الإنفاق العسكري.. زيادة تلتهم مخرجات التنمية

الحدث الأحد ٠٦/مارس/٢٠١٦ ٠١:١٥ ص

عواصم –
قالت الصين يوم أمس السبت إنها ستزيد إنفاقها العسكري 7.6 في المئة هذا العام في أقل زيادة منذ ست سنوات في الوقت الذي تعهد فيه رئيس الوزراء الصيني بمواصلة خطة تحديث ستؤدي إلى تقليص عدد أفراد القوات المسلحة.

ولا يمثل هذا الرقم الذي يبلغ 954.35 بليون يوان (146.67 بليون دولار) سوى ربع ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية لعام 2016 والتي تبلغ 573 بليون دولار ولكنها تأتي في وقت يتزايد فيه القلق من نوايا الصين في نزاعات إقليمية مثل النزاع في بحر الصين الجنوبي. وتعد هذه أقل زيادة منذ 2010 في أعقاب زيادات كبيرة على مدى نحو 20 عاماً بشكل متواصل كما أنها تأتي في الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد الصيني تباطؤاً. وأُعلنت هذه الزيادة يوم السبت في بداية الاجتماع السنوي للبرلمان الصيني، ويسعى الرئيس الصيني شي جين بينج إلى تحديث جيش التحرير الشعبي الصيني حيث يتم الاستغناء عن 300 ألف فرد وإعادة هيكلة قيادة الجيش التي تعود إلى حقبة الحرب الباردة. ولكن الجنود والضباط القلقين على أمنهم الوظيفي يعارضون هذه الإصلاحات ولم تُنشر تفاصيل تُذكر بشأن مصير من سيتم الاستغناء عنهم. وقال رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانج في افتتاح أعمال البرلمان إن الصين «ستعزز بطريقة منسقة الاستعداد العسكري على كل الجبهات ولكل السيناريوهات. سنعمل على جعل القوات المسلحة أكثر ثورية وحداثة ومنظمة بشكل جيد في جميع المناحي وسنبقى ملتزمين بحماية الأمن الوطني. سنحقق تقدماً مطرداً في إصلاح هياكل قيادة القوات المسلحة وبدء إصلاح حجم وهيكل القوات المسلحة بالإضافة إلى سياساتها ومؤسساتها».

تقرير

في شهر ابريل الفائت أفاد تقرير إحصائي نشره معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أن الإنفاق العسكري ارتفع كثيراً في 2014 في روسيا والصين وكذلك في دول أوروبا الشرقية.

ووفقاً للتقرير احتلت روسيا المرتبة الثالثة في قائمة الإنفاق العسكري بنفقات قدرت بـ 84.5 بليون دولار، مرتفعة في العام 2014 بمعدل 8.1 % في إطار تحديث القوات المسلحة، ويتوقع زيادتها بنسبة 15 % في ميزانية العام الجاري.
وحسب التقرير تبقى الولايات المتحدة البلد الأكثر إنفاقاً، لكن نفقاتها تراجعت بنسبة 6.5 % على أساس سنوي في العام 2014 لتبلغ 610 بلايين دولار، مع ذلك تبقى أعلى بنسبة 45 % من مستواها قبل اعتداءات 11 سبتمبر 2001. في حين جاءت الصين في المرتبة الثانية بنفقات قدرت بـ 216 بليون دولار أي بارتفاع نسبته 9.7 %. كما أشار التقرير إلى زيادة في حجم الإنفاق العسكري في الكثير من الدول في أوروبا الوسطى ومنطقة البلطيق والشمال. ففي أوكرانيا زاد الإنفاق العسكري بنسبة 23 % في 2014 على أساس سنوي ليبلغ 4 بلايين دولار فيما يتوقع أن يتضاعف في العام 2015.
وأشارت إحصاءات المعهد إلى أن بولندا رفعت ميزانيتها المخصصة للدفاع بنسبة 13 % في 2014، وتنوي زيادتها بنسبة 38 % في 2015 ويتوقع أن تتجاوز هدف الـ2 % من إجمالي الناتج المحلي الذي حدده حلف شمال الأطلسي التي هي عضو فيه.
وعلى الصعيد العالمي تراجع الإنفاق العسكري للسنة الثالثة على التوالي إذ بلغت وتيرة التراجع 0.4 % على أساس سنوي ليصل إلى 1446 بليون دولار. وفي أفريقيا زاد الإنفاق العسكري بنسبة 5.9 % و5 % في آسيا لا سيما وأن الصين تخصص ما بين 2 % و2.2 % من إجمالي ناتجها المحلي للدفاع منذ نحو عشر سنوات.

