كتاب جديد يكشف واقع النكتة في المجتمع العُماني

مزاج الاثنين ١٢/فبراير/٢٠١٨ ١٩:٢٧ م
كتاب جديد يكشف واقع النكتة في المجتمع العُماني

مسقط - لورا نصره
تحمل النكتة في كلماتها المحدودة قدرا كبيرا من العمق، تضحكنا بشدة رغم مرارتها أحيان، وهي مرآة للحياة بأوجهها المختلفة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها ولذلك فإنه وبدراسة النكات في أي مجتمع يمكننا تكوين صورة شاملة عن الأوضاع فيه.
أهمية النكتة أدركها الباحث الاجتماعي، يونس بن علي بن سالم المعمري، ليكون أول عُماني يؤلّف كتابا يجمع فيه أشهر النكات ويحللها أطلق عليه اسم "قسم جراحة النكتة".
المعمري باحث اجتماعي حاصل على بكالوريوس علم الاجتماع من جامعة السلطان قابوس. لديه أكثر من (10) دراسات علمية منفرداً ومشاركاً، وهي في مجالات علم الاجتماع والشخصية القيادية والرعاية الاجتماعية وتأثيرات التقنية الحديثة على النص الأدبي وغيرها، وهو عضو مختبر الشباب ببيت الزبير حاليا. لمعرفة مضمون كتابه كان لنا معه الحوار التالي:

• لنبدأ مباشرة من كتابك قسم جراحة النكتة.. عرِّفنا عليه وعلى مضمونه؟
كتاب "قسم جراحة النكتة" يعدّ كتاباً من نوعية خاصة فهو كتاب فكري يهدف لتحليل ونقد سلوكيات ومشاكل المجتمع الخليجي بصورة عامة، والمجتمع العُماني بصورة خاصة، معتمداً في ذلك على تحليل (53) نكتة متداولة في شبكات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي جعل كثيرا من الزملاء والأصدقاء يستغربون الأمر، فكيف لنا أن نحلل مجتمعنا وننقده بناءً على النكتة، وإجابتي كانت في أن النكتة تعدّ نوعاً من الأنواع الأدبية الذكية القصيرة النقية الحرة، وهذه الأمور جعلتها مادة دسمة وعميقة بإمكاننا العمل عليها لنكتشف أسرار مجتمعاتنا.

• كيف ولدت هذه الفكرة لديك؟
هذه الفكرة لم تأت فجأة إلى ذهني إنما كانت نتاجاً لتراكم معرفي وممارساتي، حيث إني بدأت بتحليل النصوص منذ ما يقرب من (10) سنوات كونها أداةً من أدوات البحث العلمي في العلوم الإنسانية التي تُسمّى (أداة تحليل المضمون) وأنا باحث اجتماعي في الأساس، ثم بدأت بعد مدة أركّز اهتمامي على تحليل الفكاهات والنكت وأقوم بتداولها مع الزملاء والأصدقاء الواقعيين والإلكترونيين، الذين كان لهم الدور الأهم في تشجيعي على الاستمرار في هذا التحليل، خصوصاً أن كثيراً منهم كان يتفاعل مع ما أنشر بالإشادة والدعم والإعجاب.

• هل يمكنك أن تبيِّن لنا مضمون الفصول التي يضمها الكتاب؟
الكتاب مكوّن من 3 مقدمات وبابين. الباب الأول به 5 فصول، والباب الثاني فيه 4 فصول.
الفصل الأول عبارة عن نكت تتناول العلاقات الاجتماعية ويبلغ عددها (14) نكتة تتمحور حول تحليل العلاقات بين أفراد الأسرة وعلاقات الصداقة بين الجنسين وعلاقات الزواج والخطبة ومراحل الزواج والعلاقات بين فئات المجتمع ومكوناته وعلاقات الأزواج خارج إطار الزوجية، مركزاً على كيفية تكوّنها وطريقة صيرورتها وتعاملها مع الأحداث الحياتية بالإضافة إلى أهم القضايا المتعلقة بها وتأثيرها على الفرد والمجتمع.
أما الفصل الثاني فيتضمن نكت التربية والتعليم. وهذا الفصل مكوّن من (5) نكات تدور أحداثها في أسوار المدرسة والمؤسسة التربوية بصورة عامة، وهو يسلّط الضوء على العلاقات بين مكوّنات البيئة التعليمية، بالإضافة إلى أهم الظواهر والمشاكل التربوية والتعليمية مثل الإرهاق الدراسي والتنمّر المدرسي، والإدارة المدرسية والفرق بين الطالب العُماني وغير العُماني من جهة وبين الطلاب الذكور والإناث من جهة ثانية في التحصيل الدراسي والأنشطة الصفية وغير الصفية وغيرها، محاولاً الكشف عن أسباب ونتائج هذه الظواهر بالإضافة إلى تحليلها ونقدها وتقديم بعض العلاجات لها.
أما الفصل الثالث فهو خاص بنكت الظواهر الاجتماعية، ويتضمن (8) نكات وجدت أنها تلقي النور على ظواهر اجتماعية ما تزال تُقلقنا منها على سبيل المثال: ظاهرة الدلع الزائد للإناث وميوعة الشباب وظاهرة التدخل في خصوصيات الآخرين بالإضافة إلى ظاهرة العلاقات بين الجنسين والموضات وما يتبعها من ظواهر "الفاشينيستات" والمنافسات بين الذكور والإناث وغيرها من الموضوعات، محاولاً دراسة عمر الظاهرة ومظاهر نشوئها ونموها وفنائها وتأثيراتها. وهناك فصول أخرى تشمل الجنس والدين والسفر وغيرها.

