طالبات المدارس يتعرضن للهجوم مرة أخرى في نيجيريا

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠٨/مارس/٢٠١٨ ٠٤:٣٨ ص
طالبات المدارس يتعرضن للهجوم مرة أخرى في نيجيريا

جوردون براون

يفصل بين بلدتي شيبوك ودابتشي نحو 150 ميلاً من الأحراش في شمال نيجيريا، لكن رابطا مأساويا يربط بين البلدتين: فكل منهما كانت هدفاً لعمليات اختطاف واسعة النطاق لفتيات المدارس من قِبَل جماعة بوكو حرام الإسلامية المتطرفة. بعد حملة عالمية دامت ثلاث سنوات لتحرير 276 فتاة اختطفن من بلدة شيبوك في العام 2014 ــ وهو الحدث الذي لفت انتباه العالَم إلى الأجندة السادية التي تتبناها جماعة بوكو حرام ــ اختفت 110 فتيات من دابتشي الشهر الفائت في ظل ظروف مماثلة.

عبارة «بوكو حرام» في لغة الهاوسا تترجم تقريبيا إلى «التعليم الغربي حرام». وفي كل من حالتي الاختطاف، أمطر أعضاء الجماعة المدرسة بالرصاص وهم يغزون الأراضي لسرقة المواد الغذائية وغيرها من الإمدادات. أسفرت المساعي التي تبذلها الجماعة لإقامة دولة متشددة في شمال نيجيريا عن مقتل عشرين ألف شخص على الأقل وتشريد أكثر من 2.6 مليون شخص منذ العام 2009.

من العناصر المشتركة الأخرى بين الهجومين أن مصير الفتيات كان مصدرا للارتباك والحيرة لأيام. ففي شيبوك، علمنا في نهاية المطاف أن 276 فتاة حملن على شاحنات وأخذن بعيداً. وكانت صورة غير واضحة بالأبيض والأسود للمجموعة بعد اختطافها، والتي التقطت بواسطة أحد الإرهابيين، سبباً في إثارة غضب عالمي، وإشعال شرارة حركة «أعيدوا فتياتنا».
في دابتشي، أفادت التقارير في مستهل الأمر أن خمسين فتاة في عداد المفقودات بعد أن اقتحم الإرهابيون كلية العلوم والتكنولوجيا الحكومية. ثم أعلن بيان لاحق صادر عن حكومة ولاية يوبي أن الجيش النيجيري نجح في تأمين الفتيات. لكن صيحات الابتهاج تحولت إلى دموع عندما أُعلِن أن الفتيات لم يُعثَر عليهن. والأمر الأسوأ وفقاً لأحد مساعدي حاكم الولاية أن «الحكومة لا تملك أي معلومات موثوقة بعد حول ما إذا كان الإرهابيون أخذوا أي من الفتيات رهينة».
وقد اعتبر الرئيس النيجيري محمد بخاري الحدث «كارثة وطنية»، ووعد بنشر القوات وطائرات المراقبة للبحث عن الفتيات المفقودات، فضلا عن المراجعة الكاملة للظروف التي صاحبت الغارة. وشكل أهالي الأطفال ــ مثل والد فاطمة مانزو التي لا يتجاوز عمرها ستة عشر عاما ــ رابطة خاصة لتتبع الفتيات.
قبل أربع سنوات، كنت جزءاً من حملة تحرير فتيات شيبوك. وفي عريضة حملت مليون توقيع على الفور تقريبا، دعونا الحكومات الغربية إلى دعم مهام المراقبة والاستطلاع، من أجل تحديد موقع الضحايا وتأمينهن، بعد أن خبأهن مختطفوهن في نيجيريا ودول مجاورة.
في ذلك الوقت، نشر الائتلاف العالمي للأعمال تقريرا عن المدارس الآمنة في نيجيريا. كما أنشأ الائتلاف شراكة بين قادة الأعمال النيجيريين والحكومة النيجيرية وجهات مانحة دولية، بالتعاون مع منظمة اليونيسيف، لإنشاء برامج تهدف إلى جعل المدارس آمنة للأطفال النيجيريين. وكجزء من مبادرة المدارس الآمنة التابعة للائتلاف، جرى تشكيل مجموعات مجتمعية؛ وتم تنفيذ إصلاحات للبنية الأساسية؛ كما جرى تزويد الفتيات بخيارات مدرسية آمنة. وفي مايو الفائت، أُطلِق سراح فتيات شيبوك، في مقابل خمسة من قادة بوكو حرام.
بعد سنوات من الخوف الشديد من مجرد عبور ساحة ملعب المدرسة، بدأت عودة الفتيات إلى الفصول المدرسية. وبدا الأمر وكأن مبدأ المدارس الآمنة ــ وهي فكرة جديدة نادرة في منطقة مطوقة بالمواجهات مع بوكو حرام ــ أخذ يترسخ تدريجيا. وبنيت الأسيجة وغير ذلك من سبل التأمين المادي لإبعاد المغيرين، واستخدمت أجهزة الاتصال المحمولة كأنظمة للإنذار المبكر.
لكن في حقيقة الأمر، بقيت أكثر من 100 فتاة من شيبوك في الأسر، ومحلهن غير معلوم. وعلاوة على ذلك، لا يزال نحو ستة ملايين من الفتيات في سن الدراسة في نيجيريا لا يذهبن إلى المدرسة. ومن المرجح أن يؤدي اختطاف 110 فتيات أخرى إلى زيادة الأمور سوءا على سوء، ليس فقط بالنسبة لهن وأسرهن، بل وأيضا بالنسبة لكل من عادت إليهم المخاوف مرة أخرى بشأن سلامة المدارس.
أما عن المختطفات مؤخراً، فنحن نعلم مصيرهن المحتمل إذا لم تُبذَل المساعي لإنقاذهن بسرعة. قالت فتيات شيبوك اللاتي هربن أو أطلق سراحهن في مقابلات إن المخطوفات جلدن بالسوط لإقناعهن بالزواج. وجرى اتخاذ بعضهن محظيات من قِبَل أعضاء الجماعة. ولن يفلت من الأسر أبدا أغلب من تزوجن قسرا.