زيادة كبيرة

قال وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، عادل فقيه، في مؤتمر صحفي: إن الإنفاق العسكري والأمني للمملكة في العام 2015 زاد نحو 20 بليون ريال (5.3 بليون دولار).

وأرجع فقيه، الزيادة إلى مشاركة السعودية في عملية عاصفة الحزم التي تقود فيها المملكة تحالفاً عربياً ضد الحوثيين باليمن، ولم تكشف الحكومة من قبل عن تكلفة مشاركتها في عملية اليمن.
وأظهرت خطة موازنة 2016 التي أعلنتها وزارة المالية تخصيص 213 بليون ريال سعودي للخدمات العسكرية والأمنية، وهو أكبر مخصص في الموازنة إذ يمثل ما يزيد على 25 % من إجماليها. يُذكر أن المملكة لجات إلى زيادة نفقاتها العسكرية بشكل مطرد بعد العام 2010، إثر شعورها بتهديد متصاعد على خلفية الاضطرابات والصراعات في المنطقة. ورغم انخفاض أسعار النفط الخام، حافظت السعودية على صدارتها في استيراد الأسلحة عبر صفقات ببلايين الدولارات، حيث لفتت الأنظار مؤخراً بتوقيع صفقة مع فرنسا قبل يومين بقيمة 11.5 بليون دولار، تشمل مجالات مختلفة بينها الطيران والطاقة. وبموجب الصفقة تستورد السعودية 30 طائرة ركاب من شركة إيرباص الفرنسية، فضلا عن 23 مروحية متعددة الاستخدام من طراز H145، قيمتها 500 مليون دولار.
ويستخدم هذا النوع من المروحيات لأغراض مدنية عموماً، ويمكن استخدامها في الدوريات والعمليات العسكرية، وتزويدها بصواريخ باليستية وموجهة، ورشاشات، ويستعملها الجيش الأمريكي. كما تنص الصفقة على إجراء دراسة الجدوى الاقتصادية لإنشاء مفاعليين نوويين. وزادت السعودية التي جاءت في المراتب الأولى في استيراد الأسلحة بالآونة الأخيرة، من نفقاتها العسكرية خلال 2014، بنسبة 17 %، رغم انخفاض أسعار النفط الخام إلى النصف. وذكر تقرير لصحيفة «فاينانشيال تايمز» أن المملكة العربية السعودية في طريقها لتصبح أكبر دولة تنفق علي قوتها العسكرية في العالم بحلول العام 2020، وذلك بعد زيادة ميزانيتها الدفاعية بنسبه 27 % خلال السنوات الخمس المقبلة رغم انخفاض أسعار النفط.
وبحسب تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، حول الإنفاق العسكري لعام 2014، حلت السعودية رابعة بعد الولايات المتحدة والصين وروسيا، بـ 80.8 بليون دولار. كما جاءت المملكة ثانية بعد الهند في الإنفاق على السلاح، بين 2010 و2014 بحسب تقرير المعهد حول تجارة الأسلحة لعام 2014. وكانت السعودية تصدرت قائمة الدول المستوردة للسلاح العام 2014 بحسب تقرير لـشركة (آي اتش اس) الدولية المختصة بالمعلومات والأبحاث وتحليلات السوق في مجالات مختلفة، ومقرها الولايات المتحدة. ولعبت التوترات في المنطقة دوراً مهماً في زيادة النفقات العسكرية للمملكة من 45.3 بليون دولار في العام 2010، إلى 48.5 بليون في 2011، وإلى 56.5 بليون في 2012، و67 بليوناً في 2013. وبلغت قيمة النفقات العسكرية 80.8 بليون دولار في 2014، أي ما يعادل ضعف الإنفاقات بين 2005 و2009 تقريباً، وشكلت النفقات العسكرية خلال العام الفائت 10.4 % من إجمالي الناتج المحلي للمملكة.

