا عن مستقبل دورينا في عالم الاحتراف؟ وما حقيقة أن الاتحادين الآسيوي والدولي سيقومان بإيقاف أندية محلية عُمانية لعدم تنفيذها بنود العمل الاحترافي؟
كل هذه الأسئلة وغيرها طرحناها على المعنيين بشأن الاحتراف في كُرتنا العُمانية لوضع النقاط على الحروف من أجل أن نرى يوما من الأيام احترافا عُمانيا حقيقيا.

دور الوزارة: رد ودي ثم رسمي

في محاولة منّا في أخذ رأي الوزارة حول موضوع الاحتراف تواصلنا مع أحد المعنيين بالأمر في الوزارة وطلب منا التواصل مع قسم العلاقات العامة في الوزارة والذي بدوره تم ترشيح شخص للحديث عن الموضوع، وفي البداية تحدّث لنا بأن الوزارة غير معنية بأمر الاحتراف وأن الاتحاد العُماني لكرة القدم هو المسؤول الأول عن هذا الأمر.

خالد الرواس: خطة متكاملة لمشروع الاحتراف

ولأن حديث الاحتراف ليس حديث اللحظة بل كان الحديث عنه لسنوات وتحديدا عندما بدأنا أولى الخطوات بإشهار دوري المحترفين في موسم 2013 - 2014، كان لزاما علينا أن نستمع إلى رأي أصحاب الفكرة حينها في الاتحاد الكروي العُماني السابق وهنا تحدّث إلينا خالد الرواس عضو الاتحاد العُماني السابق واللاعب السابق في منتخباتنا الوطنية فقال: الاتحاد السابق في فترة رئاسة السيد خالد بن حمد البوسعيدي وتحديدا في شهر يونيو من العام 2013 وبعد المشاركة في خليجي 21 بمملكة البحرين الشقيقة اجتمع مجلس إدارة الاتحاد وتم وضع خطة متكاملة عن موضوع الاحتراف وتسليم نسخة من هذه الخطة إلى وزارة الشؤون الرياضية والتي بدورها قدّمت الخطة أو المقترح إلى مجلس الوزراء الموقر والذي بدوره طلب تأجيله كونه يحتاج إلى دراسة، وعلى إثر هذا التأجيل اجتمع مجلس إدارة الاتحاد العُماني لكرة القدم مع الأندية وقرروا أن يبدؤوا بالاحتراف وتكون البداية بشكل تنظيمي.

وحول تفاصيل خطة الاحتراف أضاف الرواس: تتلخص حول توفير 3 ملايين ريال عماني من الحكومة لتوزيعها على الأندية التي تشمل حقوق النقل والتسويق والمصاريف الخاصة بالمسابقة، وكان من الضروري البداية بهذه الخطوة وتم أخذ الموافقة من الأندية وتشكيل رابطة دوري المحترفين من هذه الأندية، وكانت الصورة واضحة من البداية للجميع أن المبالغ ستكون من خلال بحث الاتحاد عن رعاة للمسابقة وتوزيعها على الأندية، وأريد أن أؤكّد هنا أن وزارة الشؤون الرياضية على علم بكل هذه التفاصيل ونوجّه لهم الشكر على أنهم قاموا برفع المقترح للجهات الحكومية والتي رفضت تبنّي هذا المشروع الخاص بالاحتراف.

محسن المسروري: نحن بعيدون عن الاحتراف

بعد استماعنا لرأي عضو مجلس إدارة الاتحاد السابق، كان من الطبيعي أن نسمع وجهة الاتحاد الحالي والقائمين على إدارته؛ فتواصلنا أيضا مع محسن المسروري، النائب الأول لرئيس الاتحاد الحالي، والذي سألناه بداية عن وضع الاحتراف في عهد الاتحاد الحالي فقال: الاحتراف بمعناه الحقيقي نحن بعيدون عنه لمسافات كبيرة لأنه يجب أن يقوم على أسس كثيرة وأن يبدأ بتوجه حكومي لتوفير الكثير من المال وتفريغ لاعبين ويحتاج إلى تغيير الكثير من التشريعات والقوانين، أما أنْ يقوم الاتحاد بالعمل على تنفيذ الاحتراف بمفرده فهذا لا يمكن أن يتحقق، وفي نفس الوقت نحن مجبرون الآن من خلال أنظمة الاتحادين الآسيوي والدولي على أن نبدأ ولكن البداية تكون بالتدرّج خطوة بخطوة بالذي نستطيع القيام به في سنة وأكثر حتى تنضج الفكرة من خلال وعي إداري وجماهيري وإعلام بالإضافة إلى تثقيف من خلال عقد دورات وليس فقط مجرد احتراف مادي وعقود لاعبين بل احتراف إداري حتى يستطيع التعامل مع اللاعب المحترف أيضا، ولا بد من توفر سيولة مادية وسوق اقتصادي يكون به رعاة للمسابقات وكل هذه الأمور نحتاجها للاحتراف.

