محمود بن سعيد العوفي
الأداء الجماعي في أي مؤسسة مهم جداً في إنجاز العمل، وهو وسيلة لتحقيق الأهداف المتوخاة، فاليد الواحدة لا تصفق ولا تنجز، والأهداف تحتاج إلى تكاتف وتضافر الجهود، فسنّة الحياة والكون قائمة على تكامل الأدوار، وتسخير البشر لبعضهم البعض، قال تعالى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّك نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُون} «الزخرف: 32»، فتسخير البشر لبعضهم البعض هو لب العمل الجماعي وأصله.
ويزرع العمل الجماعي في نفوس الناس المعاني الجملية، ويربيهم على القيم النبيلة، فالإنسان حين يضع يده في يد أخيه من أجل تحقيق هدف معين أو إنجاز عمل مطلوب، ويحرص بدوره على بناء عـــــــلاقة طيبة مع أخيه، كما يتجنب أسباب الخلاف والتـــــشاحن معه، ذلك بأن الخلاف بين الناس يعرقل إنجاز الأعمال ويؤخرها، بينما الاتفاق يوثق الرابطة مع بعضهم البعض فتشيع بينهم روح المحبة والألفة.
وبلا شك أن العمل الجماعي يختصر المسافات ويوفر الوقت والجهد، فالإنسان حين يريد أن ينجز أعمالاً معينة بنفسه يحتاج إلى وقت أطول وجهد أكبر، بينما إذا اجتمع مع زملائه بالعمل وتعاون معهم اختصر الوقت وقلّل من الجهد، وهذا من ميزات العمل الجماعي.
وعلى ما سبق، لا يقوى الإنسان في الحياة على هذه الأرض من دون أن يعاونه زملائه أو أخوانه ويقفوا معه، فاليد الواحدة كما أسلفنا لا تصفق، وقد كان الإنسان ومنذ خلقه الله تعالى يسعى للاجتماع مع أخيه الإنسان والتعاون معه في استثمار خيرات الأرض وتطويعها لخدمة البشرية، فكل إنسان له من الميزات ما ليس للآخر، لذلك كان تسخير بعضهم لبعض من أجل أن تسير عجلة الحياة، وسفينتها تمخر عباب الصعاب والتحديات بكل قوة وعزيمة، على نحو تحقيق الأهداف التي تعود على الجميع بالخير والمنفعة.
ويمثل فريق العمل عنصراً مهماً من عناصر استقرار المؤسسات، وسراً من أسرار نجاحها، وبلوغها غاياتها، وأداء رسالـــــــتها، لأنها تشكل بوتقة للجهود الفردية، وتمازجاً لآراء الأفراد، ومن ثــــــم تسهم بشكل فعّال في تحقيق أهداف أي مؤسسة، كما أن العمل الجماعي يسهم في تقديم مجموعة من المبادئ والأسس والإرشادات المتعلقة بأي عمل وسبل تطويره، وتلمس النجاح من خلال انتهاج هذا النمط من وسائل العمل.
إن المهام التي تقوم بها أي مؤسسة سواء أكانت حكومية أو من القطاع الخاص، والتي لا تستطيع أن تستمر وتنهض وتنمو إلا بأدائها، لا تتم بشكل فردي ولكن في إطار عمل جماعي، فلا يمكن تخيل إدارة للمبيعات أو التسويق أو الشؤون المالية في أي من شركات الأعمال يكون قوامها فرداً واحداً، بل من المعتاد أن تتكون أي إدارة من مجموعة أفراد يتعاونون فيما بينهم لتحقيق الأهداف التي ينتمون إليها وأداء رسالتها، وهذه الأهداف تختلف بالطبع من جماعة لأخرى داخل نفس المؤسسة، حسب طبيعة عمل كل إدارة ووفقا للمهام المنوطة بها.
أخيراً، تعد المشاركة الجماعية عاملاً رئيسياً في إدارة الشركات، وبالتالي علينا العمل بسياسة الباب المفتوح الذي يتسم بطرح الآراء والاقتراحات، وهذا بلا شك يساهم في تعزيز روح المعنوية عند فريق العمل، كما ويشجع الموظف على اكتساب العديد من المعارف والمهارات التي يحتاجها ليصبح عضواً ناجحاً في هذا الفريق، وينعكس ذلك على نجاح المشاريع، وتطوير وزيادة الإنتاج ورقي الشركة ونموها.