الفنان الكفيف عمران الرحبي: المسرح متنفسي العميق

مزاج الأحد ١٨/مارس/٢٠١٨ ٠٥:٢٧ ص
الفنان الكفيف عمران الرحبي:
المسرح متنفسي العميق

مسقط - زينب الهاشمية

لم تعترض طريقه الإعاقة الجسدية بل كانت السبيل الذي دفعه للتعبير عن موهبته والتي من خلالها شق طريقه إلى الإبداع والشهرة متسلِّحا برغبة صادقة بالتفوّق وإرادة قوية لمواجهة الصعاب، حتى بات نموذجا يجب أن يتعلّم منه الأصحاء.. إنه الفنان الكفيف عمران بن صالح الرحبي الذي يعمل موظفا في شركة (أوريدو) ويتميّز بأعماله المسرحية الرائعة والهادفة إلى إبراز فئة ذوي الإعاقة ومساهمتهم في المجتمع ودمجهم مع الفئة السوية. فالمسرح يمثل له «متنفسا عميقا» لإبداء الرأي والتعبير.

في حوارنا التالي نتعرّف عن قُرب على الفنان عمران وأهم إنجازاته...
يحكي لنا عمران خطواته المسرحية الأولى يقول: بدايتي في هذا المجال كانت بسيطة جداً من خلال مشاركتي في تقديم عروض مسرحية في المدرسة، وأيضا قدّمت (اسكتشات) بسيطة في جمعية النور للمكفوفين وذلك في العام 2007. ومن خلال هذه المشاركات وجدت مساحة كبيرة للتعبير، فعندما أقف على خشبة المسرح لمدة 45 دقيقة أو ساعة يراودني إحساس جميل بأني أمتلك جمهوراً ومساحة فنية تعطيني الحرية لإبداء رأيي ولإثبات نفسي وتوصيل رسالة معيّنة بلا حواجز وبلا مقاطعة. لذا تعلّقت جدا بالمسرح وأصبح بالنسبة لي متنفساً عميقاً.
ويضيف: بعد العمل الفردي تكوّنت عندنا فكرة تكوين جماعة مسرحية وذلك عن طريق الجمعية وتطوّرنا من العروض الصغيرة وأصبحنا نقدّم أعمالاً مسرحية، حيث قدّمنا عملاً مع المكفوفين في الجمعية وكان العرض عن قضايا عامة مجتمعية، ومن ثم في العام 2011 قدّمنا أول عمل مسرحي في المهرجان الخليجي للمسرح في الشارقة، بعدها توالت المشاركات في 2011 و2013 و2015 وقدّمت عرضا مسرحيا في مملكة البحرين والشارقة وأيضا قدّمت عدة عروض في السلطنة.

محطات مهمة

وعن أهم المهرجانات المسرحية التي شارك فيها عمران يقول: شاركت في مهرجان المسرح الخليجي الثاني ومهرجان الخليجي الثالث والرابع وقدّمت أيضا في مهرجان المسرح العربي.
أما عن آخر عمل مسرحي له تحدّث عمران بقوله: العمل الأخير كان مشاركتنا في مهرجان الخليج المسرحي الرابع للأشخاص ذوي الإعاقة فقد كان عملاً مميزاً بعنوان «مسار» وضم هذا العمل ثلاثة أنواع من الإعاقات وهي: سمعية وبصرية وحركية، وهو أول مهرجان مُقام في السلطنة ويُقام للمعوقين واستطعنا أن نحصل على 6 جوائز من خلال هذا العمل، ثم كانت لنا مسيرة حافلة حيث قدّمنا تقريبا 4 عروض للجماهير وخرجنا فيها من دائرة مهرجان الإعاقة إلى مهرجان الأسوياء وعرضنا هذا العمل في «مهرجان الدن العربي للمسرح» الذي تتنافس فيه فرق مسرح عربية وحصدنا جائزة اللجنة الخاصة، ومن ثم عرضنا هذا العمل في مستغانم في الجزائر كأول عرض عُماني مسرحي قُدِّم ضمن مهرجان المسرح العربي التاسع الذي تنظّمه الهيئة العربية للمسرح ولاقى إحسانا كبيرا من الجمهور وهذه كانت آخر أعمالي التي قدّمتها.

