بتكليف سام من لدن جلالة السلطان المعظم.. هيثم بن طارق يفتتح مكتبة البيروني

بلادنا الأحد ١٨/مارس/٢٠١٨ ٠٣:٤٢ ص
بتكليف سام من لدن جلالة السلطان المعظم..


هيثم بن طارق يفتتح مكتبة البيروني

طشقند -
بناءً على التكليف السامي من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم-‏ حفظه الله ورعاه-‏ رعى صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد حفل الافتتاح الرسمي للمبنى الجديد لمكتبة أبو الريحان البيروني التابعة لمعهد الدراسات الشرقية في العاصمة الأوزبكية طشقند وذلك يوم الخميس الفائت.

وقد رافق سموه وفد رسمي من السلطنة ضم كلا من وزير الأوقاف والشؤون الدينية معالي الشيخ عبدالله بن محمد السالمي، وأمين عام وزارة الخارجية معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي، وسفير السلطنة المعتمد لدى جمهورية أوزبكستان سعادة السفير محمد بن سعيد اللواتي، وأمين عام مكتب المفتي العام للسلطنة سعادة الشيخ أحمد بن سعود السيابي، ووكيل وزارة التراث والثقافة للشؤون الثقافية سعادة الشيخ حمد بن هلال المعمري، وأمين عام مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم سعادة حبيب بن محمد الريامي، ورئيس جامعة السلطان قابوس سعادة د. علي بن سعود البيماني، ورئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية سعادة د. حمد بن محمد الضوياني، ومستشار وزير التراث والثقافة سعادة السيد فيصل بن حمود البوسعيدي، ورئيس دائرة آسيا الوسطى بوزارة الخارجية سعادة السفير أحمد بن خميس الجمري بالإضافة إلى عدد من المسؤولين الحكوميين والدبلوماسيين.

اهتمام سام

وفي تصريح له بهذه المناسبة، قال صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد: «مما لا شك فيه أن افتتاح مكتبة البيروني يجسد اهتمام جلالته -حفظه الله ورعاه- بتقديم الدعم للمؤسسات العلمية المهتمة بحفظ التراث والعلوم والمعارف الإسلامية والعربية. وفي هذا الصدد، فإنه ستتم إتاحة مخطوطات البيروني وكتاباته التاريخية للطلاب والباحثين لكي يتمكنوا من التعرف على تاريخ وثقافة شعوب آسيا الوسطى والعالم الإسلامي».
«إن تشييد المبنى الجديد لمكتبة البيروني يعبر عن التقدير الشخصي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- للإسهامات العلمية التي قدمها علماء المسلمين على مدى عقود طويلة في الحقول العلمية المختلفة والتي شكلت القاعدة الصلبة لعدد كبير من العلوم الأساسية في مجالات الطب والفلك والهندسة والرياضيات وغيرها. فضلاً عن أن تشييد هذه الأيقونة المعمارية الفريدة لمكتبة البيروني يعبر بوضوح عن العلاقات القوية وأواصر الصداقة بين سلطنة عمان وجمهورية أوزبكستان، تلك العلاقة التي تتجسد في التعاون المستمر في مختلف المجالات وأهمها الجوانب الاقتصادية والعلمية والثقافية».

