جمعية الصحفيين تقود ولا تقاد

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٧/مارس/٢٠١٨ ٠٢:٥٨ ص
جمعية الصحفيين تقود ولا تقاد

علي بن راشد المطاعني

ali.matani2@gmail.com

تعايش الأوساط الإعلامية هذه الأيام تجربة انتخاب مجلس إدارة جديد لجمعية الصحفيين العُمانية نتطلع أن يحمل شعار (صوتك أمانة) الذي يجب أن يترجمه الأعضاء بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان عندما يخاطبون المجتمع باختيار ممثليهم في أي انتخابات كانت سواء في انتخابات مجلس الشورى أو البلدية أو الأندية وغيرها من الانتخابات، وعبر هذا الشعار المفعم بالمعاني عميقة الدلالات يحثون المواطنين على حسن الاختيار بدون أي ولاءات أو صداقات أو انتماءات من أي نوع كان، فمصلحة الوطن هي التي يجب أن تبقى الأعلى والأسمى وهو ما نتطلع إلى تجسيده في انتخاب من يمثلهم بعيدا عن كل ما يشين هذه التجربة ويشوهها.

فالانتخابات المقبلة لجمعية الصحفيين العُمانية رغم بعض العثرات التي وقعت والناتجة من عدم وجود الإشراف الجيد من قبل الجهة المختصة والأخطاء الواضحة في إدارة الانتخابات وفي منح العضوية وتجديدها وما يعتريها من أخطاء، إلا أن ذلك لا يمنع من أن يقدم الزملاء الصحفيون أنموذجا في ترجمة المبادئ التي ينادون بها ويطالبون بتطبيقها وتجسيدها على أرض الواقع، ولتكن جمعيتهم هي القدوة التي يحتذى بها في غض الطرف عن المجاملات والنأي بعيدا عن الولاءات وشراء الأصوات والتجديد لها والتي لا علاقة لها بالمهنة، حيث ينظر إليها وعلى نطاق واسع بأنها المؤتمنة على المجتمع بأسرة، فهم وفي الأساس حملة أقلام والقلم قد أقسم به رب العزة كما نعلم. الأمر الذي يضع الجميع تحت ظلال المسؤولية التاريخية، فالتاريخ لا يرحم إن كان الصحفي لا يترجم ما يكتبه ويحث المجتمع على تبنيه، وإن لم تستطع هذه الجمعية تحديدا وضع لبنات الشفافية في منظومة العمليات الانتخابية في البلاد، فإن ذلك يعد انتكاسة بكل المقاييس تثير الكثير من التناقضات في ضمائر حملة الأقلام بين ما يحثون المجتمع عليه، وبين ما يعملون على تطبيقه في جمعيتهم.

فعلى الرغم من التحضيرات الجارية ومحاولات التأثير على سير العملية الانتخابية وفقا للتكتلات التي تتوجس خيفة من شمس الشفافية المفضية لانتخابات حرة ونزيهة وتغدو مضربا للأمثال لكل الجمعيات المشابهة ومؤسسات المجتمع المدني، فضلا عن زهد البعض في حتمية التغيير للأفضل وللأحسن بتلقائية تبقي هذه العملية ناصعة، إلا إن كل ذلك لا ينبغي أن يمنع الصحفيين من أن يعكسوا القيم العظيمة التي تقوم المهنة على أكتافها، وقد آن الأوان لتبدو واضحة لكل ذي عينين ولسان وشفتين، وقد آن الأوان أيضا للنأي عن التبعيات المفضية للفشل لا قدر الله، فعندما تفشل جمعية الصحفيين في تأكيد هيبة القلم فإننا وعندها يمكننا القول بأسى بالغ على الدنيا السلام، فمن بعدهم سيفعل ذلك، وهم وفي الأساس هنا ليقودوا المجتمع بأسره إلى ساحات الضياء والنور.
إن غياب الإشراف من قبل الجهات المختصة لا يعني أن الحبل بات على الغارب، فالجمعية هي التي تقود ولا تقاد، هذا مبدأ نحن على ثقة أنه حقيقة، وعلى ذلك ورغم كل السلبيات المصاحبة للعملية الانتخابية فإننا نعتبر هذه الانتخابات كتحد ضخم ينبغي على الزملاء قبوله بصدر رحب، والتأكيد للجميع أن مثل هذه الصغائر لن تقف في طريق الجمعية إذ هي تتطلع كحق مشروع لقيادة المجتمع في كيفية ترجمة المثل العليا إلى واقع.
نأمل صادقين أن تغدو هذه التجربة هي الأنموذج الذي يحتذى به في كل التجارب الانتخابية بهذا الوطن العزيز على قلوبنا، نأمل أن تقبل الجمعية وأعضاؤها التحدي فهم مؤتمنون على أصواتهم مثلما هم مؤتمنون على ضمائرهم في التعاطي مع قضايا الوطن بكل حيادية وشفافية وصدق لا يقبل التشكيك.