"الثرثرة".. مضيعة لوقت العمل

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٤/يناير/٢٠١٨ ٠٤:٤٩ ص
"الثرثرة".. مضيعة لوقت العمل

محمود بن سعيد العوفي
alaufi-992@hotmail.com

أصبحت الثرثرة ظاهرة سيئة وعادة مذمومة انتشرت بين بعض الموظفين إذا ما كان أغلبهم لا يعرف عواقبها ولا يرى نتائجها إلا من ذاق ويلات الأمر وضياع العمل ونسيان الهدف، وتكتنف فوضى تبادل المعلومات، التي تؤثر على سير المهام الوظيفية الملقاة على الموظف.
وتعزا ثرثرة الموظفين إلى شعورهم بأنهم لا يحظون باهتمام المؤسسة التي ينتمون إليها، وقد يدفعهم إلى البحث عمن يشاركونه هذا الشعور، لتبادل بث الهموم والشكوى، ويمكن أن يتطور الأمر إلى مجالس غيبة ونميمة تنال القاصي والداني.
فالموظفون الذين يلتهون بالقيل والقال لا يمكن لهم أن يعملوا بمستوى الموظفين الذين لا ينشغلون بالثرثرة، ويركزون على أدائهم العملي بإخلاص وتفاني، وبالتالي فأن الثرثرة هي بلا شك مضيعة للوقت وإهمال للعمل وضعف في الإنتاجية، بالإضافة إلى إنها لا تخرج عن نطاق النميمة والغيبة والكلام غير المفيد، وقال الله تعالى: (هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ *مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ *عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ)، "القلم: 11- 12".
ولا شك أن الزمالة في العمل تعد مكونة أساسية في الحياة، ولا يمكن للوظيفة أن تسير بشكل جيد، إن لم يكن الزملاء على وفاق فيما بينهم، ولكن هذا لا يعني أبداً أن الزملاء هم على اتفاق دائم فيما بينهم، فمع اختلاف طبيعة البشر وأطباعهم، فإن اختلاف الأذواق والرؤية هي أمور حتمية، يمكن لأي مرء أن يواجهها لا سيما في مكان العمل. بعضهم يضطر للتعامل مع أشخاص ذوي طباعٍ وأخلاق سيئة لأكثر من ثماني ساعات يومياً، الأمر الذي يؤثر على إنتاجية العمل، ذلك أن روح الزمالة هي المؤشر الأساسي لصوابية العمل.
الثرثرة وكثرة الكلام من الأمور المستفزة التي قد لا يتحملها الآخرون، وينفر الكثير من هؤلاء الناس المعروفين بالثرثرة، فكثرة الكلام تعتبر مشكلة بحد ذاتها تستلزم العمل على التخلص منها، فالموظف الثرثار الذي يتحدث بصوت عالٍ قد يكون من أكثر الأشخاص إزعاجاً، فصوته قد يبقى عالقاً في آذان من حوله خاصة أن البعض يجد صعوبة في التعبير عن انزعاجه من الطرف الثاني من باب الدبلوماسية والخجل، حيث إنه يضيع وقته في عمل ممجوج ومذموم وعديم الفائدة، وروي عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إلىّ وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون. قالوا يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون قال: المتكبرون". رواه الترمذي.
الثرثرة في العمل مشكلة كبيرة، وتفرمل عجلة الإنتاج، حيث أن هذه الشريحة المصابة بداء الثرثرة الخبيثة، لا تقدم الحد الأدنى من العمل بضمير، وتهدر الساعات بدون طموح ومثابرة.
وأخيرا، فمن الأهمية بمكان التركيز على إنجاز العمل بإخلاص وتفاني، والالتزام بساعات الدوام وتحسين الأداء الوظيفي على أكمل وجه، ونبذ الثرثرة التي ليس لها جدوى، والتي في نفس الوقت تؤثر على الإنتاجية، وتوجد الكراهية والبغضاء بين الموظفين.
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي" رواه الترمذي.