جولة في المكتبة

وبعد إعلان افتتاح مكتبة البيروني رسميا، قام صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد والوفد المرافق له بجولة تفقدية في المبنى الجديد.
وتمتد مجموعة مقتنيات مكتبة البيروني على مساحة عشرة آلاف متر مربع وتحتوي على قرابة 40000 وثيقة تاريخية وحوالي 26 ألف مخطوطة يعود بعضها إلى أكثر من ألف سنة. وقد تم إدراج المجموعة في سجل التراث العالمي في اليونسكو نظرا لأهميتها التاريخية الفريدة.
من جانبه أشار أمين عام وزارة الخارجية معالي السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي إلى أن افتتاح المبنى الجديد لمكتبة البيروني يمثل حدثا بالغ الأهمية ليس لسلطنة عمان وجمهورية أوزبكستان فحسب، وإنما للعالم الإسلامي اجمع وذلك لما تزخر به المكتبة من الكتب والنصوص والمخطوطات العربية والإسلامية. ولا يمكن التقليل من أهمية هذه المقتنيات التاريخية، حيث إنها تعطي فكرة شاملة عن الثقافة الإسلامية والعلوم». وأضاف معالي السيد بدر البوسعيدي: «نفخر في سلطنة عمان أن نكون جزءاً من هذا الحدث المهم. ونود أن نعرب عن تقديرنا للجهود الكبيرة التي يبذلها معهد البيروني للدراسات الشرقية في تقديم مرافق حديثة لهذه المقتنيات وتأمينها والمحافظة عليها على مدى السنين».

تصميم المبنى

وقد تم تصميم مبنى المكتبة ليجمع بين فن العمارة العُمانية الأصيلة، والمدرسة المعمارية الأوزبكية، حيث يفتح الباب الرئيسي للمبنى على بهو واسع بارتفاع 16 متراً تطل عليه ثلاث شرفات داخلية تم تزينها بالنقوش الخشبية الإسلامية الدقيقة، فيما تم استخدام الرخام العماني الشهير في كافة الأرضيات.
كما يحتوي المبنى الجديد على أجهزة تكنولوجية متطورة تستخدم في مسح الكتب وتخزينها رقميا، بحث يمكن إتاحتها على الإنترنت لتمكين العلماء في كل أرجاء العالم من استخدامها في بحوثهم. كما يحتوي المبنى على مختبر مخصص لحفظ وترميم القطع التي أصابها التلف بفعل الزمن. فضلا عن ذلك، تم تجهيز المكتبة بنظام أمني متطور يضمن تخزين الكتب بالأسلوب الذي يحافظ على سلامتها وحفظها في درجة حرارة ورطوبة مناسبة.
وفي لقاء له قبل افتتاح المكتبة، قال رئيس تحرير مجلة «التفاهم» التي تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية عبدالرحمن بن سليمان بن محمد السالمي: «تعد مكتبة البيروني قناة مهمة إلى التراث الإسلامي. فهي تحتوي على مخطوطات عربية في غاية الأهمية لا يمكن لأحد أن يجدها لا في العالم الإسلامي ولا في الغرب. ومن المهم أن يتم الاحتفاظ بهذه المقتنيات التاريخية في مكتبة حديثة، بحيث يمكن تصوير المخطوطات رقميا وإتاحتها على الإنترنت. ومكتبة البيروني ستكون ملكا للجميع. وستكون هذه الكنوز بمثابة استكشاف محيط جديد ومن شأن هذه المكتبة أن تفتح آفاقا جديدة للباحثين من كل أنحاء العالم، وستعطي بعدا جديدا لفهم الثقافة والحضارة الإسلامية».