سوء فهم

وحول المؤتمر الأخير للاتحاد الدولي في مسقط وقضية إيقاف الأندية التي لا تطبّق شروط الاتحاد الآسيوي في موضوع الرخص الدولية، أشار المسروري إلى ذلك بقوله: يبدو أن هناك سوء فهم بخصوص هذا الموضوع لأن الاتحاد الدولي والحلقة التي عُقدت بمسقط ليست لها علاقة بالاحتراف والاتحاد العُماني وهي عبارة عن حلقات ينفّذها الاتحاد الدولي بين فترة وأخرى من خلال تجميع مجموعة دول في مكان واحد تستضيفه دولة معيّنة ويتم من خلالها مناقشة المسابقات والتطوير الفني في الاتحاد الدولي والتسويق وتتم استشارة الاتحادات المشاركة والاستماع إلى آرائهم ووجهات نظرهم حولها والنقاش يتم في مجموعات مغلقة، وليست له علاقة بالاحتراف أو بالاتحاد العُماني.

معنى الترخيص

ويضيف المسروري: في اليوم التالي للحلقة والمخصّصة للاتحاد الآسيوي مع مدير التراخيص وهو المعني به الاتحاد العُماني والخاص بالاحتراف لدى الاتحاد العُماني لكرة القدم، تم الشرح لرؤساء الأندية ما يعنيه الترخيص ويكون نقاشا مفتوحا بين الاتحاد الآسيوي والأندية العُمانية والإجابة عن كل تساؤلاتهم حول الاحتراف ما له وما عليه بكل وضوح، والذي أشار إلى أن هناك مجموعة كبيرة من الاتحادات المنتسبة للاتحاد الآسيوي طبّقت الاحتراف وعددها قرابة 41 اتحادا ولم تتبقَّ سوى اتحادات قليلة لا تتعدّى 4 اتحادات لم تطبّق الاتحاد في القارة الآسيوية؛ وسبب ذلك ظروف خاصة بها كالوضع السياسي أو الإيقافات.

بداية خاطئة

وحول مرور 5 سنوات حتى الآن من البدء في موضوع الاحتراف والذي لم نرَ له نتائج حتى الآن أشار المسروري إلى رأيه في هذا الأمر قائلا: إن بداية الاحتراف كانت بطريقة خاطئة لأنها كانت بدون أسس صحيحة، فقالوا إنه بداية العمل سيكون تنظيميا ثم تلا ذلك في السنة الثانية قيل لنا إن الحكومة لن تدعم مشروع الاحتراف وسنحاول أن نجد تسويقا للمسابقات ولم نتمكّن من ذلك فبدون الدعم الحكومي لن تستطيع البدء في مشروع الاحتراف الحقيقي لأن التوجه الحكومي هو أهم شيء في المنظومة.

تواصل مع الوزارة

وعن دور وزارة الشؤون الرياضية حاليا في موضوع الاحتراف في عهد الاتحاد الحالي أكّد المسروري على متانة العلاقة مع الوزارة، وأضاف: نحن في تواصل تام مع وزارة الشؤون الرياضية في كل صغيرة وكبيرة وهناك خطوات تنسيقية من خلال معالجة مشاكل المديونيات على الأندية المحلية والوضع المالي، ونتفاءل ليكون الوضع أفضل مستقبلا مع حاجتنا إلى أن يكون هناك توجه حكومي أكبر مع زيادة الدعم للاتحادات والأندية وتفريغ اللاعبين.

حمزه البلوشي: الاحتراف أمنية

رئيس نادي الشباب حمزة البلوشي تحدّث بداية عن تمنّي الاحتراف فقال: الاحتراف مَن منا لا يتمنّاه، ولكن يجب أن نساعد الاحتراف ونمشي به على خطوات فهناك من سبقنا إلى ذلك. أنْ نأتي ونطبّق الاحتراف مرة واحدة يبقى أمرا صعبا وله توابع مؤثرة مستقبلا. ونحن كأندية واتحاد نشتغل على الاحتراف ونتمنّى من الاتحاد أن يفتح أبوابه بشكل كبير لتعريف الأندية بمعنى الاحتراف من خلال حلقات تدريبية لكل مَن يعنيه الاحتراف.

وحول أبرز صعوبات الاحتراف يُضيف رئيس نادي الشباب بقوله: الكل يقول إن المادة هي الأصعب في الاحتراف ولا أحد يُنكر ذلك، ولكن الاتحاد إذا لم يثقّف الجانب الإداري في الأندية فكيف يكون للاحتراف وجود؟ والمطلوب من الاتحاد العُماني لكرة القدم أن ينسّق مع الاتحاد الآسيوي بتكثيف الدورات البرامجية على أساس أن يلتحق بها كل أعضاء مجالس إدارة الأندية. وأنا مع الاحتراف الإداري أولا، فكيف لرئيس ناد يُدير مؤسسة مثل الأندية وهو غير محترف أن يُسيّر أمور مؤسسته؟ نتمنّى من الاتحاد أن تكون هناك عملية تسويق اقتصادي وكذلك البث التلفزيوني يكون لصالح الأندية الذي طالبت الأندية به.

