اقتصاديون: التعمين يُعنَى بالكيف وليس الكمّ

مؤشر الاثنين ٢٦/مارس/٢٠١٨ ٢٣:٣٣ م
اقتصاديون: التعمين يُعنَى بالكيف وليس الكمّ

مسقط- ش
قالت خبيرة اقتصادية عمانية إن شركات القطاع الخاص في السلطنة يجب أن يكون لديها خطة خمسية لتوظيف وتدريب الشباب العماني بدلا من مجرد التوظيف بأعداد كبيرة لتحقيق النسب المطلوبة.
آن الكندية هي عضوة في الجمعية الاقتصادية وقد سبق لها أن شغلت مناصب في وزارة المالية والمجلس الأعلى للتخطيط. وهي ترى أن الخطة الوطنية لإعداد الشباب العماني لسوق العمل، والتي تعرف أيضا باسم التعمين، غالبا ما يتم تفسيرها بشكل خاطئ من قبل شركات القطاع الخاص، وأنها قد سببت ارتباكا واستياء في سوق العمل.
وقالت آن الكندية: "لا يعني التعمين أبدا مجرد توظيف مئات من العمانيين، بل هو بالأحرى يُعنى بتطوي العمانيين حتى يتمكنوا من أداء العمل بشكل أفضل، إنه يُعنى بتطويرهم من حيث النواحي المالية والكفاءة والثقة بالنفس.
وأضافت آن بحسب ما نقلته "تامز أوف عمان"، "لذلك ينبغي للشركات وضع خطة قبل توظيف العمانيين، وتقديم هذه الخطة إلى الحكومة، ليس مجرد الأرقام بل أيضا خطة خمسية حول كيفية تطويرهم للشباب العماني. لا يمكن لشركة ما أن تستوعب عشرة سائقين ثم تقول إنها قد امتثلت لنسبة التعمين، هذا ليس امتثالا، ولكنه تهرب".
وزادت قائلة: "يجب أن يكون التعمين سياسة نوعية وليس كميّة، وهذا هو دور وزارة القوى العاملة وليس دور القطاع الخاص. ومع ذلك فإن التنفيذ هو مسؤولية القطاع الخاص. الأمر الثاني هو أن التعمين يجب أن يكون سياسة لتنمية الموارد البشرية، وليس أداة للتوظيف، حيث ينبغي في نهاية المطاف أن يوفر مجموعة من المواهب للبلاد".
وأضافت أيضا أنه على الرغم من أن الكثير من الشركات الكبرى قد امتثلت لمعدلات التعمين، فإن موظفيها في مستوى الإدارة الوسطى أو مستويات اتخاذ القرار ليس بينهم أي مواطن عماني. كما نددت الكندية أيضا بشكاوى القطاع الخاص من نقص الكفاءات بين العمانيين مستشهدة بنموذج التعمين في قطاع النفط والغاز.
"لننظر إلى قطاع النفط والغاز، سنجد أن العمانيين يعملون في حقول النفط تحت حرارة الشمس الحارقة والقطاع يؤدي بشكل جيد. وهذا لأن الشركات مثل شركة تنمية نفط عمان بذلت جهودا لوضع نموذج راسخ للتنمية المحلية. وبعد ذلك لا يمكن لأحد أن يقول إن العمانيين لا يمكنهم العمل أو أنهم كسالى. هذا غير مقبول ولا معقول".
وتظهر البيانات الحكومية من المركز الوطني للإحصاء والمعلومات أن نحو نصف العمانيين العاملين في القطاع الخاص يحصلون على أقل من 550 ريال عماني وهو ما ترى الكندية أنه يمثل جزءا كبيرا من المشكلة.
قالت الكندية: "هذا يدل على أنك قمت بتعيين عمانيين لملء الوظائف الأدنى لأنك لم تبذل الجهد للبحث عن العمانيين الأكفاء. هذه العقلية تحتاج إلى تغيير. هناك بعض العمانيين اللامعين الذين يتخرجون من الكليات الجامعية كل عام وهذا السلوك يضر بثقتهم بأنفسهم".
