(16 بليون حقنة يتم استخدامها في كل أنحاء العالم)
تحقيق- ناجية البطاشية
في موقع قريب من إحدى العيادات الصحية بمدينة القرم بمحافظة مسقط رصدت (7 أيام) مشهدا خطيرا وهو مشهد رمي الحقن (الإبر) المستخدمة على الأرض دون أدنى مسؤولية بجانب صناديق القمامة وهو ما دعنا للتساؤل حول هذا الأمر، فأين (جهات الرقابة) للحد من هذه الظواهر الخطرة والتي قد تكون سببا مباشرا في انتشار الأمراض بخاصة عند حدوث هذا في أماكن مكشوفة وبالتالي يكون من السهل التقاط هذه الحقن وإعادة استخدامها لأغراض مختلفة؟
الصورة أبلغ من الكلام فتلك المحاقن و(الإبر) المرمية بإهمال دليل على غياب الرقابة وافتقاد بعض من يحملون رخص المؤسسات الصحية الخاصة لأدنى أسباب التقيد باللوائح والقوانين والحرص على التخلص من هذه النفايات بشكل حضاري وصحي يجنب المجتمع أخطاء هو في غنى عنها. ويفتقدون أيضا لأدنى مستوى المسؤولية في معالجة مثل هذه السلوكيات.
التشجيع على الخطأ
أحد المارة من المواطنين علق على المشهد قائلا: أنا أعمل في المبنى الذي تتواجد فيه أكثر من عيادة ومؤسسة خاصة وهذا المنظر للإبر الملقاة بإهمال وقلة وعي ومسؤولية إقشعر له بدني لأنني كمواطن أدرك خطورة هذا الأمر في مرحلة حرجة من حياة شبابنا وأطفالنا في مسألة التربية حيث إن هناك الكثير -للأسف- من المغريات الضارة التي قد تلقي بظلالها على أبنائنا ومنها "المخدرات" ووجود حقن ملقاة بهذا الشكل في الطرقات يشجع أصحاب النفوس الضعيفة على استغلال فرص ربما ستؤدي إلى أمور لا أريد حتى التفكير فيها، هذا من جانب ومن جانب آخر فإن المجتمع لا يخلو من الأمراض التي تنتقل بالعدوى والإبر قد تكون سببا مباشرا لذلك خاصة لعمال القمامة أعانهم الله...
وحول خطورة مثل هذه السلوكيات غير المسؤولة ذكر تقرير منظمة الصحة ان نفايات (الحقن الطبية) تعتبر من النفايات الحادة ذات الخطورة التي قد يسببها الإهمال في التخلص منها، حيث ذكر التقرير انه في كل عام يتم إعطاء قرابة 16 بليون حقنة في كل أنحاء العالم، ولكنّ لا يتم التخلّص من كل الإبر والمحاقن بالطرق المناسبة بعد استخدامها، ممّا يؤدي إلى مخاطر التعرّض للإصابة والعدوى ويتيح فرصاً لإعادة استعمالها من قبل فئة معينة في المجتمع لأغراض غير محمودة...
المحاقن مصدر رئيسي للأمراض
تمثّل النفايات العامة نحو 80% من مجموع النفايات التي تخلّفها أنشطة الرعاية الصحية، أما النفايات المتبقية، فتمثل 20% من مجموع النفايات وهي مواد خطرة يمكنها أن تكون معدية أو سامّة أو إشعاعية. كما تمثّل النفايات المعدية والنفايات التشريحية مجتمعة غالبية النفايات الخطرة، أي حوالي 15% من النفايات الناجمة عن أنشطة الرعاية الصحية. وتمثّل النفايات الحادّة 1% تقريباً من مجموع النفايات، ولكنّها المصدر الرئيسي لسريان الأمراض في حال عدم إدارتها بالطرق المناسبة. وتمثّل المواد الكيميائية والمستحضرات الصيدلانية نحو 3% من النفايات الناجمة عن أنشطة الرعاية الصحية، في حين تمثّل النفايات السامّة للجينات والجسيمات الإشعاعية والمعادن الثقيلة قرابة 1% من مجموع نفايات الرعاية الصحية.
