مسقط - س
على مدارِ ثلاثة أيام حافلة بالنقاشات الموسعة في شأن التنمية وهمومها وأهدافها التي رسمتها الأمم المتحدة كخطة للتنمية المستدامة 2030 اختتم الفريق العماني مشاركته في جمعية الشباب بمقر منظمة الأمم المتحدة (شتاء 2018) في نيويورك، والتي جاءت لتناقش ثيمة "الابتكار والشراكة لأجل عالم مستدام".
ففي مطلع اليوم استقبل سعادة الشيخ خليفة الحارثي المندوب الدائم للسلطنة في الأمم المتحدة بمكتبه الفريق العماني المشارك مرحبا بهم في نيويورك. وموجهاً إلى ضرورة الاشتراك بفاعلية في النقاش واكتساب المعرفة المكثفة حول أهداف التنمية والأهم من ذلك نقل هذه المعارف وتوسيع الوعي بها وبتطبيقاتها لدى الأقران من الشباب في السلطنة.
واختتم سعادته اللقاء بحث الشباب على المضي قدماً لتمثيل السلطنة خير تمثيل في هذه المحافل وفي مثيلاتها، مؤكداً على الدور الأساسي الذي يلعبه الشباب في معادلات التنمية الوطنية والمستدامة.
عقب ذلك تم افتتاح فعاليات جمعية الشباب بالأمم المتحدة وذلك في قاعة الجمعية العامة بمبنى الأمم المتحدة، حيث أكدت الكلمات السبع التي قدمت في الجلسة الافتتاحية على محورية دور الشباب في تحقيق الغايات السامية لرسالة الأمم المتحدة والمتمثلة في إرساء قواعد عالم حر ومتحد، كما أكدت على أن التنمية قوامها المجتمعات المسالمة والمستقرة، حيث تتاح للشباب فرصة الإنماء والتنمية، وسلطت الضوء على دور الشباب في صناعة القرار في دولهم كونهم هم العماد الرئيسي للمجتمعات وهم من يعول عليهم الأخذ بهذه الأهداف التنموية نحو التحقق مسلطة الضوء على دور التعليم. وأهمية إيجاد مقررات تعليم بمضامين نوعية تهيئ للشباب التفاعل مع عالمهم، وتمكنهم من اكتساب الأدوات التي تساهم بطريقة أو بأخرى في تفعيل دورهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وفي اليوم الثاني والحافل بعدد من الجلسات تم تناول موضوع المدن الذكية وكيف يمكن للتكنولوجيا أن تكون رافداً لتحقيق أهداف التنمية، حيث سلطت الجلسات الضوء على دور التكنولوجيا في توفير مسارات لتسريع التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة بوصفها من المسرعات الاقتصادية للنمو، بالإضافة للتطرق لآليات تسخير الإبداع والابتكار في العالم للتغلب على التحديات التي طال أمدها، وكيف يمكن للمدن الذكية أن توفر فرصاً جديدة في العالم لتطوير مجتمعات أكثر أمانا وأكثر اخضرارا وأكثر تماسكا.
كما جرى حوار مع المتحدثين من القطاع الخاص والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني حول قضايا من قبيل استدامة المياه بين الحاجات البشرية والاعتبارات البيئية، بالإضافة إلى مناقشة موضوع الاتجار بالبشر وعلاقته بتهديد الأمن البشري وتعطيل جهود التنمية.
وعلى صعيد قضايا الأمن الغذائي والتي شكلت حيزاً واسعاً من النقاش في فعاليات الجمعية حيث تشير الإحصاءات إلى أن العالم يضيع 1.3 بليون طن من الأغذية كل عام، في حين أن 800 مليون شخص يعانون من الجوع و3 ملايين طفل يموتون سنويا من سوء التغذية.
ومن هنا أجمع المشاركون على أنه قد آن الأوان لإعادة التفكير في الكيفية التي يستهلك بها الطعام حول العالم وكيف يمكن إعادة هيكلة سلاسل الإمداد بالزراعة والغذاء لتلبية احتياجات العالم مع التقليل من النفايات؟ وما هي الإجراءات التي يمكن أن تتخذها الصناعة والحكومات لإنتاج الأغذية على نحو أكثر استدامة؟
فعاليات اليوم الأخير أيضاً كانت حافلة بجلسات مثرية في مواضيعها حيث ركزت على قضية الاندماج الاجتماعي وناقشت أبعاد الاندماج الاجتماعي مقاربة مع فكرة المدن الذكية، بالإضافة للتطرق للأسباب التي تؤدي إلى استبعاد الشباب من المشهد الاجتماعي وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على دورهم وفعلهم التنموي.
كما سلطت الجلسات الضوء على مسألة "معالجة الأزمات الصحية العالمية" بالحديث عن الممارسات المتحضرة في المدن الحديثة والتي تفرز بدورها التحديات في مجال الوقاية من الأمراض المعدية وتم مناقشة آليات الحد منها، مع التطرق لأهم مؤشرات الأمراض المعدية حول العالم، وموضوع "دور القطاع الخاص في تحقيق أهداف التنمية المستدامة"، حيث جرى التركيز على الأدوار المرتجاة من القطاع الخاص في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وتناول تحليل العلاقة بين القطاعين العام والخاص، التي يعتقد أنها علاقة متضادة ولكنها في الحقيقة علاقة متكاملة حيث يرجى من القطاع الخاص أن يكون له دور فاعل ومسرع لتحقيق أهداف التنمية.
وشارك الفريق في الورش الموازية بما فيها ورشة تناولت قضية "التغير المناخي" حيث أسهم أعضاء الفريق مع فرق عالمية مشتركة في وضع خطط عالمية تنبثق عنها قرارات ملزمة لمواجهة مسألة التغير المناخي حول العالم وإيجاد خطط وبدائل للتغلب على هذه القضية، لينهي بذلك الفريق رحلته المعرفية في جمعية الشباب والتي اختتمت أعمالها مساء الجمعة بالقاعة الرئيسية بالأمم المتحدة.
ولتكون هذه التجربة أحد أهم التجارب الملهمة التي أكد أعضاء الفريق على أنها ليست سوى مجرد بداية لعمل مرجو قادم في سبيل تحقيق وعي متكامل بأهداف التنمية لدى الشباب الأقران في عمان. وخلق لغة تفاعل شبابي مع أهداف التنمية المستدامة 2030 للوصول بفاعلية إلى تحقيق هذه الأهداف والتوازي مع الركب العالمي بهمة شبابية.