دستور الخنازير..

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٤/يناير/٢٠١٨ ٠٣:١٢ ص
دستور الخنازير..

لميس ضيف
lameesdhaif@gmail.com

سجن الوالي رجلا بريئا فأخذ يطرق الباب والجدران بهستيرية ويردد «أنا برئ.. لماذا سجنتموني!

إنه ظلم»، فقام مأمور السجن بمعاقبته ونقله من زنزانته الواسعة ذات النافذة لزنزانة ضيقة دون نافذة. فاشتعلت حنجرة السجين بالصراخ «لماذا نقلتموني لهذه الزنزانة الخانقة التي لا نور فيها وأنا برئ»، فقام مأمور السجن بنقل 5 سجناء لزنزانته الضيقة فأخذوا يصرخون «هذه الزنزانة لا تعدو مساحتها 3 أمتار وهي لا تكفينا لننام فهل ننام واقفين!!»
فأمر السجان بنقل خنزير معهم في الزنزانة فصرخ السجناء «لا نستطيع العيش مع هذا الكائن القذر، رائحته تخنقنا وفضلاته في كل مكان وضجيجه يمنعنا من النوم». لقد نسى البريء منهم أنه سُجن ظلما..

ونسى من حرموا نافذة تراها الشمس حقهم في النور ونسيت الأجساد المكدسة في زنزانة واحدة ضيقها وظروف حبسها غير الإنسانية وصار تفكيرهم منحصرا- فقط- في التخلص من الخنزير الذي أرق نومهم وأزعج يومهم.

تجاهل مأمور السجن مناشداتهم. ولكنه أمر بنقل الخنزير من زنزانتهم بعد 5 أيام وأمر بتنظيف الزنزانة أيضا. ومرّ بهم بعدها- متفقدا حالهم- فشكروه على نقل الخنزير وعبروا له عن راحتهم وامتنانهم!

****
هذه النظرية هي دستور تعامل الغرب والشرق معنا كشعوب مغيبة الوعي. فهم يلهوننا بقضايا هامشية. ويفتعلون تحديات لنا لندور في ساقية البحث عن حل لها مستنفذين ما نملكه من قوة وطاقة على مصارعة طواحين الهـــــواء. ولا ينسون- بين الفــــــينة والأخـــــرى- أن يرموا لنا بعض الفتات. أو تصريحات مطمئنة أو منصفة . فننـــــسى جـــــبال همومنا ونصفق لهذه «المكاسب» التي يكون كثير منها معـــــنويا متناسين مطالبنا الأساسية!
بالأمس القريب عقد العرب- أخيرا- مؤتمرا يناقــــــش تهويد القدس. سمعنا جـــــميعا الخطب الحماسية التي تشعرنا أن الجيوش العربية تتهيأ وتعبأ على الحدود الإسرائيلية.

انتهى المؤتمر «الذي بدا ثلث حضوره نياما» وتناول الجميع وجبة الغذاء وخلدوا لقيلولة الظهيرة وعادوا لبلدانهم وانفض المولد بالثناء على «شجاعة» ما نُظم من شعارات هاجمت إسرائيل وأمريكا!

أمريكا لا يهمها أن تُشتم، ولا إسرائيل ابنتها غير الشرعية، وقد تتراجع عن نقل سفارتها للقدس لنحتفل بالتخلص من «الخنزير» وتنعم هي بحريتنا وأموالنا وأراضينا المغتصبة وبعض المكاسب الدبلوماسية الأخرى.

لنعود نحن على البدء:

نشتغل بقضية تلو الأخرى..
وبعداء مفتعل بعد الآخر..
لنشتغل عن كل ما فقـــــدناه ونفقده..

إلى الأبد.