محمد العاصمي: نحتاج إلى أرضية صلبة

تحدّث الناقد والمحلل الرياضي محمد العاصمي عن موضوع الاحتراف قائلا: لا أعتقد أن كلمة الاحتراف هي كلمة سهلة حتى نطلقها لأن كل بناء يحتاج له أرضية صلبة وإذا لم يقف على هذه الأرضية الصلبة فلن يطول كثيرا كما حدث مع الكثير من الدول. أما الحديث عن احتراف تنظيمي وشكلي فهذا الأمر لا أؤمن به، إما أن يكون لدينا احتراف بمعنى الكلمة أو ننتظر حتى تتوفر الظروف المناسبة لتنفيذه، وهذا المشروع يبقى مشروعا حكوميا وليس مشروع اتحاد أو وزارة فقط لأن الأمر يحتاج إلى إعادة صياغة في أمور الرياضة والأندية وقوانين وتشريعات تتغيّر وفق المتطلبات الدولية والأمر أكبر من مجرد قرار يُتّخذ من مجلس إدارة اتحاد وجمعية عمومية والمؤسسات هذه ليس لديها استقلال مالي ومرتبطة بدعم حكومي بالدرجة الأولى.

نعم استعجلنا

ويختم العاصمي حديثه بقوله: نعم، استعجلنا في موضوع الاحتراف ولم تكن له أرضية صلبة. ويتساءل العاصمي: ماذا جنينا من الاحتراف؟ وهل ساهم الاحتراف في ارتفاع مستوى اللاعبين والمنتخبات بل كانت له نتائج عكسية، ولن أكون متشائما على أقل تقدير لم نتقدّم خطوة منذ أن طبّقنا الاحتراف وبقت الأندية غير واضحة لديها التفاصيل عن الاحتراف وحتى عندما ألغينا كلمة الاحتراف لم يتغيّر شيئا فلم نجد مصادر دخل للأندية، وأتمنّى أن نجد إدارات تُدير نفسها بنفسها.

يونس أمان: لسنا محترفين
المدرّب يونس أمان بدأ حديثه قائلا: إننا لسنا محترفين وفي نفس الوقت نحن نتعامل مع عالم احترافي سواء منتخبات أو مؤسسات قارية ودولية، والعالم أصبح قرية صغيرة ولا بد أن توفي بالالتزامات إذا ما أردت المشاركة معها، ولا أرى أن هذه الالتزامات المتعلقة بالرخص الدولية معقدة لأن هناك أندية أنجزت الكثير من الخطوات في هذا المجال، ويبقى هو عمل تنظيمي تم تجاوزه في أول سنوات الحديث عن الاحتراف وتبقت أمور إدارية ومالية، فليس من المعقول أن نرى إدارات أندية تبالغ في الصرف والتعاقدات ثم تتنحى أو تستقيل وتقوم الإدارات التي تليها بتحمّل نتائج هذه الأخطاء.

يضيف المدرّب يونس أمان قائلا: يبقى أن الاحتراف اليوم أصبح واقعا والأمور المطلوبة من قِبل الاتحادين الآسيوي والدولي ليست بالمعقّدة بل يمكن تنفيذها وفق أطر ونظم تساعد الأندية والاتحاد معا من خلال شراكة بين الاثنين، ويبقى للجمعيات العمومية دور مهم من خلال دورها الذي يجب أن تقوم بها، ويبقى هناك دور للحكومة لا بد أن تقوم بها تجاه الاتحادات والأندية، ويجب أن نتعامل بصدق واستغلال المجمّعات الرياضية بشكل أفضل ويجب العمل على الأندية.

أنور الحبسي: المعنى الحقيقي للاحتراف

مدرّب نادي المضيبي -الصاعد حديثا لدوري عمانتل- أنور الحبسي تحدّث عن الاحتراف من وجهة نظر فنّيّة بحتة فقال: الاحتراف مصطلح لم تصل إليه الكرة العُمانية حتى اليوم، ولن نصل إلى معناه الحقيقي إلا بوجود التفرّغ الكامل وتحوّلنا من ممارسة كرة القدم كهواية لشغل وقت الفراغ إلى مهنة يرتبط بها اللاعب والمدرّب والإداري.

ويضيف الحبسي: لن نهضم حق المسؤولين عن الرياضة العُمانية، فهناك محاولات واجتهادات لوضع أساس مصطلح الاحتراف في رياضتنا ولكن ما زالت هذه المحاولات خجولة ولا ترتقي إلى طموحات الرياضي العُماني الذي يطمح إلى ما هو أفضل مما نشاهده حاليا، فمحاولات الاتحاد الدولي والاتحادات القارية لإيصال مفهوم الاحتراف لجميع الاتحادات المنتسبة لها واضح ولا يكاد يخفى على أحد؛ فالأنظمة والقوانين المرتبطة بتراخيص الأندية للمشاركة في البطولات القارية هي خير دليل على سعي هذه الاتحادات إلى الدفع بالاتحادات المتخلفة عن واقع الاحتراف الحقيقي إليه.