مقدرات التنمية

أثبت تقرير أعدته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) تراجعاً لافتاً في مؤشرات نمو البحث العلمي لدى أغلب دول منطقة الشرق الأوسط.

تقرير اليونسكو
وجاء في تقرير اليونسكو عن العلوم: نحو العام 2030 لخص الأسباب في عدم وجود تركيز كافٍ على الأولويات والاستراتيجيات البحثية، وعدم كفاية التمويل لتحقيق الأهداف البحثية، وقلة الوعي بأهمية البحث العلمي الجيد، إضافة إلى تشبيك غير كافٍ بين الباحثين، وجهود تعاونية محدودة بين دول المنطقة، وهجرة كثيفة للعقول.

وأبرز التقرير من بين الأسباب تأجج الصراعات والثورات خلال الأعوام القليلة الفائتة، حيث ذكر أن الضغوط المتصاعدة على الدول العربية، وخاصة تلك المتعلقة بالأمن ومكافحة الإرهاب، حفّزت حكومات هذه الدول على زيادة الإنفاق العسكري والتسليح، بدلاً من إنفاقها على البحوث والتنمية.
وبالأرقام، أشار التقرير إلى هذه الزيادة التي بلغت حوالي 4 % منذ العام 2013، وهو ما يقدر بنحو 150 بليون دولار أمريكي، ففي المملكة العربية السعودية وحدها زاد بمعدل 14 %، أي ما يقارب 67 بليون دولار، متخطية بذلك المملكة المتحدة واليابان وفرنسا، لتصبح رابع أعلى دولة في الإنفاق العسكري بعد الولايات المتحدة والصين وروسيا.
كل هذا كان طارداً للكفاءات، إذ رصد التقرير ارتفاعاً ملحوظاً لمعدلات هجرة العقول خلال السنوات الأخيرة في العالم العربي، وأكد معدو التقرير من العالم العربي لشبكة SciDev.Net أنهم «وجدوا صعوبة في جمع بعض البيانات؛ نظراً لتحفظ كثير من الدول عليها، ومن بينها الأعداد الفعلية للعقول المهاجرة».

أهم ما يميز التقرير، هو أنه الأول من نوعه بعد الثورات العربية، كما يشير منيف الزعبي، مدير عام أكاديمية العالم الإسلامي للعلوم بالأردن، وأحد المشاركين في إعداد التقرير.

وأوضح الزعبي أن التقرير «يضم إحصائيات محدثة وتحليلات للظروف التي شهدتها كل دولة بالمنطقة بعد ثورات الربيع العربي، رابطًا إياها بالوضع الاقتصادي، مع تحليل مؤشرات النمو أو التراجع في البحث العلمي بكل بلد».

موازنات البحث العلمي أحد هذه المؤشرات، يقول الزعبي لشبكة SciDev.Net: «بعض الدول حددت نسبة واضحة للإنفاق الحكومي عليه في دستورها، وهي ظاهرة مهمة شهدتها مصر والعراق وليبيا وغيرها». ورغم تعهد الحكومات برفع حصة البحث العلمي إلى 1 % من الناتج المحلي الإجمالي منذ 25 عاماً، لكن لم تلتزم أي دولة عربية واحدة بالوصول لهذا الهدف، وفق ما أشار التقرير.