ورغم أنها مدافعة عن التعمين، ترى الكندية أن النظر إلى الوافدين باعتبارهم منافسين في سوق العمل ليس صحيحا أيضا.
"إن تنمية الموارد البشرية في عمان هي مسؤولية مشتركة بين القطاعين العام والخاص. لقد حان الوقت لتوجيه المسؤولية الاجتماعية للشركات نحو التدريب والتطوير. أنا أؤمن ببيئة عمل متعددة الثقافات، وقد ساعد جميع الوافدين في بناء عمان، وعلى العمانيين أن يتعلموا منهم، حيث ينبغي أن يكون هناك نقل للمعرفة من الوافدين إلى العمانيين. كما أؤمن أيضا بأن الجنسيات المتنوعة تثري الثقافة".
من جهة أخرى، قال بانكاج كيمجي، المدير الشريك في شركة كيمجي رامداس: "من حيث التعمين، لو كان عليك ببساطة أن تأخذ مليوني مواطن عماني وتضعهم محل المليوني وافد، فهذا ضخم جدا؛ هذا أمر غير منطقي بالطبع، ولكن هل هذا ممكن عمليا؟ لا يمكنني أن أستبدل عامل زراعي أو سائق شاحنة ثقيلة أو حارس أمن يعمل لمدة 14 ساعة في اليوم أو عامل ميناء بعامل عماني".
وأضاف: "الأمر الثاني، هناك مهارات، وعمان تحتاج إلى إعادة برمجة نظام التعليم والتعليم الفني وإلى التأقلم مع التعليم القائم على المهارات بدلا من التعليم المهني. أنا أحاول دائما التأثير على المجتمع وتثقيفه بالقول إن ثلثي الأطفال في البلدان المتقدمة لا يسعون للالتحاق بالتعليم النظري بعد سن الرابعة عشرة بل إنهم يذهبون إلى التعليم القائم على المهنة والمهارة".
قال فابيو سكاسيافيلاني، كبير الاقتصاديين في صندوق عمان للاستثمار: "بنبغي على الحكومة أن تستهدف سياسات تأخذ بعين الاعتبار مجموعة مهارات القوى العاملة العمانية وتقوم بتوسيعها. وبصفة خاصة يحتاج نظام التعليم إلى تزويد الطلاب بالمهارات المهنية والتقنية التي يتطلبها السوق والتي تعاني من نقص في المعروض في الوقت الحالي. ويتمثل التحدي في تعزيز قدرات وكفاءة القوى العاملة للتأكد من قدرة العمانيين على المنافسة بفاعلية في سوق العمل والاستفادة من الفرص التي توفرها الحكومة من خلال جهود التنويع الاقتصادي التي تجري على قدم وساق. وعلاوة على ذلك، من الضروري توجيه الطلاب في اختيارهم للمناهج الدراسية، إذ يتعين أن يكونوا على علم كاف بالفرصة الوظيفية والكفاءات المهنية التي سيكون عليها طلب كبير في المستقبل تجنبا لحدوث الانفصال بين الوظائف الشاغرة من جهة والطموحات والمهارات من جهة أخرى. والقطاع الخاص بحاجة إلى المساهمة في هذا الجهد من خلال التواصل الفعال مع المدارس والجامعات وتحفيز الطلاب على تحقيق أهداف طموحة بدلا من السعي لقطف الثمار الدانية السهلة".
وأضاف: "للأسف، ليس هناك وصفات سهلة لسياسات توظيف ناجحة في عمان، كما هو الحال في بقية دول العالم. إن المنافسة العالمية في الوقت الحاضر تعتمد على جودة رأس المال البشري. ومن حيث الجوهر، الاقتصاد العالمي هو مسابقة بين أفضل العقول. ويتمثل التحدي الذي يواجه صانعي السياسات في تحسين الموارد وتصميم سياسات على المستويين الكلي والمصغر، تستهدف التحسين المستمر للقوى العاملة عبر جميع مستويات الخبرة".