مسقط -
أصدر معهد الإدارة العامة كتاب «أخلاق الوظيفة الحكومية بسلطنة عُمان» من تأليف المستشار الأول بالمعهد د. سليمان بن هلال العلوي، ويتكون من 156 صفحة متضمناً 29 محتوى. تتصدّر الكتاب عدة مصطلحات بهدف تيسير الفهم ثم تلتها المقدمة التي أنصبت على مفهوم مصطلح الأخلاق ودورها في حياة الفرد والمجتمع، وعلى الجانب الأخلاقي للعمل الحكومي.
تطرق الكتاب إلى مفهوم الخُلق، وكذلك مفهوم الوظيفة الحكومية التي استعرضت مجموعة من التعاريف، بالإضافة لتوضيحها أهمية أخلاق الوظيفة الحكومية، وتلخص دورها في عدد من النقاط لتعزيز الاستقرار الوظيفي وتنمية الرقابة الذاتية في الوحدات الحكومية.
وأبرز المؤلف أهداف أخلاق الوظيفة الحكومية، ومصادر الأخلاق التي تسود العمل الوظيفي والمستمدة من الدين الحنيف والأسرة والذات والقيادة والمؤسسة التعليمية والمجتمع والقوانين، وفسر أسباب ضعف أخلاق الوظيفة الحكومية والتي تعددت وتباينت، وفقاً لطبيعة الموظف والوحدة الحكومية التي يعمل بها والمجتمع الذي يعيش فيه.
تضمن الكتاب آليات لتحسين أخلاق الوظيفة الحكومية لمواجهة أسباب ضعفها بنظرة شاملة بتركيز الجهد على حصرها وتحجيم أبعادها وإيجاد الحلول المناسبة لها دون استثناء. ووضح الأثر الكبير في الالتزام بأخلاق الوظيفة الحكومية على صعيد الفرد أو الجماعة، وهذا مرتبط بأخلاق الموظف وبما اكتسبه من معارف ومهارات وسلوكيات في حياته العامة. كما سلط الضوء على مفهوم الموظف الحكومي الذي يعتبر كعنصر بشري يعمل لتحقيق المصلحة العامة وبيّن التحديات التي يواجهها الموظف الحكومي أثناء تأديته لوظيفته، وبالتالي ما ينبغي على الوحدة الحكومية وضع الحلول المناسبة لها. كما ركز على دور الموظف الحكومي في التعامل الوظيفي من الناحية الأخلاقية مع المراجعين، وأن يكون قدوة حسنة في أقواله وأفعاله لتأثيرها فيمن حوله من زملاء ومرؤوسين. وأشار المؤلف إلى أن التدريب يلعب دوراً أساسياً في توسيع مدارك الموظف بأهمية اكتساب أخلاق إيجابية والالتزام بها خلقياً ومهنياً وانعكاس ذلك إيجابياً على كل من الموظف والوحدة الحكومية.
تناول المؤلف دور الحكومة في مواجهة السلوكيات غير الأخلاقية من خلال عدد من الممارسات التي يتوجب على الحكومة الارتقاء بها تحقيقاً للنجاح الوظيفي. وتطرق إلى جانبين من الأخلاق جانب الأخلاق المطلوبة من الموظف الحكومي أثناء قيامه بأداء واجباته الوظيفية كالأمانة والنزاهة والموضوعية، والجانب الآخر الأخلاق المطلوب من الوحدة الحكومية كالاستماع إلى موظفيها وتحفيزهم على إبداء آرائهم والاستفادة منهم في تطوير العمل ورقيه. وطرح نماذج من الأدلة الأخلاقية للوظيفة الحكومية على المستوى المحلي كدليل حقوق الموظف وواجباته (الأمانة العامة لمجلس الوزراء بسلطنة عمان)، والمستوى الخليجي وثيقة مبادئ وأخلاق السلوك الوظيفي في الأمانة العامة للمجلس الاستشاري الوطني (دولة الإمارات العربية المتحدة)، وعربياً مدونة السلوك وأخلاق الوظيفة العامة (المملكة العربية السعودية) ودولياً مدونة قواعد سلوك الخدمة المدنية (الولايات المتحدة الأمريكية). وأشار المؤلف إلى مكارم الأخلاق للنبي صلى الله عليه وسلم بأنها سمة بارزة في سيرته من قول وفعل، مستعرضاً نماذج من خُلقه وصفاته الطيبة.
اقترح المؤلف إنشاء نموذج دليل لأخلاق الوظيفة الحكومية بسلطنة عُمان، وأن يعتبر هذا النموذج التزاماً أخلاقياً طوعياً من قبل الوحدات الحكومية والموظفين الحكوميين، وقسم هذا الدليل إلى قسمين الأول الأخلاق المطلوبة من الموظف الحكومي، والثاني الأخلاق المطلوبة من الوحدة الحكومية. وسلط الضوء على مواقف واقعية وعلاقتها بأخلاق الوظيفة الحكومية، ومنها عدم التعاون مع الزملاء، وعدم الموضوعية في التقويم، والاستهانة بالمرؤوس.
اختتم المؤلف كتابه بالإشارة إلى أن لكل وظيفة حكومية واجباتها ومسؤولياتها، منها ما تستمد من النظم والقوانين واللوائح التي تحكم تلك الوظيفة، ومنها ما يكون أساسه ومصدر لزومه واجبات أدبية وأخلاقية، وتنشأ في أحضان الوظيفة الحكومية فتستقر في ضمير من يمارسها بوازع من الضمير وبدافع من خلقه. فالأخلاق الوظيفية في سلطنة عُمان تأخذ مساراً يتناسب مع ثقافة المجتمع وطبيعة حضارته وهويته الدينية والسياسية والاقتصادية.