• وما هي المراحل التي شملها تأليفك للكتاب؟ وما هي المصادر التي اعتمدت عليها؟
هذا الكتاب مرّ بمراحل كثيرة أولها تجميع النكات من شبكات التواصل وطلبها من بعض الحسابات "التويترية" المختصة، ثم بدأت أجمع بعض مقالاتي السابقة المرتبطة بالموضوع، ثم ذهبت لقراءة كثير من الدراسات والأبحاث والمقالات التي تناولت الموضوع من نواحٍ عدة، وقد أكرمني كثير من الأصدقاء بإرسالهم لي كل ما يخص الموضوع كونهم يعرفون اهتمامي به، ثم شرعت في تحليل النكات واحدة تلو الأخرى حتى انتهيت منها، وعندئذ كانت المسودة الأولى جاهزة، فبعثتها لعشرة من الزملاء القارئين ليمدوني بآرائهم وملاحظاتهم، وقد كانت خطوة مفيدة جداً، فقد تغيّر شكل الكتاب كثيراً للأفضل والمحتوى، كذلك تغيّر بعض الشيء نتيجة ملاحظاتهم فكان لزاماً عليّ أن أعمل جاهداً مرة أخرى كي أعدِّل الكتاب وفق الملاحظات التي اقتنعت بها، وبعد أن فعلت ذلك أرسلت الكتاب لمختصين في علم الاجتماع والفكر داخل وخارج السلطنة، لكن صُدمت من قلة تفاعل المختصين معي، إلا أن القليلين الذين تفاعلوا معي أبدوا اهتمامهم العالي بمحتوى الكتاب وشجعوني على الاستمرار فيه.
أما الخطوات التي تلت ذلك هي التواصل مع المدقق اللغوي والمصمم الداخلي للكتاب ومصمم الغلاف الخارجي ودور النشر، ثم مع المطابع لأنني فضّلت طباعته ونشره بصورة شخصية.
أما المصادر التي اعتمدت عليها فكانت قرابة الـ(34) مصدراً تنوّعت بين الدراسات العلمية والأخبار والكتب وغيرها.

• هل تعتقد أن النكتة تختلف بين الشعوب تبعا للثقافة ونمط الحياة؟
نعم، أنا أؤمن بأن النكات تختلف من شعب لآخر ومن مجتمع لآخر ومن منطقة لأخرى ومن مدة زمنية إلى أخرى كذلك؛ فالنكتة ابنة بيئتها والبيئات تختلف بناءً على مدخلات ثقافية واجتماعية ودينية وحياتية.
قد تشترك النكات في كل المجتمعات ببنيتها المتشابهة. فهي قصيرة وذكية ولاذعة ومضحكة، لكن محتوياتها ومعانيها تختلف.

• أنت عضو في مختبر السرديات.. حدّثنا عن نشاطاتك فيه؟
نعم أنا عضو في مختبر الشباب التابع لبيت الزبير، وهو مختبر يقوم ببرامج متنوّعة كالملتقيات والجلسات النقاشية والمسابقات والحوارات والندوات الموجهة نحو الشباب، وقد اختارتني إدارة بيت الزبير (مشكورةً) لأكون عضواً مسانداً في المختبر وذلك بسبب نشاطي الفاعل على مدى السنوات الفائتة في مجال الأنشطة والبرامج الشبابية.
قدّمنا كثيرا من البرامج المؤثرة وما نزال نخطط لبرامج أخرى في المستقبل القريب بإذن الله.

• أين يمكن للقراء الحصول على الكتاب؟ وهل تخطط لأي كتب جديدة.. وعن ماذا ستكون؟
سيكون الكتاب متوفرا في معرض مسقط الدولي للكتاب في ركن روازن. ونعم، لديّ أفكار كثيرة تشغل ذهني وأريد أن أناقشها في كتب مقبلة، هي عبارة عن موضوعات فكرية اجتماعية كذلك، أرجو أن أَجِد وقتاً لكتابتها في المستقبل القريب.