كائنات مجهرية ضارة
وأوضح التقرير ان كل عام يتم إعطاء قرابة 16 بليون حقنة في كل أنحاء العالم، ولكنّه لا يتم التخلّص من كل الإبر والمحاقن بالطرق المناسبة بعد استخدامها، وللعلم فإن نفايات الرعاية الصحية تحتوي على كائنات مجهرية قد تكون مضرّة ويمكنها إصابة المرضى الذين يعالجون في المستشفيات ومقدمي خدمات الرعاية الصحية وعامة الناس.
خطر فرز النفايات الطبية
كما تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أنّ المحاقن الملوّثة تسبّبت، في عام 2000 في وقوع 21 مليون إصابة بعدوى فيروس
الكبد (بي)، و260000 إصابة بفيروس العوز المناعي البشري، ومليوني إصابة بعدوى فيروس الكبد (سي) في كل أنحاء العالم، وكان يمكن توقي الكثير من تلك الإصابات لو تم التخلّص من المحاقن بطرق مأمونة.
وأكد التقرير ان إعادة استخدام المحاقن والإبر الوحيدة الاستعمال لأغراض الحقن من الظواهر الشائعة بوجه خاص في بعض البلدان الأفريقية والآسيوية وبعض البلدان الواقعة في وسط وشرق أوروبا
أما في البلدان النامية فتوجد أخطار إضافية تنجم عن جمع الفضلات في مواقع طرح النفايات وعن الفرز اليدوي للنفايات الخطرة التي تصدرها مؤسسات الرعاية الصحية -وتلك الممارسات شائعة في العديد من مناطق العالم- حيث يواجه مناولو النفايات -بشكل مباشر- مخاطر التعرّض لوخز الإبر والإصابات الناجمة عن المواد السامّة أو المعدية.
التوسع الصحي والتحديات
السلطنة تعتبر إحدى الدول التي تنامت فيها في الفترة الأخيرة المؤسسات الصحية الخاصة والتي تعتبر القطب الثاني للمؤسسات الصحية العاملة في السلطنة بجانب المؤسسات الصحية العامة (الحكومية)، حيث تنامت هذه المؤسسات الخاصة سعيا لتقديم خدماتها بشكل تنافسي في المجتمع العماني وليكون لدى المواطن -على وجه الخصوص- مجالات مختلفة ومتنوعة من الخيارات حسب إمكانياته المادية، فقد شهد العالم أجمع -خلال السنوات الفائتة- توسعا كبيرا في الخدمات الصحية بكافة أنواعها من وقائية وتشخيصية وعلاجية ومع تقدم مستوى التقنيات الحديثة المستخدمة في المعالجات الصحية كافة فقد أصبحت النفايات الطبية الناتجة عن المشافي والمراكز الصحية والعيادات الخاصة على وجه الخصوص محور اهتمام كبير في كيفية معالجتها والتصرف بها وتلافي آثارها الجانبية لأنها قد تكون ملوثة للبيئة بشكل عام أو لكونها مؤثرة على صحة الفرد أو المجتمع من خلال نقل العدوى.
المخاطر الصحية
إلا أنه يجب الانتباه إلى أن المخاطر الصحية الناتجة عن هذه النفايات الطبية لا تقتصر على العاملين بالقطاع الصحي بكافة فئاته المختلفة من الأطباء والممرضين وعمال الخدمة في المشافي بل قد تمتد لباقي أفراد المجتمع الذين يتعرضون لهذه النفايات أو لآثارها، الأمر الذي يجعل المخاطر الصحية للنفايات الطبية قد تمتد إلى خارج نطاق المشافي وخصوصاً مع التوسع في تقديم الرعاية الصحية المنزلية وحملات التطعيم الميدانية والرعاية الصحية خارج المشافي وما يصاحب ذلك من استخدام للمواد ولأدوات الطبية خارج نطاق المرافق الصحية. كذلك فإن الاهتمام الزائد بحملة النفايات بشكل عام والنفايات الطبية بشكل خاص قد ألقى المزيد من الضوء على المخاطر البيئية للنفايات الطبية وتأثيرها على البيئة الصحية.