سياسة وطنية لمكافحة الأمراض المزمنة

بلادنا الأربعاء ٠٧/فبراير/٢٠١٨ ٠٢:٥٨ ص
سياسة وطنية لمكافحة الأمراض المزمنة

مسقط - يوسف بن محمد البلوشي

أكد وكيل وزارة الصحة لشؤون التخطيط سعادة د.علي بن طالب الهنائي أن السلطنة تعد من أكثر دول المنطقة كفاءة في الإنفاق على القطاع الصحي، مشيرا إلى أن نسبة الإنفاق العام على القطاع الصحي ما زالت دون المستوى العالمي وتصل إلى نحو 3.5%من إجمالي الناتج المحلي للسلطنة.

وأضاف الهنائي خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد صباح أمس الثلاثاء بوزارة الصحة: إن السلطنة تم اختيارها من قبل الأمم المتحدة واحدة من ضمن 12 دولة على مستوى العالم كنماذج عالمية في مكافحة الأمراض المزمنة غير المعدية، وذلك لما تتمتع به من مستوى عال في الرعاية الأولية وبداياتها المبكرة في برامج مكافحة الأمراض غير المعدية.
وأشار الهنائي إلى أن السياسة الوطنية للسلطنة في مكافحة الأمراض المزمنة غير المعدية والخطة التنفيذية لها سيتم عرضها خلال العام الجاري في الأمم المتحدة كبرنامج استرشادي لبقية دول العالم.
وبين الهنائي أن معظم المؤشرات الصحية في السلطنة تحسنت كثيرا وفِي مقدمتها مؤشر الرعاية الصحية الأولية الذي تبوأت فيه السلطنة الصدارة على مستوى الشرق الأوسط والمركز الثامن على مستوى العالم، مضيفا أن معظم الأمراض المعدية كذلك قد تم القضاء عليها كمرض شلل الأطفال وبعض أنواع الحصبة.
تدشين وأوضح الهنائي أنه بتطور الخدمات الصحية ارتفع مستوى الأعمار لدى العمانيين من 49.5 سنة عند بداية النهضة المباركة إلى 76 سنة مع بداية العام الجاري 2018.
وأعلن الهنائي خلال المؤتمر الصحفي الذي تحدث فيه كل من مدير عام الرعاية الصحية الأولية د. سعيد اللمكي، ومدير عام المديرية العامة للتخطيط والدراسات د. أحمد القاسمي، وخبير الأمراض المزمنة غير المعدية بوزارة الصحة د.عبدالله الصاعدي، ومديرة دائرة التثقيف وبرامج التوعية الصحية د.أميرة الرعيدان، عن تدشين وزارة الصحة الأحد المقبل السياسة الوطنية والخطة التنفيذية متعددة القطاعات لمكافحة الأمراض المزمنة غير المعدية.
وأوضح الهنائي أن الأمراض المزمنة غير المعدية تعتبر هي الخطر الحقيقي الذي يشكل أحد أكبر التحديات الماثلة أمام التنمية في القرن الحادي والعشرين، وذلك لما تسببه من وفيات ومراضة، فعلى المستوى العالمي وحسب منظمة الصحة العالمية تودي هذه الأمراض بحياة 38 مليون نسمة كل عام نصفهم تقريبا دون سن السبعين من العمر.
وتقف الأمراض القلبية الوعائية وراء حدوث معظم الوفيــــات الناجمة عن الأمراض غير المعديـــة، إذ تتسبّب في وقوع 17.5 مليون حالة وفاة سنوياً، تليها السرطانـــــات (8.2 مليون حـــــالة وفاة) ثمّ الأمـــــراض التنفسية (4 مليون حــــــالة وفـــــــاة) وأخيرا السكــــري (1.5 مليون حالة وفاة).
وفي السلطنة، تعزى ما نسبته 72.9 %من الوفيـــــات للأمراض غير المعدية منها ما نسبته 24.3 %بسبب أمراض القلب الوعائية وارتفـــــاع ضغط الـــــــدم و7%بسبب أمــراض السرطـــــان و2.2 %بسبب مرض السكــري بموجب إحصــــاءات 2016.

