مسقط - يوسف بن محمد البلوشي
أكدت نائبة رئيس جامعة السلطان قابوس للدراسات العليا والبحث العلمي د.رحمة المحروقية أن قضايا الغذاء والماء تأتي في مقدمة أولويات البحث العلمي بجامعة السلطان قابوس لكونها من مرتكزات الأمن القومي للسلطنة، مضيفة أن أمن الطاقة ومصادرها المختلفة وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات تليها مباشرة في سلم اهتمامات وتوجهات البحث العلمي في السلطنة بشكل عام وفِي جامعة السلطان قابوس بشكل خاص.
وأضافت المحروقية، في تصريح خاص لـ «الشبيبة» خلال مشاركتها في ندوة التعاون العلمي لدول الخليج والمملكة المتحدة حول تقنيات الزراعة والزراعة المائية وسلامة الغـذاء التي ينظمها مجلس البحث العلمي وشبكة العلوم والابتكار بالمملكة المتحدة والمجلس البريطاني الثقافي وجامعة السلطان قابوس على مدى يومين بفندق كراون بلازا مسقط، أن من بين الدراسات التي تقوم بها جامعة السلطان هي تلك التي تقوم على إدخال محاصيل مقاومة للبيئة لزراعتها في السلطنة.
وأشارت، في الندوة التي رعى افتتاحها وكيل وزارة الزراعة والثروة السمكية للزراعة سعادة د.أحمد بن ناصر البكري، إلى أن الجامعة تتــــــوفر بها مزرعة اختبارات يجري فيــــــها إجراء مختلف التجارب العلمية حول النباتات والحيوانات ومتاحة للتعاون مع مختلف الجهات الحكومية والخاصة في السلطنة.
وأوضحت المحروقية أن مشاريع الاستزراع السمكي هي من بين اهتمامات مجلس البحث العلمي في جامعة السلطان قابوس وذلك من خلال تحديد أصناف الأسماك سريعة التكاثر وزيادة إنتاج الأنواع التي يفضلها المجتمع العُماني أو تلك التي تحقق قيمة مضافة في التصنيع والتصدير، بالإضافة إلى الاستفادة من بقايا الأسماك كأسمدة زراعية.
وأشارت المحروقية إلى أن الوعي كان غائباً في السابق حول أهمية البحث العلمي في تحقيق الرفاه الاقتصادي للسلطنة والتغلب على بعض التحديات الناتجة من البيئة المحيطة، إلا أن الفترة السابقة شهدت نوعاً من التحسن في اهتمام الحكومة والقطاع الخاص في إدخال البحث العلمي ضمن أهم مرتكزات الاستثمار لتحقيق التنويع الاقتصادي.
وأوضحت المحروقية أن العام 2017 كان متميزاً في توجه المؤسسات الحكومية والخاصة في الاستفادة من جامعة السلطان قابوس في إجراء بعض البحوث الاقتصادية المختلفة، مشيرة إلى أن الغد سيشهد توقيع شراكة مع المؤسسة العامة للمناطق الصناعية فيما يتعلق بالبحوث في مجال الصناعة وتطوير المناطق الصناعية بالسلطنة. وأشارت المحروقية إلى أن البحث العلمي يحتاج إلى أموال كبيرة وجهد مستمر ولا يتأتى ثماره بين يوم وليلة، مؤكدة في الوقت نفسه على أن نتائج البحث العلمي تحقق تحولات جذرية تساعد المؤسسات العامة والخاصة في تحقيق أهدافها المنشودة.
وبينت المحروقية أن توجه جامعة السلطان قابوس هو بناء القدرات في مجال البحث العلمي، بالإضافة إلى إشراك الطلاب في العملية البحثية وذلك عبر إنشاء مركز متخصص في الابتكار وريادة الأعمال يساعد الطلبة على ترجمة أفكارهم واختراعاتهم إلى مشاريع حقيقية وتمكنهم من إنشاء مؤسسات خاصة بهم.
وأضافت المحروقية أن الجامعة يدرس بها حالياً 18 ألف طالب يمكن أن يتحول جزء منهم إلى رواد أعمال وهم على مقاعد الدراسة، وبذلك يسهموا في خدمة الاقتصاد الوطني ويضاعفون من عملية التشغيل الذاتي التي تسعى الحكومة إلى تحقيقها عبر برامج ريادة الأعمال المختلفة.
وأوضحت المحروقية أن جامعة السلطان قابوس تعمل حالياً على توسعت دائرة تواصلها مع المجتمع وتقديم الاستشارات اللازمة لمختلف المؤسسات الحكومية والخاصة فيما يتعلق بمختلف القضايا الاجتماعية والاقتصادية؛ وذلك كأحد أختصاصاتها والنظام الذي تعمل به.
