الغزالية.. حامية حمى التراث العُماني القديم

بلادنا الخميس ٠٨/فبراير/٢٠١٨ ٠٤:٤٤ ص

مسقط - خالد عرابي

هي وجه من الوجوه المألوفة في مهرجان مسقط ببساطتها وحديثها التلقائي وما يحيط بها من مجموعة من المقتنيات التراثية العُمانية التي تصوّر الحياة العُمانية القديمة من أدوات استُخدمت قبل عقود منها ما يمتد تاريخه إلى ما قبل 150 عاما، والأهم أنها بكل بساطتها لمست مدى أهمية هذا التراث وجمعته لتصبح محط جذب للسيّاح ولزوّار المهرجان في متنزه العامرات. إنها الحاجة نصرة بنت علي بن جمعة الغزالية، من قرية دغمر بولاية قريات والتي يمكننا أن نُطلق عليها بأنها حامية حمى التراث العُماني القديم والتي التقيناها لتحدّثنا عن مقتنياتها التراثية والتقليدية التي تعرضها بجناح خاص في المهرجان ولماذا قامت بهذا الفعل؟ وكيف حصلت على هذه المقتنيات؟
فعن مشاركتها تقول الحاجة نصرة: أشارك في المهرجان منذ بداياته الأولى حين كان يُقام في متنزه القرم الطبيعي، ومنذ أن عرفت إدارة المهرجان باهتمام بالتراث وصونه وحفظ المقتنيات وهم يحرصون على مشاركتي بشكل سنوي، حيث يرسلون لي قبل المهرجان بفترة لتأكيد المشاركة ومن ثم يتولون نقل المقتنيات وإحضاري من قريات إلى مكان إقامة فعالياته وهذا العام هنا في متنزه العامرات العام، وبعد المهرجان ينقلون لي كافة المقتنيات حتى بيتي، فلهم مني كل الشكر.
أما عن أبرز مقتنياتها قالت الغزالية: إن أهم ما يميّز مقتنياتي أنها أشياء من البيئة العُمانية القديمة ومما استُخدم في الماضي سواء أدوات المطبخ القديمة أو أدوات الزراعة والحراثة مثل "المنجور" و"الزيجرة" أو أدوات تخص الحياة الاجتماعية مثل "المندوس"، ولديّ "مندوس" مثلا يمتد عمره إلى ما قبل 150 عاما أُحضر من زنجبار، علاوة على العملات القديمة، ولديّ أدوات مثل الحلي والفضيات ولديّ الكثير من العملات القديمة ومنها ما يعود إلى ما قبل 100 عام، وكذلك السيوف والخناجر والأسلحة العُمانية التقليدية مثل "السكتون".

سنوات طويلة
وعن جمع هذه المقتنيات تقول: شخصيا لا أدري كيف بدأت معي هذه الهواية وجمع تلك الأشياء القديمة، فرغم أنني من ولاية ومن قرية بعيدة عن مسقط، وهذا يعني أن الحياة هناك بسيطة جدا ولا يوجد من لديه مثل هذا الاهتمام، إلا أنني ومنذ فترة بعيدة وجدتني مهتمة بتجميع مثل هذه الأشياء التراثية والتقليدية القديمة والحفاظ عليها، ومنذ سنوات عرف أحد الأشخاص كان يعمل في البلدية ويقوم على المهرجان بكمّ وتنوّع ما لديّ من مقتنيات وعرض عليّ أن أشارك في المهرجان ورغم أن المقتنيات كانت أقل من الآن بكثير إلا أنني رحّبت بالفكرة، ومن بعدها أصبحت أشارك بشكل سنوي، وإدارة المهرجان نفسها تحرص على مشاركتي ويدعونني كل عام، وهذا ما حببني في هذه الهواية أكثر وجعلني أسعى لزيادتها بل وشراء ما يُتاح أمامي حتى وإن كان سعره غاليا وإن كان ليس لديّ المبلغ الذي يغطيه، ففي بعض الأحيان استدين لشراء بعض المقتنيات وبعد ذلك أسدد لمن اقترضت منهم ثمنها، فلك أن تتصوّر أن امرأة مثلي معتمدة على معاش الضمان كدخل شهري فكيف لها أن تشتري مثل هذه المقتنيات، ولكن البعض ممن يعرفني حينما عرفوا بأنني أجمع المقتنيات أصبحوا يساعدوني في شرائها.
وتضيف نصرة حول هدف مشاركاتها في مهرجان صلالة وأخرى خارجية: حتى يرى الآخرون كيف أن المقتنيات تحظى بالاهتمام وأن هناك من يحرص على الحفاظ على هذا الموروث القديم من المواطنين البسطاء مثلي، كما أنني أرى مدى الإقبال على ما لديّ من مقتنيات من قِبل زوّار المهرجان وخاصة الوافدون والأجانب وأجد أنهم مولعون بالأشياء القديمة ويسألونني عنها وأنا أُجيب وأكلم العرب عنها ولكن تواجهني مشكلة حينما يسأل الأجانب فيكون عائق اللغة هو المشكلة ولكن حينما يكون هناك بعض الشباب ممن يتحدّثون الإنجليزية يساعدونني في توصيل الرسالة والشرح لهم حيث إنني أتحدّث وهم يترجمون للحضور من الأجانب.