أمير في الجبل الأخضر

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٥/فبراير/٢٠١٨ ٠٣:٣٨ ص
أمير في الجبل الأخضر

عزيزة راشد

كان الليل بدأ ينتصف، وازداد ظلاماً على الأمير الذي ينزوي بعيداً على صخرة في الجبل الأخضر، لا يجد الإجابة للأسئلة الكثيرة التي كانت تسألها الأميرة الغاضبة، بعد أن أخبرها عراف الجبل أن زوجها الأمير يخونها، ويستمر ليل الجبل في إرخاء سدوله على القمم بينما تظل الأميرة تسهر تحت ظلال القمر الذي أضاءت أشعته الفضية دموعها المنهمرة في لون موحد، يمضي الليل يجر أثوابه وسلاسل ظلامه مقترباً من فجر حزين، بينما تحاول الأميرة النزول من أعلى الصخرة التي قضت عليها ليلتها الحزينة، إلا أنها تفشل في التمسك بالحصى الصغيرة من حولها فتسقط وتجرح يدها ويسيل دمها الملكي على صخرة الجبل.

ماتت الأميرة بحزنها وكمدها وبحثها عن السعادة التي لم تجدها وكأن السعادة ليست قدر الجميلات، ماتت وودعها العالم في بكاء ونشيج، وبقي وحده الجبل الأخضر يحتفظ بذكرى حزنها ونقطة دمها ودموعها التي طبعت على الصخور أثراً يدل على أن المرأة تسعى جاهدة للحفاظ على الرجل عندما تحبه.
نقطة ديانا، تلك النقطة من دم الأميرة على صخرة الجبل الأخضر، لا تزال تعدّ مزاراً سياحياً لأميرة خرجت للتو من قصص ألف ليلة وليلة، أميرة السعادة والجمال والفرح، ولكن قدر الجميلات دائماً البؤس والشقاء والحزن، وفي نهاية الأمر إما الموت وحيدة أو تستعجل أيادٍ آثمة لاغتيالها باكراً وقطف زهرة حياتها كما حدث مع الأميرة ديانا.
الرموز السياحية هي أشد ما يجذب الزوار والسياح لأي مكان، ناهيك عن عالم الأساطير والخيالات والقصص الأسطورية، وتعج دول العالم بالكثير من القصص الخيالية والأسطورية التي تستخدم كرموز جاذبة للسياحة، فبئر مسعود في الإسكندرية يعدّ محققاً للأماني عند رمي قطعة معدنية في جوفه المظلم، أما حارس الزمن عند بوابة مغارة جعيتا في لبنان فلمس قدميه يهبك القوة، ورمي عملة معدنية في بحيرة المغارة يحقق الأحلام، مما يجعل الزوار يتوافدون على هذه الأماكن بالألوف وينفقون ملايين الدولارات في إنعاش حقيقي للاقتصاد. إن توظيف الأسطورة سياحياً يحقق عائداً كبيراً على الدخل السياحي.
تعج عمان بالكثير من القصص الأسطورية التي من الممكن أن توظف سياحياً، فالكهوف والجبال والقلاع والحارات القديمة تحمل الكثير من القصص التي تجتذب السياح، وتصنيف أحد المواقع العالمية لولاية بهلاء كأكثر الأماكن رعباً في العالم جعل المخرجين العالميين يحملون حقائبهم ويأتون إليها لتصوير أفلامهم وهو مكسب سياحي كبير.
إلا أن هناك تخوفاً من إشاعة القصص الأسطورية حول الأماكن التاريخية والتراثية في البلاد خشية من تصنيف عكسي يضر بالوطن ويجعلها أماكن مرعبة؛ ما يجعلها غير مغرية للاستثمار فتوظيف الأسطورة سياحياً يحقق شهرة للمكان وتوافد السياح عليه مما يساهم في تنشيط الحركة السياحية وتحقيق عائد كبير كرافد اقتصادي مهم.
السياحة صناعة، وتعدّ رافداً مهماً للاقتصاد إن استطعنا تسويقها على الوجه الأمثل، أما الترويج السياحي العادي الخالي من الإثارة والمغامرة فعـادة لا يجذب السياح ولا يغريهم بزيارة البلد.