وجود دار للإيواء ضرورة حتمية

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٢/مارس/٢٠١٨ ٠٤:٢٦ ص
وجود دار للإيواء ضرورة حتمية

علي بن راشد المطاعني

ali.matani@hotmail.com

في ظل المتغيرات الحياتية المتباينة التي أفرزتها الحياة المدنية الحديثة والتقاطعات المعيشية التي تدفع بعض الناس بل ترغمهم الظروف والأنواء للعيش على هامش الحياة، يحدث ذلك عندما يفقدون أقرب الأقربين، وعندما تتبعثر في شعاب الحياة الروابط الأسرية والعائلية، ثم لا يجد كبار السن منهم من يعتني بهم ويرعى حالهم وأحوالهم، وعندما لا يجد المرضى منهم من يقدم لهم الدواء ويشرف على العلاج ويقف على أحوالهم الاجتماعية والصحية والنفسية.

في ظل كل تلك الظروف الاستثنائية القاهرة، فإن وجود دار للإيواء بالبلاد أصبح ذا أهمية كبيرة لمعالجة هذا الواقع القاسي وللاعتناء بهؤلاء الذين وجدوا أنفسهم في هذا الواقع الأليم هذا قبل البحث عن المسؤول الذي أحالهم إلى هذا الدرك ومحاسبته كما ينبغي أن يكون الحساب.
اليوم في ظل تزايد عدد السكان و‏التعقيدات الحياتية وعقوق الأبناء للآباء، واضطرار بعض الفئات خاصة الوافدة للهروب من كفلائهم لأسباب عديدة، والبعض الآخر يعاني من اعتلالات عقلية، كما أن المتسللين أضحوا يشكلون واقعا أشبه بالظاهرة التي تحتاج لمعالجات من خلال إنشاء الدار المقترحة.
فاليوم هناك الكثير من الفئات موجودة في الشوارع والأحياء السكنية والتجارية في أوضاع لا تسر الناظرين، وتعاني شرطة عُمان السلطانية من معضلة في كيفية التعاطي مع هذه الحالات ومن أجل الوصول إلى حلول اجتماعية ناجعة لهذه الظاهرة.
هناك حالات من الهاربين والهاربات عن كفلائهم ولا يعرف عناوينهم بطبيعة الحال، وبالتالي يصعب الاستدلال عليهم، وحالات أخرى تحتاج لعلاج طارئ أو طويل فلا تعرف المستشفيات لهم أقارب تلجأ إليهم إذا ما حدث أمر يستدعي التعاطي معهم، وهناك المتسولون من داخل البلاد وخارجها يتم ضبطهم وتقع حيرة إزاء كيفية تسوية أوضاعهم وأين يتم إيداعهم لحين الانتهاء من الإجراءات.. إلخ
وزارة التنمية الاجتماعية معنية باقتراح دار الرعاية في محافظة مسقط بحكم الاختصاص وفي بقية المحافظات لاحقا على غرار دار الرعاية للمسنين بالرستاق التي تقدم خدمات جليلة في خدمة من هم في حاجة إلى الرعاية، فمثل هذه الدور من الأهمية بمكان إنشاؤها لاستيعاب كل هذه الحالات.
إذن فإن إيقاع الحياة المعاصرة وتداعياتها وإسقاطاتها على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والحياتية والمعيشية أفرزت ضرورة إيجاد مؤسسات اجتماعية تعمل على حفظ كرامة الكثير من الضحايا وجدوا أنفسهم بغتة على قارعة الطريق.
هذه الدور الاجتماعية يمكن أن تساهم فيها جهات حكومية ومؤسسات القطاع الخاص ورجال الأعمال باعتبارها تمثل جانبا من جوانب المسؤولية الاجتماعية لتقديم الرعاية لهذه الشرائح ‏بشكل يتناسب مع أوضاعهم وظروفهم.
نأمل من وزارة التنمية الاجتماعية أن تعمل على إنشاء هذه الدار وتبذل كل ما بوسعها لرفع الضرر عن هؤلاء الذين يستحقون أن يعيشوا بكرامة باعتبارهم بشرا مثلنا تماما.