شكر وتقدير

ومن الجانب الأوزبكي، صرح رئيس الوزراء عبدالله أريبوف قائلاً: «يسرنا ونحن نحتفل هذا اليوم بافتتاح المبنى الجديد لمكتبة البيروني بمعهد الدراسات الشرقية أن نتوجه بالشكر والتقدير لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم سلطان عمان على تفضله بتقديم الدعم الكامل لتشييد مبنى مكتبة البيروني وفق أحدث الفنون المعمارية فضلا عن تزويد المبنى بأحدث التقنيات التي تخدم الباحثين والمهتمين بدراسة التراث والثقافة والعلوم الإسلامية». «كما يسرنا أيضا دعوة العلماء والطلاب والمهتمين بمختلف العلوم لزيارة المكتبة والاطلاع على ما تحتويه من كنوز العلم والتاريخ والكتب الحديثة والمخطوطات والرسائل النادرة التي تحتويها المكتبة والتي تستحق اهتمام العلماء والمؤرخين. وتعد مكتبة البيروني اليوم واحدة من أهم مراكز المخطوطات والوثائق التاريخية التي تلقي الضوء على العصر الذهبي للفكر والعلوم الإسلامية ليس في أوزبكستان فحسب وإنما في العالم أجمع».
بدوره، أشار مدير معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم في طشقند د. باخرام عبد خاليموف إلى الأهمية التي يمثلها تدشين المبنى الجديد لكونه يمثل نقطة تحول في تاريخ المعهد الممتد لعشرات السنين، قائلا: «نحن فخورون للغاية بكشف النقاب عن المبنى الجديد لمكتبة البيروني، الذي صمم بعناية فائقة ليكون المقر الجديد لآلاف الوثائق والمخطوطات التي تختصر مرحلة بالغة الأهمية في التاريخ الإسلامي».
«واليوم نحن في موقع يؤهلنا لتقديم مجموعة مقتنيات البيروني لخدمة الباحثين والمؤرخين والطلبة في كافة أنحاء العالم، وسط بيئة على درجة عالية من الدقة والجودة. نحن سعداء جدا بالشراكة مع سلطنة عمان التي تملك تاريخا رائدا في دعم التراث والثقافة الإسلامية، وهي دولة عريقة يعرفها القاصي والداني. كل الشكر لجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم على هذا الدعم السخي الذي أهَّلنا لتقديم هذه الثروة الثقافية والحضارية للعالم بالشكل الذي يجب أن تكون عليه».
وأضاف قائلا: «إننا نعتقد إنه ينبغي علينا لكي نتمكن من بناء المستقبل الذي نريده جميعا، ينبغي علينا أن نتمتع بفهم عميق ودقيق للماضي».

دعم وتعاون

وتعمل السلطنة على تعزيز العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة بما يحقق المصالح المشتركة في كافة المجالات بينها ومختلف الدول. وانطلاقا من إدراك القيادة العمانية الحكيمة لأهمية التنوع الثقافي والحضاري وضرورة التواصل والحوار مع الدول والشعوب، اهتمت الحكومة الرشيدة بمد جسور الثقافة والمعرفة العلمية مع الأمم والحضارات.وكان رئيس وزراء أوزبكستان عبدالله أريبوف ورئيس أكاديمية العلوم سوليكسوف شايكات إسماعيلوفتش ومدير معهد البيروني للدراسات الشرقية في وداع صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد والوفد المرافق له بعد انتهاء حفل الافتتاح والجولة في أروقة المكتبة. وعاد صاحب السمو والوفد المرافق له إلى السلطنة بعد زيارة استغرقت يومين.

من هو البيروني؟

ويعد «أبو الريحان محمد بن أحمد البَيْرُوني» الذي أطلق اسمه على المكتبة أحد أهم العلماء والباحثين والمؤلفين المسلمين الذين تركوا وراءهم إرثاً حضارياً ضخماً شكل مرجعاً لآلاف العلماء من بعده. حيث عاش البيروني خلال الفترة 973م- 1048م، وكان رحالة وفيلسوفاً وفلكياً وجغرافياً وجيولوجياً وصيدلياً ومؤرخاً ومترجماً لثقافات الهند القديمة، إلى جانب مساهماته القيمة في الرياضيات وغيرها من العلوم.أن هذا الدعم المستنير المقدم من حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- لتشييد مبنى مكتبة البيروني الجديد سوف يضمن إيصال رؤية البيروني عن سماحة الإسلام إلى الأجيال القادمة في كل أنحاء العالم.
وتصف كتب التاريخ البيروني أنه من بين أعظم العقول التي عرفتها الثقافة الإسلامية، إلى جانب كونه رائد الانفتاح على الثقافات والحضارات الأخرى والتبادل المعرفي معها، وهو أول من قال بنظرية دوران الأرض حول نفسها.