هكذا كان الناس منذ الأزل

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٩/مارس/٢٠١٨ ٠٣:٤٦ ص
هكذا كان الناس منذ الأزل

علي بن راشد المطاعني

ali.matani@hotmail.com

إذا كنا نلتمس العذر للبعض فذلك لأنهم يعانون من تبعات الأزمة الاقتصادية التي تخيم على العديد من الدول المعتمدة على النفط كمصدر رئيسي من مصادر الدخل وكنتيجة حتمية لانخفاض أسعاره عالميا وتذبذبها صعودا وهبوطا وتأرجحا ما يزيد من المصاعب التي تواجهها هذه الدول في وضع الميزانيات السنوية الخاصة بها، إذ يتعين عليها أن تضع سعرا محددا لبرميل النفط تبني عليه الموازنة كلها.

وهذه صورة تقريبية لموازنات الدول التي تعتمد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، وعلى هذا الأساس يأتي دائما الحديث عن تنويع مصـادر الدخل والسعي الحثيث لإيجــاد مصـــادر أخرى ذات سعر ثابت وقادرة على سد الثغرة الناتجة عن مشكلات النفط، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
في أوضاع كهذه تبدأ الدول في اتخاذ خطوات اقتصادية تقشفية باتت معروفة لدى الكل، ونعلم تماما أن أصحاب الدخل المحدود هم الذين يعانون أكثر من غيرهم، وفقا لنظرية سهلة تقول بارتفاع الأسعار في السوق يقابله بقاء الدخل على ما هو عليه، هنا تكمن كل المواجع التي يعاني منها أصحاب الدخل المحدود، هذه الفئة هي التي تعمل الحكومة على تخفيف الأعباء المعيشية عنها بإجراءات وقرارات نشاهدها ونعايشها يوميا، وهذا يعني أن الحكومة تعايش معهم ذات الأوضاع وهم دائما على البال والخاطر باعتبارهم يمثلون الشريحة الأهم في المنظومة الاجتماعية.
هناك شريحة أخرى وهم رجال الأعمال والأثرياء والمقتدرون، وهي أيضا شريحة مهمة من شرائح المجتمع، فهم الذين يملكون المصانع والمعامل والشركات، وإسهاماتهم الاجتماعية مقدرة وتستحق الإشادة والتقدير فهم يشاطرون الحكومة كل الهموم وكل الأوجاع، والاسم المعروف لهم هو (القطاع الخاص) وهؤلاء هم الذين يحملون على عاتقهم مسؤولية تشغيل الشباب في شركاتهم ومصانعهم ومعاملهم، وهم يساهمون بذلك في تحطيم صنم البطالة إلى أن يصبح ذات يوم أثرا بعد عين بحول الله.
وبما أنهم مقتدرون فإن انعكاسات الأزمة الاقتصادية عليهم كأفراد تكاد تكون معدومة بحكم وضعهم الاقتصادي الجيد، هم بدون شك يثمنون عاليا ما قدمته لهم الحكومة من خدمات وتسهيلات وامتيازات مكنتهم من أن يشاطروها المسؤولية الجسيمة كما ذكرنا، ثم أضحوا رجال أعمال يشار إليهم بالبنان، والحكومة في ذات الوقت ستستمر في تقديم كل الخدمات إليهم باعتبارهم جزءا أصيلا من الحلقة الاقتصادية التي تمثل اقتصاد الوطن برمته.
فإذا كان أصحاب الدخل المحدود يعانون من تبعات الأزمة الاقتصادية بنحو شخصي، فإننا نندهش إذا ما وجدنا الشيء نفسه من بعض المنتمين بالفخر كله لهذه الفئة المميزة من أبناء الوطن، هذه نقطة يصعب هضمها بالتأكيد.
نأمل أن يعي كل أبناء الوطن أن الحكومة الرشيدة تعمل وفق كل طاقاتها لتوفير أسباب الحياة الكريمة للجميع، وتعمل كما هو واضح لمعالجة معاناة أصحاب الدخل المحدود، وفي ذات الوقت فعندما نسمع من بعض الأثرياء بأنهم أيضا يعانون معيشيا فإن ذلك يستحيل هضمه.