القاهرة – ش
«كورنيش النيل».. أو فسحة البسطاء والغلابة كما يطلقون عليه في مصر، ملاذ لكل الباحثين عن الراحة النفسية وقضاء أوقات جميلة بعيدا عن أسعار المتنزهات التي قد لا يتحملها الفقراء.
على ضفافه تكتب قصص الحب والعشق، وفي لياليه الساحرة يحتفل الشباب والفتيات بالتقاط أجمل الصور لليلة الزفاف، وفوق الجسور التي تربط غرب القاهرة بشرقها تحلو الفضفضة وحديث النفس، فتغتسل الأرواح، وتتطهر من ضغوط الحياة، فتعبر صفحات النيل مفعمة بالأمل والحيوية والنشاط.
ربما تكون النزهة على كورنيش النيل مجانية تماما، فالهواء العليل والمنظر البديع يظل متاحا للجميع، وتتدرج تلك التكلفة من بضع جنيهات إذا ما رغب المتنزه في تناول «حمص الشام» أو «الذرة المشوي» وتصل إلى نحو 200 جنيه (12 دولارا تقريبا) إذا تخللها ركوب الحنطور في جولة تمتد لنحو 10 كيلو مترات.
محافظة القاهرة قررت مؤخرا عرض الكورنيش للاستثمار عن طريق شركة أو متعهد يتولى تأجيرها بعائد مادى لم يتحدد بعد، نظير تحويل جزء منه لصالح المحافظة على أن يتضمن مقترح المشروع طرح المحافظة عدداً من الأكشاك كبديل للباعة المتجولين لتقديم الخدمات الترفيهية، فى محاولة منها للقضاء على ظاهرة انتشارهم بشكل عشوائي والحفاظ على الواجهة النيلية للقاهرة، مُعلنة أن موعد بدء تنفيذ المشروع سيكون خلال أيام.
بائعات الزهور
أكثر ما يلفت الانتباه على الكورنيش هو انتشار بائعات الزهور وخاصة ذات اللون الأحمر، التي تعبر عن المحبة، وتمتاز البائعات بنظرة ثاقبة والتوجه مباشرة نحو الهدف، وهو في الغالب شاب وفتاة تبدو على ملامحهما مظاهر الحب، ويستوي في ذلك المترجلون على الكورنيش أو المتوقفون على إشارات المرور.
ولا تكون مهمة بيع وردة واحدة سهلة، فالأمر يحتاج إلى مزيد من مهارات الإقناع وأحيانا الإلحاح الشديد، أو استعطاف الزبون لكي يحصل على وردة مقابل مبلغ يتراوح من 5-10 جنيهات.
أما بائعات الزهور فهن في الغالب من الأطفال أو الشابات الصغيرات المدربات على الانقضاض على الزبون وإمطاره بوابل من الدعوات بأن يحفظ الله له خطيبته أو زوجته أن يكفيه شر الأمراض وغيرها من الدعوات التي تمس القلوب ولا يملك العشاق أمامها إلا تحسس جيوبهم وإخراج قيمة الوردة.
نزهة نيلية
وخلف سور الكورنيش تقف عشرات المراكب أو السفن صغيرة الحجم في انتظار اكتمال العدد لتبحر فوق صفحة النيل الصافية من أمام ميدان التحرير باتجاه حي الزمالك أو باتجاه منطقة منيل روضة، مصحوبة بأصوات موسيقى شعبية راقصة، وجو يخرج فيه معظم الركاب عن المألوف ليتبادلوا أدوار الرقص والغناء والتصفيق والتقاط الصور التذكارية.
وتكلف فسحة النيل نحو 50 جنيها (أقل من 3 دولارات) في المتوسط لمدة ساعة، وتبدأ السفن في عملها ابتداء من بعد العصر وحتى منتصف الليل، وكان بعض أصحابها في فترات سابقة يجلبون راقصات لتشجيع الزبائن على الركوب، إلا أن شرطة حفظ الآداب منعت ذلك بعد أن تكررت المشاجرات وحوادث التحرش.
أما المراكب النيلية الأكبر حجما والتي تتسع لنحو 150 شخصا تقريبا فهي تعمل منذ ساعات الصباح الباكر في نقل راغبي التنزه بمنطقة القناطر الخيرية حيث تبحر لساعتين ذهابا وتنتظر ركابها لتعود بهم في نهاية اليوم مقابل تذكرة لا يتجاوز سعرها 75 جنيها.
الذرة المشوي
حالة من العشق تجمع بين المصريين والذرة المشوى على الكورنيش، حيث يتم تقديمها ساخنة طوال فترات النهار بسعر لا يزيد عن 3 جنيهات، وتمثل وجبة لذيذة ومحببة للكثيرين خاصة ممن لا تتاح لهم فرصة تناول الذرة في ريف مصر أو صعيدها في الحقول والمزارع.
ويتم جلب الذرة من المناطق القريبة من القاهرة بسعر جنيه واحد، وهو ما يحقق ربحا معقولا للبائع بعد خصم تكلفة الفحم المستخدم في التسوية.
الأمر ذاته ينطق على حمص الشام الذي يقدم ساخنا في أكواب زجاجية مصحوبا بالشطة، والليمون، ويلقى رواجا في فصل الشتاء فقط، إذ يعتبر أحد وسائل الحصول على الطاقة والتدفئة، ويصل سعر الكوب الواحد نحو 10 جنيهات.