مسجد بالجزائر.. حوّله المستعمرون إلى إسطبل ثم عاد صادحًا بالأذان

مزاج الاثنين ٠٧/مارس/٢٠١٦ ١٧:٣٨ م
مسجد بالجزائر.. حوّله المستعمرون إلى إسطبل ثم عاد صادحًا بالأذان

الجزائر-العمانية/تضمُّ مدينة وهران الواقعة بالغرب الجزائري، عشرات المساجد العتيقة، ويُعدُّ مسجد الباي محمد عثمان الكبير ومقبرته بخنق النطاح واحدا من أبرزها وأهمّها، حيث تمّ بناؤه بعد تحرير مدينة وهران من الاستعمار الإسباني عام 1792، في شكل فيلا صغيرة، ليكون مقبرة للباي محمد عثمان الكبير وأفراد عائلته. وهذا ما حدث بالفعل سنة 1799 بعد وفاة الباي، لكن السلطات الفرنسية قامت عند احتلالها لوهران سنة 1831، بنقل جثمان الباي إلى مقبرة أخرى مجاورة، وفقا لروايات بعض المؤرخين. وقد حوّل الفرنسيون هذه الفيلا التي تُشكّل المسجد إلى مأوى تداول عليه عدد من الأوروبيين من ذوي الأصول الإسبانية، واتّخذوا منه ثلاثة بيوت للسكن، كما جعلوا من حديقته الخلفية التي تُشكّل ساحته الغربية بأشجارها مربطا لحيواناتهم، وبقي المسجد على تلك الحال حتى سنوات الخمسينات من القرن الماضي، وهو التاريخ الذي شهد فيه هذا المسجد تحوُّلاً في وظيفته حينما قرّرت السلطات الاستعمارية التنازل عنه لفقيه بسيط شرع يُعلّم الصبيان داخله القرآن الكريم إلى أن استعادت الجزائر استقلالها سنة 1962.

وظل هذا المسجد لعشرات السنين معزولا عن المدينة القديمة لوهران وعن عمرانها على أساس أنّه مقبرة، ولكن الفرنسيين لما توسّعوا في عمران وهران اقتطعوا منه مساحات مهمة من كلّ الاتجاهات، وأحاطوه بعمارات شاهقة وبشارعين كبيرين من ناحيته الغربية، ويبدو أنّ التخطيط الفرنسي كان يتّجه لإزالته تماما بعد أن تم نقل رفات الباي إلى مقبرة أخرى. ومع أنّ الإسبان الذين استوطنوا هذا المسجد كانوا يربّون داخله الخنازير، بحسب ما تقول الروايات التاريخية، إلا أنّ إرادة الله شاءت أن يظلّ هذا المسجد مكانا يعلو فيه صوت المؤذن داعيا إلى الصلاة، وهذا ما جعله يعود إلى وظيفته الأولى من أداء الصلوات إلى تعليم القرآن الكريم وعلوم الفقه والحديث والشريعة والتوحيد. ك

ما إنّ السلطات الاستعمارية منعت أن يرتفع صوت المؤذن من هذا المسجد بدعوى إزعاج الأوروبيين الذين يقطنون العمارات الشاهقة بمحاذاته. لكن وبعد الحرب العالمية الثانية أخذ النواب الأهالي في المجلس البلدي لمدينة وهران يطالبون بفتح مقبرة مول الدومة في حي رأس العين للدفن بعد أن أُغلقت، ومن ثمّ تمّ استرجاع مسجد ومدرسة وضريح الباي محمد بن عثمان الكبير، وقام الأهالي بجمع الأموال والتبرعات اللازمة لتنظيفه من الأوساخ والقاذورات، كما رمّموا ما تخرّب منه، وأصلحوا بيوت الوضوء، وأُعيد افتتاحه في حفل بهيج. وقد كانت لهذا المسجد أوقاف عقارية كثيرة استولت عليها السلطات الفرنسية لبناء عمارات مجاورة له.

كما حاولت منظمة "اليد الحمراء" أن تنسفه سنة 1956 بوساطة قنبلة زُرعت فيه، لكنه سلم من هذه الحادثة ولم تحدث به أضرار. بُني المسجد على أرض منبسطة في شكل مستطيل، نصفه الشرقي قاعة شبه مربعة متوسطة الحجم، ونصفه الغربي تتوسطه ساحة صغيرة بها نخلة وبعض الحشائش، محاطة بسياج من الآجر ونافورة مياه، وفي الزاوية الشرقية للقاعة توجد منارة متوسطة العلو، مربعة الشكل ووراءها إلى الغرب بيت صغير اقتُطع من القاعة الرئيسية، يتخذه الإمام مقصورة لإعداد دروسه وخطبه، وإلى يسار المنارة وبيت الإمام قاعة كبيرة في مقدمة المسجد شرقا بها منبر المسجد، ويُعتقد أنها كانت مثوى وقبر الباي محمد عثمان الكبير مؤسس الفيلا، وعلى يسار هذه القاعة توجد قاعة أخرى على الجانب الشمالي الشرقي اقتُطعت لتكون قاعة كبيرة لأداء الصلاة.