على بن راشد المطاعني
تطرح وزارة السياحة مشاريع سياحية للاستثمار مكتملة التصاميم ومختارة المواقع والجدوى الاقتصادية في العديد من محافظات السلطنة سواء منشآت إيوائية أو مرافق خدمية سياحية، إلا أن هذه المشاريع لا تقلى إقبالا من المستثمرين للأسف، ويعاد طرح هذه المشاريع مرات عدة بالصحف المحلية لعل هناك من يلتفت إليها ويستفيد منها، إلا أن ذلك لم يحصل إلا القليل، لكن الأغرب ما في الموضوع عندما يحصل مستثمر على مشروع من المشاريع المطروحة للاستثمار والمناقصات، يكون هناك البعض بالمرصاد للوزارة يلومها بأنه لم يسمع عن المشروع ولماذا منح هذا المستثمر أو ذاك، ويبدأ سيناريو الاعتراضات والمضايقات والكلام من هنا ومن هناك للأسف حول هذه الأمور، ويذهب البعض بأن يرمي كلاما غير دقيق عن كيفية منح المشاريع وغيرها، الأمر الذي يجعلنا نتساءل متى نخرج من قوقعة هذه الممارسات والتحديات التي تواجه التنمية بالسلطنة بشكل عام والمشاريع السياحية بشكل خاص، فالمشاريع يعاد طرحها مرات في الصحف المحلية وبالألوان بشكل لافت جدا، ولا تجد من يستثمر وعندما يبادر آخر نقوم ضده. قد طرحت الوزارة مشاريع سياحية جذابة جدا في مجال إنشاء الفنادق والمطاعم وغيرها من المرافق موفرة لها كل التسهيلات والمزايا الاستثمارية اللازمة، وكانت في قمة الإغراء ليس للمستثمرين في القطاع السياحي في ولايات السلطنة فحسب، بل حتى للناس العاديين يمكن أن يستثمروا، خاصة وأن تتوفر لهذه المشاريع الجدوى الاقتصادية التي قامت الوزارة بالدراسات المبدئية لها وهناك مؤشرات إيجابية على الطلب على الخدمات السياحية المختارة للمواقع المنتقاة، ولكن عندما طرحت بعضها خاصة في المحافظات لم يتقدم أحد، وتمت إعادة طرحها من جديدة مرات على أمل أن هناك من لديه الميول إلى الشروع في الانخراط في المشاريع السياحية، إلا أنه لم يحدث إلا القليل، ولكن الصدمة العزوف عن الاستثمار بشكل محير للغاية في ظل كل المعطيات المتوفرة، فالوزارة لم تطرح مشاريع غير مطلوبة أو ليست ضمن خطط الاستثمار المطلوب الاستثمار فيها للقطاع الخاص لرفد القطاع السياحي، فهي لديها كل الدلائل لمدى الحاجة لها، لإضافة منشآت سياحية تلبي الطلب وتسد الحاجة لخدمات سياحية. والغريب أن هناك من يطالب بخدمات سياحية على اختلافها وعندما تطرح مشروعات مكتملة من كافة الجوانب ومن جهة رسمية مختصة لا تقلى الإقبال المطلوب، فهل من مسؤولية الحكومة القيام بالمنشآت السياحية والخدمات الترفيهية أم المستثمرين الذين عليهم البدء في الاستثمار في هذه القطاعات، فالمسؤولية المترتبة على الحكومة في الاقتصادات الحرة هي الإشراف والتنظيم وليس التنفيذ خاصة في المشاريع ذات الصبغة التجارية.
إن الكثير من مشاريع التطوير والتنمية السياحية التي ترغب الوزارة إنشاءها في مناطق الجذب السياحية تواجه صعوبات جمة من الأهالي وبعض المنتفعين، رغم رغبة الوزارة في إشراك المجتمعات المحلية في الاستفادة من المشروعات السياحية المجاورة لهم، على أساس بأن المواطنين هم أولى من غيرهم في ذلك، ورغم حاجة هذه الواجهات السياحية لبعض المشاريع والمرافق، إلا أنها تواجه اعتراضات ومشكلات في تنفيذها نتيجة لتعارض المصالح، ولذلك تبقى هذه المشاريع ذات القيمة المضافة معلقة إلى إشعار آخر، لكن البعض يلوم الوزارة بأنها لم تنس مشاريع سياحية تنموية هنا وهناك للأسف بدون أن يعرف ما تواجهه من تحديات جمة في سبيل ذلك.
إن الاستثمار في القطاع السياحي طويل المدى طبعا لكنه ذو صفة مستدامة وذو قيمة مضافة عالية جدا ويثري المجتمعات المحلية، وعندما توفر الوزارة التسهيلات لمشاريع سياحية ومزايا وتسهيلات، ودعم من خلال بنك التنمية العماني الذي يعزز من المبادرات في هذا القطاع كغيره من القطاعات الاقتصادية الإنتاجية والخدمية، فإن الاستثمار يصبح أكثر سهولة إذا توفرت الأرض، والدعم والتسهيلات غير المحدودة لمثل هذه المشاريع التي تحظى بكل جوانب الدعم، ولكن السؤال يطرح نفسه، ماذا يبقى على المستثمر أن يقدمه إلا أن يكون المشروع باسمه.
بالطبع هناك مبادرات وطلبات استثمار في المجال السياحي في ولايات السلطنة ترفد القطاع السياحي كغيره من القطاعات، إلا أن تطرح مشاريع ولا يتقدم لها أحد، وعندما يفوز بها مستثمر نعترض عليه ونعرقل مشروعه فهذه تصرفات غير مسؤولة جملة وتفصيلا تحتاج من يردعها.
نأمل أن نكون أكثر مسؤولية في ممارستنا فعرقلة مشروع سياحي يعني تعطيل للتنمية في البلاد بمفهومها الواسع، وخاصة القطاع السياحي الذي له قيمة مضافة عالية تتجاوز تقديم خدمة إلى ما هو أكبر من ذلك. فهل نعي ما نمارس من عراقيل تعطل السياحة.