عيسى المسعودي
دائماً ما نتابع في وسائل الإعلام المختلفة الحديث حول أهمية التنويع الاقتصادي، والعديد من التصريحات من هنا وهناك بضرورة وضع الخطط والاستراتيجيات لتحقيق التنويع الاقتصادي، ونتابع المسؤولين والخبراء يتحدثون عن هذا الموضوع ويخصصون له مساحات إعلامية كبيرة، كذلك الحال فيما يخص الاهتمام بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وأهمية دعم هذا القطاع وتسهيل وتبسيط الإجراءات وسرعة إنجاز المعاملات.
كما نتابع الحديث عن أهمية الاهتمام بالقطاعات الرئيسية، وتنفيذ المشاريع التي تساهم في تنمية القطاعات الحيوية، مثل: السياحة والصناعة والتجارة والخدمات والاتصالات والنقل، والحديث عن استقطاب وجلب الاستثمار الأجنبي، وأهمية إنشاء شركات ومؤسسات جديدة لكي يجري توفير المزيد من فرص العمل، والاهتمام بتعزيز البنية الأساسية في محافظات السلطنة كافة، كما نتابع العديد من التصريحات والأحاديث التي تؤكد على أهمية ودور القطاع الخاص في المرحلة الحالية والمستقبلية وغيرها من الأحاديث والتصريحات التي توضح أو تشير إلى العديد من المواضيع المختلفة التي تهمنا جميعاً.
لا شك أن هذه التصريحات والأحاديث مهمة حتى يتعرف المجتمع على الخطط والمشاريع التي تنوي الحكومة أو القطاع الخاص تنفيذها خلال المرحلة الحالية أو المستقبلية ولتعزيز دور الإعلام في هذا الجانب، فمثل هذه الأخبار لها إيجابيات وصدى كبير على المستويات كافة، ليس فقط بالسلطنة وإنما على مستوى المنطقة، إذ تعطي هذه الأخبار والتصريحات مؤشرات إيجابية للاستقرار الاقتصادي ولنمو الحركة التجارية، كما تعرف بالفرص الاستثمارية والتجارية في مختلف القطاعات، فمن حق الجميع أن يعرف عن هذه المخططات والمشاريع المستقبلية، ولكن علينا تعزيز الأقوال بالأفعال، والعمل على تنفيذ هذه المخططات والمشاريع على أرض الواقع وحسب التواريخ المحددة، فهذا يعزز من المصداقية والثقة، لأنه -وللأسف الشديد- تابعنا العديد من التصريحات والأقوال التي لم تنفذ على أرض الواقع، ويمكن أن نعطي أمثلة عديدة على هذا الموضوع، فمثلاً نتحدث عن تبسيط الإجراءات ولكن على أرض الواقع الجميع يتذمر من التعقيدات والإجراءات والتأخير، والبعض يتحدث عن دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ولكن هذه المؤسسات تعاني من ظروف صعبة وأصبحت واضحة للجميع لدرجة أن بعض هذه المؤسسات أغلقت أو هي مهددة بالإغلاق، ومن بين الأمثلة الأخرى نتحدث ونصرح أن المرحلة الحالية والمقبلة سيكون الدور الأكبر فيها لتنفيذ المشاريع للقطاع الخاص، ولكن للأسف على أرض الواقع نجد تأسيس شركات ومؤسسات حكومية تقوم بنفس هذه الأدوار، وتنافس شركات القطاع الخاص، وتنفذ مختلف المشاريع في القطاعات كافة، كذلك يجري التصريح أو الإعلان عن تنفيذ مشاريع تنموية، ويتضح بعد ذلك أنه جرى تأجيلها لأسباب عديدة، ومن الأمثلة أيضاً نتابع تصريحات لبعض الشخصيات أنهم يؤيدون تنفيذ خطط التعمين ودعم الشباب العماني بهدف توفير فرص العمل، ولكن في الواقع نجد شركاتهم أو مؤسساتهم لم تبادر وليس لديها أي خطط في هذا المجال... وغيرها من الأمثلة. لذلك فعلى الجميع أن يدرك أننا أمام مرحلة يجب أن تكون الأقوال فيها مقرونة بالأفعال، ونحرص ونعمل على تنفيذ كل التوجهات أو المشاريع التي يجري التخطيط لها.
إن هذه المرحلة تتطلب أن يكون المسؤولون في القطاعين الحكومي والخاص على قدر المسؤولية، وأن يعمل الجميع بواقعية بحيث عندما نتحدث عن موضوع معيّن أو نُدلي بتصريح إعلامي يتعلق بالمواضيع الاقتصادية أو الاجتماعية أو بتوجيهات وتعليمات معينة يجب أن نكون واضحين ومتأكدين من أننا قادرون على تنفيذها ومتابعتها؛ حتى لا يكون هناك أي تأثير سلبي عليها في المستقبل، فكما تحدثنا في بداية المقال علينا العمل على كسب المصداقية والثقة أمام مجتمعنا وأمام الجميع، فهما عنصران مهمان من عناصر النجاح، وفي هذا الجانب علينا الإشادة بكل المؤسسات والجهات التي تحرص على تنفيذ مشاريعها وبشكل منتظم، فنحن نفتخر عندما نتابع الإعلان عن مخطط لتنفيذ مشروع معين، وبعد فترة محددة نرى على أرض الواقع تنفيذ هذا المشروع ليشكل إضافة جديدة للبلد، أو نتابع طرح حلول أو أفكار معينة ونشهد بعد ذلك تنفيذها، فهذا النهج يجب أن يسود في مجتمعنا الاقتصادي، وفي المجالات كافة حتى نرى تحقيق المزيد من النجاحات والإنجازات، وفي الوقت نفسه يعزز ذلك من مكانة السلطنة كدولة متقدمة تشهد تطوراً وتقدماً في مختلف المجالات.