يحدث في السلطنة: آباء وافدون يدفعون أطفالهم للتسول في الشوارع

بلادنا الأحد ١٨/فبراير/٢٠١٨ ١٩:١٦ م
يحدث في السلطنة: آباء وافدون يدفعون أطفالهم للتسول في الشوارع

مسقط – ش
بلغت نسبة الوافدين والمهاجرين غير الشرعيين – بعضهم تقل أعمارهم عن 12 سنة – نحو 80 بالمائة من الذين تم القبض عليهم خلال ممارستهم التسول في شوارع السلطنة العام الفائت، وفقا للبيانات الحكومية.
وفي مقابلة صادمة، قال أحد المسؤولين عن القبض على هؤلاء، إن الكثير من المتسولين الأطفال كان ذووهم استخدموهم في الشوارع للتسول، وأنهم يعودون للتسول حتى بعد القبض عليهم ومعاقبتهم، بحسب ما نقلته "تايمز أوف عمان".
ووفقا للبيانات، يتم القبض على أطفال ونساء يبلغن نحو 60 عاما من العمر وهن يطلبن الحصول على مساعدات في الشوارع، وبعض هؤلاء الوافدين ينحدرون من منازل عائلات ذات مستويات مهنية لا بأس بها ليس بها أي مؤشرات على وجود ضوائق مالية، كما أوضحت البيانات أن 20 بالمائة من المقبوض عليهم هم من العمانيين، وفقا للإحصاءات.
وعلى الرغم من أن بعض الأطفال ينتمون إلى منازل يعمل فيها أحد الوالدين على الأقل، فإنهم يتسولون في الشوارع. على سبيل المثال، كشف مسؤولون أنهم وجدوا صبيا من الجنسية الشرق أوسطية يبلغ من العمر 16 عاما يتسول في شوارع مسقط، رغم أن والده يدير مشروعا مربحا إضافة إلى وظيفته بدوام كامل.
وتعمل وزارة التنمية الاجتماعية دون كلل ولا ملل للقضاء على ظاهرة التسول في السلطنة.
وقال بسام بن ناصر بن حمدان الحجري، المراقب الاجتماعي بوزارة التنمية الاجتماعية: "نحن نطلب من آباء هؤلاء الأطفال أن يتحملوا مسؤوليتهم لأنه في بعض الأحيان يجبر الآباء أطفالهم على التسول".
وأضاف: "هؤلاء الآباء هم الذين يجلبون الأطفال إلى مواقع التسول. لذلك يجب محاسبة هؤلاء الآباء. على سبيل المثال، وجدنا طفلا يتسول في الشوارع رغم أن الوضع المالي لأسرته جيد ووالده يعمل في شركة، فلماذا تم إجبار هذا الطفل على التسول؟
وفي بعض الأحيان يرجع ذلك إلى إهمال الوالدين، فهم لا يراقبون أطفالهم أو لا يوفرون احتياجاتهم ورغباتهم. وبعض الوالدين يدفعون أطفالهم إلى الخروج والتسول، والبعض الآخر تعلموا ذلك من والديهم أو أشقائهم الأكبر سنا، وبعضهم دخل السلطنة بشكل غير قانوني بسبب الحروب والصراعات في أوطانهم، وهم يحاولون مساعدة أسرهم في بلادهم."
ولحل هذه المشكلة، أنشأت الوزارة فريقا لمكافحة التسول يعمل بالتعاون مع جهات ومؤسسات اجتماعية أخرى. ففي العام 2017، تمكن الفريق من القبض على 1152 متسولا في مختلف محافظات السلطنة، كان 175 منهم من الأطفال في المرحلة العمرية من 18 عاما فأقل، بحسب تقرير من وزارة التنمية الاجتماعية. وأيضا من بين هؤلاء المتسولين، كان 225 من العمانيين، و152 من الرجال، و 73 من النساء.
كما شرعت الوزارة أيضا في أكثر من 2000 حملة لمكافحة التسول في مختلف أنحاء السلطنة العام الفائت.
ووفقا للمادة 297 من قانون الجزاء العماني الجديد، يعد التسول ممارسة غير قانونية، ومن يقع في مثل هذه الممارسة فإنه يعاقب بالسجن لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن سنة، وبغرامة تتراوح بين 50 إلى 100 ريال عماني. وينطبق هذا القانون على الذين يتسولون في الأماكن العامة مثل الطرق أو المحلات التجارية أو المساجد أو الأماكن الخاصة مثل البيوت والشركات.