وجاءت الندوة من أجل تشجيع تبادل الأفكار والخبرات بين الباحثين في منطقة الخليج والمملكة المتحدة، إلى جانب إيجاد فرص للتعاون مستقبلاً؛ من أجل تطوير أنظمة إنتاج الغذاء المحلي، وبناء القدرات والإمكانيات الخاصة بشبكات إمداد الغذاء، التي تتسم بعدم الاستقرار، ومعالجة المشاكل المتزايدة التي تواجه الزراعة المائية والثروة الحيوانية (بما في ذلك مقاومة المضادات الحيوية) وذلك عبر استعراض الأوراق البحثية للعلماء المشاركين في عدد من المواضيع الفرعية لهذه الندوة، وهي مجال تقنيات الزراعة كالبيئات الخاضعة للتحكم -تقنية البيوت المحمية والأراضي الجافة والزراعة الملحية والتقنيات الإحيائية وتربية الثروات الحيوانية في بيئات قاحلة وقاسية - التحديات والتطورات، وفي مجال الزراعة المائية تم التطرق لموضوع الوقاية من الأمراض ومكافحتها والأصناف المبتكرة، وأساليب الإنتاج المبتكرة لتحقيق الحد الأقصى من الإنتاج المستدام أما في مجال سلامة الغذاء سيجري التطرق إلى طرق الإنتاج الحلال (الرقابة والجودة) وتلف الأغذية، وتخزينها، ونقلها واختبار الأغذية ومعاييرها وأمن التغذية.
وبهذه المناسبة قال مدير المناطق العلمية بمجلس البحث العلمي د.عبدالباقي بن علي الخابوري: «إن الندوة جاءت لمناقشة أهم التخصصات التي تحتاجها السلطنة خلال هذه الفترة من الزراعة المائية والموارد المائية».
وزاد الخابوري أن المجلس يعنى ويهتم بمثل هذه المواضيع لإيجاد الحلول العلمية والابتكارات التي تخص هذا المجال، كما يعمل المجلس حالياً ممثلاً في مجمع الابتكار مسقط الذي يعنى بتخصصات متعددة منها الموارد المائية والطاقة، كذلك التوجه إلى الاقتصاد المبني على المعرفة التي تنتهجها السلطنة في الاستفادة من الموارد والفرص المتاحة في هذا المجال، إذ يعد البحث العلمي والابتكار ركيزة أساسية في هذا المجال والمجالات الأخرى.
وتحدث د.فهد محمد الجساس، من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، بشأن استخدام التقنيات الحديثة في رفع جودة التمور عن طريق استخدام تقنية الضغط العالي، التي أعطت نتائج جيده في حفظ التمور وخفض الحمل المايكروبي للتمور والقضاء على الأعفان التي تسببها للتمور بشكل عام، كذلك عملت الدراسة على رفع الجودة خاصة في لون وجودة التمور مما يساعد في زيادة فترة صلاحية التمور للعرض في الأسواق.
ومن جهته، قال بول هيلدر، مدير المجلس الثقافي البريطاني في عُمان: «تعد ندوة التعاون العلمي حدثٌ هام يجمع المهتمون من صناعات عديدة ليشاركوا معرفتهم وأفكارهم التي ستعود بالنفع على عُمان ودول مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة. إنه لمن الفخر لنا في المجلس الثـــــقافي الــــــبريطاني أن نشترك في هذا البرنامج ونشــــــهد تعاون العلماء من المملكة المتـــــحدة وعُمان لإيجاد حلول للتحديات العالمية المشتركة. وقد شهدت الندوة في عامها الثاني اهتمام متجدد من قبل القطاعين العام والخاص على حد سواء».
وقال رئيس شبكة العلوم والابتكار في الخليج نيكولاس بوشيه: «لقد كانت شبكة العلوم والابتكار في المملكة المتحدة سعيدة في دعم وتنظيم هذا الحدث، فهو يتماشى مع استمرارنا بتعزيز العلاقة المتبادلة بين عُمان ومنطقة الخليج والمملكة المتحدة من خلال العمل على الأبحاث العلمية والابتكار. المملكة المتحدة ملتزمة بتوسيع نطاق تعاونها في المنطقة من خلال الأبحاث، ونحن نعمل على دعم عُمان والدول المجاورة بتعزيز مرونتها من خلال التطرّق للتهديدات العالمية طويلة الأمد، التي تتضمن العديد من التحديات المتعلقة بالأمن الغذائي.
وأعرب عن سروره بمستوى الاهتمام بهذا الحدث، الذي يركز بشكل واضح على الأهمية التي أولتها دول الخليج والمملكة المتحدة لقضايا التكنولوجيا الزراعية والزراعة المائية والأمن الغذائي، والرغبة بالتعاون على المستويين الأكاديمي والحكومي معاً». ويحظى موضوع الأمن الغذائي باهتمام عالمي، وأهمية خاصة بالنسبة لدول الخليج؛ نظراً للنمو السكاني المتسارع، ومعوقات الإنتاج الغذائي المحلي بفعل الظروف المناخية القاسية، والإمدادات المحدودة للمياه.
وتعتمد دول الخليج بصورة كبيرة على واردات الغذاء من أجل تلبية الاحتياجات المحلية، ومن المتوقع ارتفاع هذا الاعتماد، مع ازدياد في حجم الطلب بنسبة 50% خلال العقــــــدين المقبلين، الأمر الذي يُعرض دول الخليج للمخاطر بسبب عدم إمكانية الاعتــــماد على سلاسل الإمداد، فضلاً عن عدم استقرار الأسعار في أسواق الغذاء العالمية.
ومع إدراك هذه المخاطر، عكفت دول الخليج على تحديد مسائل الأمن الغذائي والمواضيع المرتبطة به، بما في ذلك تقنيات الزراعة، والزراعة المائية، إضافة إلى سلامة الغذاء باعتبارها أولويات وطنية.
ويلعب البحث العلمي دوراً حيوياً في تذليل تحديات ضمان الأمن الغذائي، وبذلك يأتي تنظيم هذه الندوة لإبراز أحدث التطورات في هذه المجالات.