الإحباط دافع للإنجاز

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٨/فبراير/٢٠١٨ ١٢:٢٤ م
الإحباط دافع للإنجاز

تمثل بيئة العمل في كل المجالات أحد العناصر الرئيسية التي يتوقف عليها نجاح الموظفين في تحقيق كل ما هو متوقع منهم، وبالتالي زيادة الإنتاجية وتحقيق النجاح لمكان العمل بشكل عام.

وبطبيعة الحال، يجد الموظفون في مختلف القطاعات أنفسهم تحت تأثير مشاعر سلبية مثل القلق والتوتر والإحباط التي قد تتولد نتيجة ضغوط العمل والحياة اليومية، ومن المثير للدهشة أن هذه المشاعر السلبية التي قد يعاني منها بعض الموظفين يمكن تحويلها إلى طاقة إيجابية من شأنها تحسين إنتاجيتهم وإيجاد بيئة عمل أكثر راحة.

ويعد الأداء المهني من الأمور المهمة في حياة الموظفين والشركات على حد سواء ويقاس بأساليب تعكس كفاءة الموظف ومجهوده ومدى كفاءته في أداء كافة مهامه، وقد يتساءل البعض عن أسباب تراجع أداء بعض الموظفين مقارنة مع غيرهم، فمن غير الممكن عدم وجود أسباب واضحة لتراجع أدائهم في العمل، ربما يكون مصدرها الموظف نفسه أو الأسلوب الإداري المتبع، لكن في الجانب الآخر يعتقد البعض أن تراجع الأداء يعود إلى عدم اهتمام الموظف بالمهام الموكلة إليه، وعدم السعي لتطويرها، وبالتالي التحمل والاكتفاء بالأمل في تحسن الوضع وترك الأمور على ما هي عليه، تعد مشكلة كبرى حيث ربما الوضع لا يتحسن أبداً، وبالتالي تتدهور الأمور أكثر حتى يفقد الإنسان رغبته في العمل.
يواجه الإنسان في حياته كثيراً من المشاكل والعقبات التي تحول بينه وبين تحقيق أهدافه، وتختلف درجة وشدة هذه العقبات حتى قد تصل شدتها إلى أن يصيب حالة من الإحباط واليأس تجعله يستسلم لهذه المعوقات، ويعتقد أنه لا خلاص منها، وإذا أراد تغيير حاله وتطوير ذاته والسعي إلى الكمال فإنه حتماً سيواجه معوقات كبيرة وكثيرة، وأول هذه المعوقات وأشدها التي تنبعث من الذات.
فمن أراد أن يغير من حاله ويرتقي بها في سلم الكمال فعليه مواجهة الصعاب، وليعلم أن الطريق لن يكون سهلاً خالياً من الأكدار والمنغصات، ومن أراد التغيير دون أن تواجهه مشاكل في الطريق فهو لم يعرف حقيقة الحياة وطبيعتها، وإذا كانت المعاناة من ضروريات التغيير فإن الأمر السلبي الذي قد يصاحب التغيير هو حالة الإحباط التي قد تصيب الإنسان من هذه المعاناة، وعليه أن يجعل من الإحباط قوة دافعة للإنجاز وتحقيق أهدافه وطموحاته، حيث بالإمكان تحويل الإحباط إلى حدث إيجابي.
كثير من الناس تشغلهم الأحداث الجزئية والجانبية عن الهدف الكلي والغاية الكبرى التي يسعى إليها، ولذلك على الإنسان أن يقف ويبتعد قليلاً عن الحدث لكي ينظر إلى الصورة بشكل كامل، فعليه أن يتخذ وقتاً كافياً لإعادة تأكيد الهدف الأساسي وأن ينظر هل لا زال يسير في الطريق الصحيح، فهذه الوقفة التأملية قد يكتشف فيها أنه قد سلك طريقاً لم يخطر على باله أنه قد يسلكه يوماً ما.
ختاماً، إن سبب الإحباط أحياناً يكمن في مكوث الشخص على حال واحد وعدم التغيير، ويظن أن هذا هو قدره ويجب عليه أن يرضى بهذا الواقع ويتعايش معه، وهذا في واقع الأمر سلب لقدراته، وبالتالي فمن الضرورة بمكان أن يقوم الإنسان بتغيير وضعه إذا كان في وضع سيئ حيث أن الحياة مكان للفرص ولن تنال الفرص إلا بالسعي والبحث عنها، بتفاؤل وأمل والثقة بالله.