هدف نبيل

وحول أهمية هذه الأعمال المسرحية يقول عمران: تكمن أهميتها في أنها أساسا تدمج أصحاب الإعاقة في العمل المسرحي وثم تدمج هؤلاء مع الأسوياء الآخرين المبصرين بحيث نستقطب الفنانين الذين لهم باع في المجال المسرحي ليكون الدمج تخصصيا وهي فرصة للمعوقين الذين لديهم ميول وهواية في الحقل المسرحي.
وقد وُفِّقنا في الفترة الأخيرة في إيجاد قاعدة جماهيرية في السلطنة وهذا مشجّع جدا على توطيد علاقاتنا بالمسرح العُماني والقائمين عليه من مخرجين وممثلين وفنانين وأخصائيي ديكور وإضاءة. وأما من حيث المعرفة والتوعية بالمسرح للمعوقين فقد وصلنا إلى مرتبة القبول عند المعوقين، ومن ناحية أخرى استطعنا نشر والتأكيد على رسالة المعوقين وهي القدرة والنجاح والوجود ببصمة فاعلة في المجتمع.
وعن أهم العوائق التي واجهها عمران في بداية مشواره قال: بداية لم تكن لديّ خلفية واسعة وكافية عن المسرح وعن أسس المسرح وكيفية التواصل على خشبة المسرح فنحن كمكفوفين أهم الصعوبة التي تشكّل عائقاً أمامنا هي الحركة والتنقّل، فالمسرح عبارة عن خريطة لا بد أن ترسمها في مخيلتك.
ويضيف: ومن ضمن الصعوبات أيضا هي أمور فنية متعلقة بالإيقاع المسرحي وبالتركيز، فنحن كمكفوفين كان تواصلنا في البداية عن طريق السمع على خشبة المسرح وهذا بعض الأحيان قد يفقد التركيز ويقلل من الإيقاع المسرحي، وأيضا التواصل بين الممثلين ونقل الخبرات وإيجاد الطاقات الملائمة للمسرح من أهم العوائق، إضافة إلى إيجاد الموهوبين الحقيقيين.

إنجازات مهمة

أما بخصوص ما تم تحقيقه وأهم الجوائز التي حصل عليها عمران يقول: بالنسبة للجوائز الفردية فقد حصلت على جائزة أفضل ممثل دور أول بمسرحية «رجل بلا مناعة» للكاتب د.عبدالكريم جواد والمخرج مبارك المعمري -رحمه الله- وكان ذلك في مهرجان المسرحي الخليجي الثاني للأشخاص ذوي الإعاقة في الشارقة. كما حصلتُ على جائزة صاحب السمو الشيخ ناصر بن حمد آل خلفية لإبداعات ذوي الإعاقة خليجيا في مجال المسرح، وأفضل ممثل من الأشخاص ذوي الإعاقة في مهرجان المسرح الرابع لذوي الإعاقة الذي أقيم بمسقط.
واستطرد قائلا: أما الجوائز الجماعية فقد حصدنا جائزة الإخراج في مهرجان المسرحي الثالث لذوي الإعاقة بمملكة البحرين. وأما في مهرجان الخليجي الرابع الذي أقيم بمسقط فقد حصلنا على 6 جوائز منها أفضل عرض متكامل وأفضل إخراج وأفضل أزياء وأفضل ممثل وأفضل ممثل من اللجنة الخاصة.
كما شارك عمران في الفترة القريبة في فعالية «الأسبوع الشبابي لطلبة الجامعات المصرية لمتحدي الإعاقة» الذي أقيم في مصر بعرض تجربة في دمج الإعاقة تخصصياً في مجال المسرح ممثلاً السلطنة الذي نظّمته وزارة التنمية الاجتماعية بالتعاون مع اللجنة الوطنية للشباب.

الطموح كبير

وحول طموحه وخطواته المقبلة يقول عمران: نحضّر عملا مسرحيا سنكشفه مستقبلاً، ونطمح دائماً إلى الارتقاء بفئة المعوقين على الأصعدة كلها من الناحية الثقافية والفنية والأدبية، والوصول إلى مستويات أفضل.
ويضيف: تطلعاتنا لمزيد من التطوّر وتنمية مواهب وقدرات المعوقين وإبراز مواهبهم للمجتمع بصورة مُغايرة ليس على مستوى المعوقين فقط بل على مستوى الأسوياء وإشراك نجاحاتهم مع نجاحات الآخرين، كما نتطلع إلى المزيد من العلاقات الدولية على المستوى الثقافي والفني.