التعمين مسؤولية جهة أم حكومة!

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٦/فبراير/٢٠١٨ ٠٣:٢١ ص
التعمين مسؤولية جهة أم حكومة!

علي بن راشد المطاعني

في الوقت الذي تبذل فيه الجهات المختصة بتوظيف الباحثين عن عمل من أبنائنا جهودا كبيرة ومقدرة في إيجاد فرص عمل لهم في الشركات والمؤسسات وتعمل بكل إمكانياتها وقدراتها وتفعل كل آلياتها بما فيها علاقاتها بأصحاب العمل والمسؤولين في الشركات للوصول لتلك الغايات النبيلة، نلاحظ أن هناك بعضا من الجهات الحكومية لا تبذل جهدا كافيا في هذا الإطار لكي ترفد به الجهود المبذولة، في مفارقة غريبة لا تعزز من النجاحات، بل كأنها تعمل عكس التيار، الأمر الذي يثير الاستغراب من هذا التعاطي غير الإيجابي.

ففي البداية يتعين علينا أن نتفق أن مسؤولية التوظيف لا تختص بها جهة واحدة في الحكومة كما هو وارد في اختصاصاتها كوزارة القوى العاملة، بل إنها وفي الواقع مسؤولية مشتركة تشمل كل الجهات الحكومية، وبالتالي فإن عدم تعاون أي جهة من الجهات يؤثر سلبا ويضعف من زخم الجهود المبذولة في هذا الصدد.
ولكي نقترب أكثر من ملامسة هذه الجزئية ولتغدو الصورة أقرب وأوضح للجميع، نضرب مثالا بنجاح التعمين في القطاع المصرفي في البلاد إذ كان ثمرة تعاون بين الجهات المختصة والبنك المركزي العُماني الذي جعل التعمين معيارا للتعاون والتعاطي معه، فاليوم نسبة التعمين في المصارف الوطنية والأجنبية وصلت لأكثر من 90%في المتوسط، ولم نر أي خلل يذكر في كفاءة العمل. وكذلك التعمين في قطاع التأمين الذي يحذو حذو القطاع المصرفي بتوجيه من الهيئة العامة لسوق المال فهذه الجهات تعمل وفق منظومة تعي تماما دورها ومسؤوليتها ومتضامنة مع الجهات المختصة في هذا الواجب الوطني لذا فإن النجاح هو ما نراه يسعى في الأرض ولله الحمد.

وهنا نسأل أنفسنا أين بقية الوزارات والهيئات الحكومية من هذا الزخم في التعاون مع وزارة القوى العاملة، فهذه الجهات إن لم يكن لديها وظائف فإنها معنية بتوفير وظائف غير مباشرة في الشركات التي تتعامل معها وترتبط معها بالأعمال والمناقصات وغيرها من التعاقدات والارتباطات والتراخيص تماما كتجربة البنك المركزي الناجحة مع المصارف. فما الذي يمنع وزارة الصحة على سبيل المثال من أن تبذل جهودا في دعم التعمين في القطاع الصحي سواء في الصيدليات أو المراكز الصحية الخاصة والمستشفيات، فهذا مجالها وحاجة القطاع الصحي الخاص لوزارة الصحة أكثر من حاجته لوزارة القوى العاملة.
وكذلك بقية الوزارات كالتربية والتعليم العالي وأجهزة البلديات وغيرها من أجهزة الدولة التي يمكنها تطبيق ذات التجارب الإيجابية وستصل بإذن الله لذات النجاحات ما بقيت الإرادة مؤمنة بالهدف، وبالتالي تكلل الجهود بالنجاح وتغلق مداخل التحايل وتوجه بوصلة التعمين من كل النواحي للاتجاه الصحيح.
فالجهات الحكومية تسند أعمال تقنية المعلومات بعدة ملايين من الريالات، إلى جهات وشركات، وتلك تستعين بقوى عاملة أجنبية، في حين أن هناك الآلاف من الخريجين العُمانيين في مجال تقنية المعلومات يبحثون عن وظائف، فهل من العدالة أن لا تفعل الجهات المختصة شيئا في هذا الشأن تاركة الجمل بما حمل كما يقال على وزارة القوى العاملة، وهكذا دواليك في الكثير من الجهات التي يجب أن تبذل جهودا مماثلة ليكون الصوت واحدا للنهوض بالتعمين.
إن المسؤولية تقتضي أن تعمل كل الجهات الحكومية بشكل مشترك كل في مجاله لإنجاح مسار التعمين في الشركات من خلال العديد من الأطر والآليات التي تمتلكها وما عليها إلا تنزيلها كواقع مصحوبة بالتصميم الكافي.
نأمل من كل الجهات أن ‏تنهض بمسؤولياتها في هذا الشأن مع تفعيل جهودها لتتكامل وتتسق مع الجهود الناجحة التي تحققت بالفعل بفضل الله وبجهود المخلصين من أبناء الوطن.