حامد بن شظا المرجان
ينتشر فى المجتمعات العربية فكر التهميش .التهميش تعنى حرفيًّا وضع الأشخاص أو الجماعات على هامش الأحداث ويعني كذلك العزل أو الإقصاء أو الاستثناء أو عدم الشمول.التهميش في بعض جوانبه يعني عدم قدرة المجتمع على تفعيل كل أفراده بالدرجة التي يحققون فيها ذواتهم ويفعلون فيها مقدراتهم وقدراتهم ومواهبهم وطاقاتهم ويوافق مفهوم التهميش مفهوم الاستبعاد الاجتماعي، الذي هو نقيض الاندماج أو الاستيعاب، فهو موضوع حيوي وكاشف لطبيعة البنية الاجتماعية في أي مجتمع، فالاستبعاد ليس أمرًا شخصيًّا، ولا راجعًا إلى تدني القدرات الفردية فقط بقدر ما هو حصاد بنية اجتماعية معينة ورؤى محددة ومؤشر على أداء هذه البنية لوظائفها والنتيجة الحتمية المترتبة على التهميش هي الاضمحلال فإنه حين تهمش مواطن من غير سبب عملي وموضوعي فإنك تدفع به نحو الاضمحلال وذلك من خلال تحجيم فرص ارتقائه ومن خلال محاصرته على الصعيد الثقافى او العملى،التهميش الذي يُمارس بين افراد المجتمع وممارسة كل فئه ما يسمى باحتكار المناصب أو حيازة الثروات فقط دون ما سواها وهى من المظاهر المنتشره فى بعض المجتمعات العربيه.وهذه الظاهرة ممن يعبر عنه في الواقع الاجتماعى بمصطلح آخر وهو مصطلح التمييز الذي هو عبارة عن داء يفتك بالإخوة فى المجتمع الواحد، فيقطع أواصرها ويجعل صفوها كدرً، فهل يجوز للمواطن أن يكون وجهه الطلق وابتسامته العريضة، وسلامه الحار لمن هو من مذهبه او من شلته أو جماعته، ولغيره العبوس والسلام البارد او القتل مثل ما هو حاصل فى بعض المجتمعات،وهل يجوز للانسان أن يغض الطرف عن أخطاء جماعتها وابناء مذهبه او شلته، وإذا وقع غيره في الأخطاء نفسها شهّر به وتكلم عليه وسلط عليه اجهزه الرقابه والعقاب.وإذا ذكرت له خطأ وقع به واحد منهم أتى بالمبررات المختلفه وقال هذه أخطاء يقع فيها البشر وان هذا ابن فلان ومن جماعه فلان.لا شك أنها التربية السيئة التي تمارس على الطفل عند نشأته فيقال له نحن الأفضل والاصفاء لاننا من جماعه كذا اوكذا او مذهبنا كذا واصلنا كذا، وغيرنا فيه نقص فى مذهبه او جنسه او اصله او شكله، وكل هذا حبًّا في اقصاء الاخر والتمتع بالمناصب والجاه والثروات لجماعته واصحابه واتباعه. ولعلاج هذه الظاهرة نقول أنه لا ينجو من هذا الداء إلا من تنبه له من البداية، وعرف أن أنواعًا من التربية ستؤدي حتمًا إلى هذا النوع من الممارسه، فخاف واحتاط لنفسه، فهو يحاسب نفسه ويلتفت وراءه ويجدد ويتجدد بين كل فترة وأخرى ، حتى لا يقع في هذا الداء الذي تطاير شرره.وهناك ايضا الشللية، وهو تجمع عدد قليل ممن تتقارب مصالحهم أو ثقافتهم أو جمعهم هدف واحد، قد يكون هذا طبيعيًّا في البداية، ولكن بسبب انسجام آرائهم، يتطور الأمر ليشكلوا أداة ضغط على العمل ويتعصبون لبعضهم ويكونوا عصابه فساد هدفها اقصاء الاخرين، ويقدمون الخدمات لأنفسهم ولأصحابهم وجماعتهم والاقرباء من عشيرتهم من خلال التسهيلات والخدمات المختلفه، ويحاولون كسب الأصحاب، ولا مانع عندهم من وضع الناس في غير مواضعهم وعلى حساب الكفاءة والإخلاص والوطن، وتسير الأمور بهذه الطريقة وتصبح كأنها ظاهرة طبيعية فيشار إليها ضمن العمل العادى.وهذا المرض إذا لم يتنبه له المجتمع والدوله في البداية يستفحل ويؤثر تأثيرًا سلبيًّا على بناء المجتمع ومستقبل الوطن. ما يحصل اليوم من صراع وقتال فى بعض المجتمعات يعود اسبابها لفكر التهميش المنتشر فى هذا المجتمعات.لكل شخص الحق في العيش والتمتع بنفس الحقوق بغض النظر عن اصله وجنسه ولونه او مركزه الاجتماعى اومذهبه ، إذ لجميع البشر الحق في العيش حياة كريمة ومطمئنة ، فلا يوجد لأي شخص الحق أن يشبع دوافعه وحاجاته ويحقق ذاته ومكانته على حساب الآخر ، وهذا ما تكفله القوانين الانسانية والدساتير التشريعية والإلهية ، فالجميع متساوي في كل شيء ما عدا الفروق الفردية أي الذكاء والقدرات والسمات الشخصية وعلى الرغم من تطبيق هذا الكلام على ارض الواقع إلا أنه يظهر بصورة مخالفة تماما، إذ تمارس الكثير من المجتمعات التهميش والاستبعاد النفسي والاجتماعي بحق جماعة أو شخص، وقد يصبح أداة في اقصاء الاخر وحصوله على وظيفه جيده او مشروع تجارى او مركز قيادى فى الموسسة الذى يعمل بها . إن أكثر جماعة تعاني من التهميش بصورة دائمة هى الجماعات التى ليس لها نفوذ، فنجد هذه الجماعات تعاني العزلة والبعد والحرمان من اشباع ابسط متطلبات الحياة بل نجد أن البعض منها يصبح كبش فداء وتُفرغ عليه أقسى مشاعر العداء والكراهية. ويأخذ التهميش كما يشير إليه علماء النفس أشكال متنوعة وصور مختلفة فقد يأخذ التهميش صورة فردية أو جماعية فأحيانا نحن نهمش الاشخاص الذين تختلف مصالحهم معنا ، فنحاول حرمانهم وعزلهم ومعاقبتهم حتى يخضعوا لنا أو نشبع حاجتنا على حسابهم وحقوقهم في حين قد يصل التهميش على مستوى العلاقة بين الجماعات فتحاول كل جماعة ان تهمش الجماعة الأخرى وتسلب حقوقها وأن تعيش على حسابها وتحرمها من التمتع بإنسانيتها، انظر ما يحصل فى بعض المجتمعات من تهميش لابناء الوطن الواحد.وعلى العموم هناك تفسيرات عديدة لعملية التهميش فعلى الصعيد الفردي ، قد يرجع التهميش الى نمط شخصية الفرد فالشخصية العدائية والمتسلطة دائما ما تحاول تهميش الأخر من أجل تحقيق ذاتها ، ويظهر التهميش بين الافراد بسبب المصالح الذاتية والتنافس على اشباع الحاجات مثل الثروات والمناصب وغيرها .
كاتب ومستشار تنموى