لوس أنجلوس - ديبورا نيتبورن - ترجمة: خالد طه
قد يكون القمر هو أقرب جرم فضائي لكوكب الأرض، ولكن العلماء يحاولون فهم كيف تكون القمر ووصل إلى مكانه هذا.
يعتقد معظم الباحثين في الكواكب أن القمر جاء نتيجة اصطدام بين الأرض وكوكب أولي مفترض منذ زمن طويل يسمى «ثيا» (Theia) بعد نحو مئة مليون سنة من ولادة النظام الشمسي.
ولكن هل هذا الاصطدام كان ضربة عابرة أم اصطدام كامل وجها لوجه، هذا أمر ما زال قيد البحث والنقاش.
مؤخرا قدم الباحثون في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس دليلا جديدا على أن الاصطدام كان وجها لوجه وكان قويا جدا لدرجة أن المواد من كلا الكوكبين اختلطت تماما قبل أن تستقر في نظام «الأرض-القمر» الذي نعرفه اليوم.
وللتوصل إلى هذا الاستنتاج، قام الباحثون بتحليل سبع صخور قمرية جمعتها بعثات أبولو 12 و 15 و 17 الفضائية، بالإضافة إلى ست صخور بركانية تضم مواد من قشرة الأرض. وعلى وجه التحديد، كانوا يريدون معرفة ما إذا كانت نسبة نظائر الأوكسجين في الصخور القمرية هي نفس النسبة في الصخور الأرضية.
إن أكثر من نسبة 99.9 % من أكسجين الأرض هو أوكسجين O-16، وهو ما يعني أن كل ذرة لها ثمانية بروتونات وثمانية نيوترونات، ولكن هناك أيضا كميات صغيرة من النظائر الأثقل O-17 و O-18 في مزيج أكسجين كوكبنا.
قال إدوارد يونج، عالم الكيمياء الحيوية في جامعة كاليفورنيا والمعد الأول للدراسة: «كل صخر في النظام الشمسي وجدناه في أي وقت مضى له بصمة فريدة لنظائر الأكسجين»، ولكن تحليله يبين أيضا أن القمر والأرض لديهما نفس النظير الأكسجيني المحدد.
والطريقة الوحيدة لتفسير هذه النتيجة هي أن الأرض والقمر مكونان من نفس المادة على وجه التحديد. وهنا يكمن التحدي.
وأسهل طريقة بالنسبة لصانعي نماذج الحاسب الآلي لتفسير فيزياء نظام الأرض والقمر، من كم السرعة التي يدور بها كوكبنا حول محوره وكم السرعة التي يدور بها القمر حول الأرض، هي جعل كوكب ثيا يضرب الأرض ضربة عابرة قوية بما يكفي لأن ينصهر كلا الجسمين. وفي هذا السيناريو، فإن معظم مواد كوكب ثيا تمتزج مع مواد كوكب الأرض، ولكن جزءا صغيرا منها يكوّن القمر.
إن كان هذا هو الحال، فينبغي أن يكون لكل من الأرض والقمر بصمة كيميائية مختلفة. ورغم أن العلماء يتوقعون أن كلا من الأرض وكوكب ثيا لهما نسبة نظائر أكسجين متشابهة، فإنهم لن يتوقعوا أن تكون متطابقة، كما قال إدوارد يونج.
في العام 2012، عرضت مجموعتان من العلماء نماذج حاسب آلي تظهر قصة مختلفة عن تكون الأرض والقمر. ففي تلك المحاكاة، اصطدم الجسمان وجها لوجه، مما سمح بامتزاج واسع النطاق بين الأرض وكوكب ثيا. وقد تم رفض تلك النماذج منذ ذلك الوقت بوصفها «خاصة أكثر مما ينبغي»، كما قالت سارا ستيوارت من جامعة كاليفورنيا، والتي شاركت في إعداد إحدى تلك الدراسات. «إن احتمال حدوث أحد تلك التأثيرات للامتزاج بهذا الشكل المثالي هو احتمال منخفض جدا بحيث إنه لا يمكن أن يكون هو أفضل الحلول».
ولكن إدوارد يونج يعتقد أن الفريق كان على الطريق الصحيح. لابد وأن الاصطدام كان نشيطا جدا حتى تنصهر جميع الأشياء في بعضها.
وقالت ستيورات، التي لم تشارك في الدراسة الجديدة، إن العمل الذي قام به إدوارد يونج وزملاؤه يقدم أفضل قياس حتى الآن لنسبة نظائر الأكسجين في الجسمين، كما يمثل تحديا لها ولزملائها.
«نحن لدينا مشكلة علمية كبيرة جدا في الإجابة على السؤال: كيف يكون جارنا القمر. وقد قدم لنا علماء الكيمياء الجيولوجية الجواب، ولكن الفيزيائيين لم يستطيعوا الإجابة».
خدمة تريبيون ميديا -