ويعدّ الخمول البدني والنُظم الغذائية غير الصحية وتعاطي التبغ والكحول من أهم عوامل الخطورة الأساسية، حيث إنها تزيد من خطــــــورة الوفـــــاة بسبب الأمراض غير المعدية.
نظام صحي فعّاللذلك جاء الإعلان السياسي الصادر عن اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الرفيع المستوى المعني بالوقاية من الأمراض غير المعدية في سبتمبر 2011م، والذي دعا إلـى طـرح خيـارات لتـدعيم وتيسـير إجـراءات متعـددة القطاعـات مـن أجل الوقــــــاية من الأمراض غير المعدية (غير السارية) ومكافحتها عن طريق الشراكـــــــة الفعالة بين مؤسسات الدولة والقطـــــاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني.
وترجمة لهذا الإعلان، ولما تتميز به السلطنة من وجود نظام صحي فعال في مكافحة الأمراض غير المعدية ووجود تعاون ملحوظ بين مؤسساتها المختلفة، زار السلطنة في أبـــريل 2016م عدد كبير من الخبراء الدوليين، كان منهم فريق من الأمم المتحدة برئاسة مساعد المدير العام لمنظمة الصحة العـــــــالمية لشؤون الأمـــراض غير المعدية والصحة النفسية د. اوليج تشتنوف، وعضوية 13 خبيراً من خبراء المنظمات التــــــابعة للأمم المتحدة، حيث هدفت الزيارة إلى بحث آلية صناعة القرارات فيما يخص مكافحة الأمراض غير المعدية، وإيجاد تشريعات وخطط عمل تخدم مكافحة هذه الأمراض.

جهود المكافحة

وقد عملت وزارة الصحة منذ فترة بعيدة على تعزيز الجهود لمكافحة هذه الأمراض في مؤسساتها المختلفة، حيث قامت بإدخال عيادات السكري وارتفاع ضغط الدم والربو في مؤسسات الرعاية الأولية وتوفير جميع الأدوية الأساسية والفحوصات المخبرية اللازمة، كما دشنت برنامجا وطنيا للفحص المبكر عن الأمراض غير المعدية لمن هم فوق الأربعين عاما في جميع مؤسسات الرعاية الأولية بهدف التشخيص المبكر وتقديم العلاج الأمثل لمنع وتقليل حدوث المضاعفات، وتم توفير عيادات للربو بالمراكز الصحية بكل متطلباتها بهدف التقليل من نوبات الربو الحادة وتسهيل وصول المرضى إليها، بالإضافة إلى تعزيز السجل الوطني لأمراض السرطان بإدخال نظام رصد إلكتروني متطور لمتابعة الحالات.
وتعمل وزارة الصحة جاهدة على رفع نسبة التحكم بهذه الأمراض، وذلك بالتوعية المستمرة للمجتمع بضرورة تجنب عوامل الخطورة الأساسية واتباع أنماط حياة صحية مناسبة.
لجنة وطنية وتتويجا لهذه الجهود، وسعيا من وزارة الصحة لتقوية مشاركة جميع القطاعات ذات الصلة، وعملا بتوصيات مجلس الوزراء الموقر بهذا الخصوص، صدر في عام 2015 قرار وزاري بتشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة الأمراض المزمنة غير المعدية برئاسة سعادة وكيل الوزارة لشؤون التخطيط وعضوية ممثلين عن العديد من الوزارات ذات الصلة شملت وزارة التجارة والصناعة، وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه، وزارة الزراعة والثروة السمكية، وزارة البيئة والشؤون المناخية، وزارة الشؤون الرياضية، وزارة الإعلام، وزارة التربية والتعليم، والمجلس الأعلى للتخطيط، إضافة إلى عدد من الجمعيات الأهلية، مثل الجمعية الأهلية لمكافحة السرطان والجمعية الطبية العمانية والرابطة العمانية لمكافحة التدخين وبعض من المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف، إلى جانب ممثلين عن القطاعات الصحية الأخرى بالسلطنة، وذلك بهدف تعزيز وتوحيد جهود كل القطاعات الحكومية والخاصة والمؤسسات المجتمعية الأهلية في مكافحة الأمراض غير المعدية.

وقد باشرت اللجنة مهامها فور تشكيلها وعقدت سلسلة من الاجتماعات الدورية، تمّ خلالها مناقشة أفضل السبل لمكافحة الأمراض غير المعدية ووضع سياسة وطنية شاملة لمكافحة الأمراض غير المعدية وإعداد خطة وطنية متعددة القطاعات لمكافحة الأمراض غير المعدية.

خفض حالات الوفاة المبكرة

وتهدف الخطة الوطنية متعددة القطاعات إلى خفض عدد حالات الوفاة المبكرة الناجمة عن الأمراض غير المعدية بنسبة 25%بحلول عام 2025 وتحتوي الخطة على ثمانية فصول تتناول الجوانب المختلفة لأعمال الوقاية ومكافحة الأمراض غير المعدية في سلطنة عمان، وتركز الخطة على التصدي للأمراض الأربعة الرئيسية وهي أمراض القلب والشرايين والسرطان وأمراض الجهاز التنفسي والسكري، كما ستفسح حيزا كبيرا لمجابهة عوامل الخطورة الأساسية وهي قلة النشاط البدني والغذاء غير الصحي والتدخين، بالإضافة إلى تركيزها على التوعية والإعلام لما لها من أهمية في مجابهة مثل هذه الأمراض، وقد تم إشراك جميع القطاعات ذات الصلة في وضع هذه الخطة، التي تمت مراجعتها من قبل فريق منظمة الصحة العالمية وتمت ترجمتها للغة الإنجليزية.