وأفاد المراقب الاجتماعي بوزارة التنمية الاجتماعية أن "معظم المتسولين الأطفال هم من الوافدين والمهاجرين غير الشرعيين في السلطنة. وإذا كان الطفل المتسول مهاجرا غير شرعي تحت سن 16 عاما فإنه يحال إلى مراكز الرعاية، أما إن كان أكبر من 16 عاما فإنه يتم ترحيله. وبصفة عامة فإن العقوبة تعتمد على نوع القضية وعدد مرات التسول".
أمام المحاكم
إحدى القضايا المنظورة أمام المحكمة هي لصبي يبلغ من العمر 16 عاما من إحدى الدول العربية، تم القبض عليه بتهمة التسول للمرة الثانية، وأفراد أسرته مقيمون في سلطنة عمان. وفي المرة الأولى التي تم القبض عليه فيها تلقى توبيخا وتم إعادته إلى والده، لكنه تم القبض عليه للمرة الثانية بنفس التهمة وما تزال هذه القضية جارية".
محتجزون لدى الشرطة
وفي الأثناء، كان هناك 730 متسولا قيد الاحتجاز لدى الشرطة، تم إخلاء سبيل 195 منهم بمساعدة كفلائهم، وخضع اثنان آخران للتدقيق من قبل فرق تفتيش العمل. وقد أظهر توزيع هؤلاء المتسولين أن 89 منهم (46 ذكرا و 24 أنثى) كانوا تحت سن الثانية عشرة، بينما كان 86 متسولا (62 ذكرا و 24 أنثى) بين الثانية عشرة والثامنة عشرة.
وكان 521 متسولا (320 رجلا و 201 امرأة) في المرحلة العمرية من 18 إلى 40 عاما، بينما كان 386 متسولا في المرحلة العمرية من 40 إلى 60 عاما، وكان 142 متسولا في المرحلة العمرية فوق 60 عاما.
الأسباب
قال حمود المنذري، رئيس دائرة التنمية الاجتماعية في السيب: "وفقا للبيانات، تعود الأسباب الرئيسية وراء هذه الظاهرة إلى الانفتاح وسهولة الحصول على تأشيرات سياحية وتأشيرات علاج لدخول السلطنة. وأيضا يريد المتسولون الحصول على أموال سهلة، وأحيانا يعود السبب إلى تفكك الأسرة ما يجعل الأم والأطفال يلجأون إلى التسول. ثم هناك الأسباب النفسية كذلك".
وأضاف المنذري: "إن زيادة عدد الحروب في الدول المجاورة وتدهور الأوضاع الاقتصادية وزيادة عدد المهاجرين غير الشرعيين في السلطنة يؤدي أيضا إلى زيادة أعداد المتسولين. وقد كانت هناك حالات تم فيها القبض على متسولين ولكن بعض التحقيق تبين أن وضعهم المالي جيد. لقد لجأ هؤلاء إلى التسول ببساطة للحصول على المال بسهولة. وفي إحدى هذه الحالات، تم القبض على رجل يتسول، ولكن عندما تدخلت الشرطة وجدوا في بيته أموالا، قال المتسول إنه يمتلكها ولم يحصل عليها من التسول".
تم تسجيل نحو 630 متسولا في محافظة مسقط، وأكثر من هذا الرقم بعدد 203 آخرين في محافظتي شمال وجنوب الباطنة. أما في ظفار فقد تم تسجيل 136 متسولا، وفي البريمي 42 متسولا، وفي الظاهرة 22، وفي الداخلية 12، وسبعة آخرين في شمال وجنوب الشرقية. وعلاوة على ذلك، وجد أن مائة متسول قد دخلوا السلطنة بشكل غير قانوني من إحدى الدول المجاورة.
مسقط تتصدر الترتيب
وقال المندري: "تأتي مسقط في المرتبة الأولى من حيث عدد المتسولين، وفقا للإحصاءات، لأنها هي العاصمة وبها عدد كبير من الأسواق. ويتركز المتسولون في ولاية السيب لأنها تقع في وسط المحافظة وقريبة من المحافظات الأخرى. كما أن توفر المساكن الرخيصة، مقارنة بالمدن الأخرى في المحافظة، هو أحد الأسباب، بجانب العدد الكبير من الوافدين في مسقط".
وحذر المنذري قائلا: "الشخص الذي يتسول يريد الحصول على المال بسهولة وبدون جهد. لذلك يجب على المواطنين عدم التعاطف مع المتسولين. فمعظم هؤلاء المتسولين محتالون أو مهاجرين غير شرعيين. وهذا يؤثر على المجتمع اقتصاديا واجتماعيا وبطريقة غير متحضرة".