علي بن راشد المطاعني
في الوقت الذي تعلن الشركات المساهمة العامة عن عقد اجتماعات للجمعيات العمومية في الربع الأول من العام الجاري، لإطلاع المساهمين على أدائها ونتائجها المالية وأدائها المحاسبي وتطلعاتها وخططها المستقبلية، نلاحظ للأسف عزوفا عن الحضور لهذه الجمعيات من قبل المساهمين لمتابعة أموالهم واستثماراتهم في هذه الشركات ومصيرها، وإذا حضروا فالعدد يكون بسيطا ولا يناقشون مجالس الشركات والإدارات التنفيذية إلا ما ندر، وبعضهم الآخر يحضر لكي يتناول القهوة والمشروبات الباردة والساخنة للأسف ويخرج مثلما دخل، مما يستدعي زيادة الوعي بأهمية الجمعيات العمومية ودورها في مستقبل الشركات المساهمة العامة، وضرورة أن يبذل المستثمر جهدا ولو قليلا في متابعة استثماراته وأمواله التي ضخّها في هذه الشركات المعرّضة للربح والخسارة بناء على أداء إداراتها ومجالس إداراتها ومتابعة الجمعيات العمومية، فالكل مكمّل للبعض في مثل هذه الأمور.
فبلا شك إن الجمعيات العمومية هي المالك الرئيسي للشركات المساهمة العامة التي تأسس بعضها بعشرات الملايين في اكتتابات عامة للاستثمار في العديد من القطاعات الاقتصادية، فعليها أن تحافظ على أموالها من خلال مراقبة الشركات وإداراتها، وتعد اجتماعات الجمعية العمومية إحدى الوسائل التي أتاحتها الأنظمة المشرفة على هذه الشركات لمتابعة أدائها من قبل مالكي الأسهم، بالإضافة إلى دور الجهات الرقابية كالهيئة العامة لسوق المال ومكاتب المحاسبة التي تعيّن من الجمعيات العمومية وغيرها من الأدوات التي تجعل الجهات المعنية تتيح للمستثمر أن يطلب أي بيانات من الشركات التي يساهم فيها من خلال أمانات سر مجالس الإدارات وجهات أخرى ذات علاقة بمصالح المساهمين، إلا أن متابعة هذه الجوانب من المستثمرين ضعيفة للغاية ولا ترقى إلى ما يطلق عليها جمعيات عمومية ودورها في توجيه مسلك الشركات للأسف وهو ما يجب تصحيحه في المرحلة القادمة لكي تنهض الشركات وتحس الإدارات بأن هناك جمعيات عمومية تحاسب وتراقب وراءها.
وعلى الرغم من أن الشركات تنشر نتائجها السنوية والربع سنوية في الصحف المحلية وترسلها على عناوين المساهمين المسجلة في سوق مسقط للأوراق المالية، إلا أنه قليلا ما نشهد مناقشات في القوائم المالية والنتائج التي تقدمها الشركات للجهات الرقابية والإشرافية والمساهمين لأمور عديدة على ما يبدو منها عدم اكتراث المستثمرين بمتابعة استثماراتهم بشكل جاد ومحاسبي دقيق، ويحسب البعض أن وضع أموالهم في الشركات الخاصة ذات الأصول الكبيرة التي تعمل في قطاعات مضمونة كالاتصالات والبنوك والخدمات مثلا أشبه بالوادئع أيا كانت نتائجها أفضل من إيداعها في البنوك، وتعتبر أصولا ثابتة من جانبهم، إلا أن ذلك لا يمنع من الوقوف على بعض الجوانب وتحسيس الشركات أن هناك مراقبة ومتابعة من المستثمرين.
إن بعض الشركات استغلت هذا التراخي من جانب الجمعيات العمومية في مناقشة أداء استثماراتها في الشركات لتتمادى في الأعمال المخالفة والصرف غير الرشيد في الجوانب الجارية وغيرها مما يكبد الشركات مبالغ باهظة تؤثر على نتائجها وأدائها المالي ووضعها في السوق، فالأداء المالي يقاس من بين ما يقاس بضبط المصروفات الإدارية.
والجمعيات العمومية لها دور مهم في اختيار أعضاء مجلس إدارة الشركات التي تتولى الإشراف على الإدارة وإجازة خططها ومصاريفها وتوجيهها إلى مجالات الاستثمار الجيدة والتدقيق على أعمالها وغير ذلك من مهام المجالس، واختيار الأفضل ممن يمثل المساهمين هو مسؤولية الجمعيات العمومية متى كانت تنهض بدورها وتواظب على حضور الاجتماعات وتناقش وتسأل على كل صغيرة وكبيرة في الأداء المالي للشركات، فالقيام بهذه الأدوار هو ما يوجه الإدارات إلى الوجهة الصحيحة.
إن بعض الشركات تأكل رأس مالها ووصلت أسهمها إلى القاع، والجمعيات العمومية لا تسأل ما تؤول إليه هذه الشركات والأموال غير عابئة بانعكاسات ذلك عليهم، وتتحاذق في توجيه الاتهامات للجهات المشرفة تارة والإدارات تارة أخرى، في حين أن هذه الجمعيات وبمن فيها من المساهمين لم يكلفوا أنفسهم عناء الوصول للشركات وحضور اجتماعات الجمعيات العمومية للأسف، فكيف يمكن إصلاح الحال في هذه الشركات إذا كان صاحب المال لا يسأل عن أمواله!
بالطبع هناك جمعيات عمومية نشطة ومتفاعلة مع مجالس إدارة الشركات وتعمل بكفاءة في مراقبة استثماراتها وتؤدي دورها الاعتيادي المعروف، لكن أغلبية الجمعيات العمومية حبر على ورق، بل عقد اجتماعاتها يكون شكليا، لاستكمال الإجراءات ليس أكثر، ويتضح ذلك جليا من الحضور والمناقشات.
نأمل أن تصحح الجمعيات العمومية دورها وأن تبذل جهدا في حضور الاجتماعات وتطلع على نتائج الشركات وتناقش أعمالها وأداءها وتقف على استثماراتها بشكل أفضل مما هو عليه الآن، فهذه نقطة البداية لتصحيح أي اعوجاج في أي مؤسسة وشركة.