.. وماذا عن الترفيه؟

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٧/مارس/٢٠١٨ ٠٢:٥٨ ص
.. وماذا عن الترفيه؟

لميس ضيف

الترفيه، كالتعليم والطبابة حاجة إنسانية ملحة، ليست من الكماليات وليست أداة تجزية للفراغ كما يتوهم البعض، وإن كنتم لا تصدقونني فابحثوا عن أهميته في البناء التربوي والبدني والنفسي وعن العلل التي تأتي مع سفينة غيابه، والمجتمعات التي تقصّر في الترفيه تدب فيها أمراض لا تعد، فالقلوب تكّل وإذا كلّت عميت وظلت، والترفيه حق للبشر، وهو أرضيةٌ للمجتمعات الصحية المنتجة.

على صعيد اقتصادي تمثل صناعة الترفيه مورداً من موارد الدول، فهي تجتذب السياحة الخارجية وتطلق شرارة السياحة الداخلية، المملكة العربية السعودية وصلت لهذه القناعة مؤخراً وقررت استثمار 64 بليون دولار في الترفيه على مدار 10 سنوات، وأنشأت هيئة للترفيه لتوفر للمواطنين مساحة للترويح عن النفس بعيداً عن السفر، لاسيما بعد أن أثبتت الدراسات أن السائح السعودي ينفق 21 بليون دولار سنوياً حول العالم على السياحة، وفي كل المواسم، وهو ما حدا بالمملكة لتغيير سياستها لكبح جماح ما يُنفق في الخارج.
ويعدّ نموذج دبي، أقرب النماذج حولنا وأكثرها شخوصاً إذ استثمرت 55 مليون دولار في تطوير متنزهات وأماكن ترفيهية لتستقبل 21 مليون زائر في المتوسط سنوياً، كما خرجت بأفكار تسويقية ممتدة حتى في أشهر القيض قاسية المناخ للحد من سفر المواطنين والمقيمين للخارج عبر توفير مسارب ترفيهية لهم على أرض الدولة.
في السلطنة هناك جمهور عريض متعطش لأية فعاليات أو برامج، ومهرجان مسقط تجربة حية إذ إنه، رغم تواضعه وبساطة برامجه وعروضه، وعدم تجديده أيضاً، يجتذب جمهوراً عريضاً من المقيمين والمواطنين فاق الـ400 ألف زائر مطلع العام، في حين اجتذب موسم خريف صلالة حوالي 500 ألف زائر، فالبلاد جميلة ومناخها أكثر اعتدالاً من سواها، وفيها مقومات لا نظير لها بين قريناتها وكل ما ينقصها هو برنامج منوّع، موزع على العام كله، يوفر للمجتمع ما يبتغيه ويحتاجه من برامج وترفيه.
وإن كان الوقت غير موات في هذه المرحلة، الحرجة اقتصادياً في العالم قاطبة، فلا ضير من طرح مساحات ساحلية، أو مواقع سياحية للاستثمار ليتلقفها المستثمرون في الداخل والخارج أيضاً، ليتحول تطوير تلك المواقع من عبء على الدولة لمصدر دخل إضافي لها، لينعم المواطنون والمقيمون في نهاية المطاف بترفيه يرقى لتطلعاتهم، ويعطي جمال البلد ما يستحقه من عناية وتطوير.