
مسقط - سعيد الهنداسي
قبل أيام حصلت شيخة الجساسية على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة بدفوردشير في بريطانيا، إلى هنا ويبدو خبرنا عادياً ولكن من يعرف شيخة الجساسية يدرك أن هذه الإنسانة الناجحة علمياً واجتماعياً هي كفيفة وهي الأولى في هذا التخصص بالنسبة للمكفوفين ومع حرمانها من نعمة البصر إلا أن ذلك لم يكن عائقاً أمامها نحو تحقيق أحلامها في التفوق الدراسي والعملي لنراها اليوم تعمل في قسم الترجمة في القطاع الحكومي.
وما بين النجاح الدراسي والعملي رحلة من السهر والغربة وفراق الأهل والأصدقاء والتعود على ظروف صعبة، وفي ظل هذه التحديات كان الأمل بالله أولا ووجود أهلها وأصدقائها معها والصبر والرغبة في تحقيق حلمها كان لكل ذلك أثره في وجودها اليوم بيننا ونجاحها في حياتها العلمية والعملية.
نجاح جديد
وتبدأ شيخة الجساسية معنا بسرد حكايتها مع نجاح جديد حققته بحصولها على درجة الماجستير من جامعة بريطانية بالتعاون مع كلية مجان والمميز في الموضوع أنه في تخصص إدارة الأعمال للمرة الأولى للمكفوفين حيث كانت دراسة هذا التخصص من الصعوبة على الكفيف وكان حكراً على الأصحاء والأسوياء فقط وقد تجاوزته شيخة بتفوق.
لماذا إدارة الأعمال؟
أجابت الجساسية على هذا السؤال بقولها إن السبب يعود لحبها للقيادة وإدارة الأعمال، وأضافت: «مع رفض طلبي من بعض الجامعات إلا أن ذلك لم يكن عائقاً أمامي نحو إعادة الكرة مرة أخرى لدى جامعات أخرى حتى تم قبولي في الجامعة البريطانية ورحبوا بطلبي وتمت الدراسة خلال سنتين ونجحت ولله الحمد واستخدم أجهزة الحاسب الآلي وكل التقنيات من خلال طريقة برايل وقدرتي على التواصل مع الآخرين بشكل طبيعي.
مجموعة داعمين
وحول الشخصيات الداعمة والتي وقفت وساندت شيخة الجساسية لتصل إلى هذا المستوى من التفوق والنجاح أكدت الجساسية على دور الأسرة في الدرجة الأولى وأضافت: «أسرتي المتمثلة في والدي ووالدتي وأخوتي الذين وقفوا بجانبي، وأقول دائما أن الله سبحانه وتعالى سخر لي زملاء وزميلات إذا ما طلبت منهم مساعدة لا يترددون في تقديمها وتتيسر لي الأمور، فلهم مني كل الشكل والتقدير وهذه نعمة كبيرة».
النجاح العملي
وحول وجودها في العمل الحكومي كيف تجد نفسها في هذا العمل قالت الجساسية «إن النجاح العملي يعود بالدرجة الأولى إلى قدرتي على تغيير النظرة الخاصة بأن المعوق لا يستطيع أن يحقق نجاحاً مماثلاً للشخص السليم وكنت أرى أن بعض المعوقين يتم توظيفهم من باب الشفقة، وكنت أكره هذه الصورة وكنت أريد أنه عند توظيفنا يكون العامل الأول في التوظيف هو القدرات والإمكانات وقدرتنا على العطاء والإنتاج ولله الحمد بيئة عملي متفهمة جداً وأعمل في الترجمة والإعلام وكتابة الأخبار والتنسيق الإذاعي والتلفزيوني وأساهم مثل أي شخص آخر ويعتمد على عملي ولم أعد عالة أو بطالة مقنعة كموظفة فقط في مكان حكومي بل أنا عضو فعال في الفريق وأنجز أعمالي باستقلالية تامة.
واقع المعوقين
وعن واقع المعوق ودوره في المجتمع وتواصله مع الجهات والجمعيات التي تعنى بالمعوق في السلطنة أشارت إلى أن دور المعوق بدأ يبرز وهناك طاقات، وتطالب شيخة الجساسية الأشخاص المعوقين ببذل مزيد من الجهد والتوعية مع الآخرين.
مواقف وتحديات
وعن المواقف والتحديات التي مرت بها شيخة الجساسية في فترات عمرية مختلفة قالت: «هناك بعض المواقف المؤلمة تشعرك بعجزك ونقصك في لحظة ما ولكن إيماني بالله عز وجل أعطاني دافعاً في تجاوزها، ومع مرور الوقت وبالنجاح الذي تحققه تتكون القناعة».
اهتمامات وهوايات
وعن اهتماماتها وهواياتها التي تمارسها تشير الجساسية إلى هواية القراءة تحديداً فتقول: «أحب قراءة الكتب والروايات وأميل الآن إلى الترجمة بعيداً عن محتوى عملي خاصة في الجانب الأدبي وأسعى لتطوير هذا النوع وأحب الأعمال التطوعية التي تعمل على تغيير نظرة المجتمع عن المعوق، وناشطة في حقوق ذوي الإعاقة.
واقع العمل التطوعي
وحول رؤيتها لواقع العمل التطوعي تؤكد الجساسية على ضرورة أن يكون هناك تنسيق أكبر في عمل هذه الجمعيات المتخصصة في الإعاقات وهي شخصياً غير راضية عن عمل هذه الجمعيات المتخصصة في شؤون الإعاقة، وذلك يسبب العشوائية والعمل بدون خطة واضحة، ولا نلغي جهودهم ولكن عندما نرى النتائج ونقارنها بجمعيات في دول أخرى، نرى أن تلك الدول وصلت لمرحلة من النضج والعمل المؤسسي بينما لدينا في الجمعيات عمل فردي واجتهادات شخصية لا أكثر، ولتحقيق أهداف ملموسة على أرض الواقع لا بد لنا من العمل المؤسسي.
أحلام وأمانٍ
وتختتم شيخة الجساسية بحلم يراودها وهو ترجمة كتب وتتمنى أن تنهي هذا العام بإنجاز جديد في ترجمة كتاب يفيد العالم والناس وأن تواصل دراستها الجامعية وتحصل على شهادة الدكتوراه وأن تحقق مستوى متقدماً في عملها بشكل ملموس وأن يتطور المستوى التعليمي والثقافي للأشخاص ذوي الإعاقات في السلطنة.