«محاضرون بـلا حـدود» مبادرة وطنية لرفع الوعي والثقافة

بلادنا الأحد ٢١/يناير/٢٠١٨ ٠٢:٣٨ ص
«محاضرون بـلا حـدود» مبادرة وطنية لرفع الوعي والثقافة

مسقط - محمد سليمان

عالمياً.. باتت المحاضرات والتدريب طريقة معتمدة ووسيلة أساسية لرفع الوعي والتأهيل، حتى إن اليونسكو والمنظمات الدولية اعتمدت مناهج خاصة ومعايير يجري بموجبها اختيار المحاضرين.

وتتجسد خطورة وأهمية المحاضرات في تشكيل العقول، فبقدر ما تساهم في رفع الوعي يبقى الجانب الآخر والتحدي الأكبر الذي تتناوله المحاضرات وهو المحاضرون أنفسهم والمعلومات التي يجري تداولها داخل أروقة تلك المحاضرات ومدى صحتها من عدمه، وكذلك من هم المؤهلون للقيام بإلقاء المحاضرات، وما هي المعايير التي ينبغي أن تتوافر في المحاضر كي يكون على استعداد للوقوف أمام المتلقين. في أبريل 2016 قام عدد من المتخصصين بإطلاق مبادرة «محاضرون بلا حدود» التي تهتم بتقديم التوعية المجتمعية في قضايا مختلفة، تتمثل أهدافها في دعم المجتمع نفسياً وثقافياً واجتماعياً، مع الاهتمام بالتنمية وتطوير البيئة، وإعادة بناء وتجديد الشخصية العمانية من خلال زيادة قدراتها وإمكانياتها وتفعيل الإيجابيات، مع الاستفادة من الخبرات وتبادلها بين الأفراد، وكذلك تعزيز الثقة في النفس للحاضرين. وقد استهدفت المبادرة مناطق مختلفة، لكنها ركزت على محافظة مسقط، باعتبارها العاصمة، مع تخطيط مستقبلي يتضمن المحافظات الأخرى بالسلطنة، إذ يصل عدد المحاضرين بالمبادرة إلى نحو 30 محاضراً من تخصصات مختلفة.

رؤية عامة

تقول رئيسة المبادرة هند الفارسية: «إن آلية عمل المبادرة تتمثل في تقديم حلقات ومحاضرات تتناسب مع الأشخاص العاديين والشرائح غير المثقفة وربما التي لم تستكمل تعليمها، بحيث تعتمد تلك الحلقات على تقديم المحاضرات بأسلوب مبسط خال من التعقيد والمصطلحات الصعبة، إذ نزور خلالها المدارس والمستشفيات والأماكن العامة. وعلى سبيل المثال فقد قدمنا محاضرة «الطفل المسعف» التي تناولت كيف يمكن للطفل أن يكون مسعفا في حالة الطوارئ، وفي منزله، وكيف يمكنه تحمل المشاهد المؤلمة ويكون عاملاً مساعداً.
من المحاضرات التي قدمناها أيضاً بعد رؤية ارتفاع حالات الطلاق، واختلاف ثقافة الزوج والزوجة، موضوع اهتمام الرجل والمرأة بالمنزل. وقياساً على ذلك فإن «محاضرون بلا حدود» تتوجه نحو قضايا تمس المجتمع بصورة أو بأخرى وتستهدف القطاعات المحتاجة للتثقيف ومن ثم يجري إمدادها بالمحاضرات التوعوية اللازمة». وأضافت الفارسية: «تلقينا العديد من الطلبات لتقديم محاضرات في محافظات أخرى، لكننا نؤمن بأهمية تثقيف المجتمع المحيط أولاً، ثم يمكننا التوجه إلى بقية الولايات وفق الإمكانيات المتاحة، مستهدفين تغيير الأفكار وإعادة بناء الشخصية، خاصة أن أعداد الحضور التي تصل إلى قرابة الـ70 شخصاً في كل محاضرة، برهنت على قبول المجتمع العماني للفكرة وتعطشه لمثل هذه المبادرات الإيجابية التي ترفع وعيه وتثقفه بالنواحي المهمة في حياته».

المحاضرون.. والمحاضرة

علي بن جمعة المعني من أعضاء مبادرة «محاضرون بلا حدود» يقول: «اختيار المحاضرين قضية في غاية الأهمية، ولا تحدث بالصدفة، وإنما هناك معايير غاية في الدقة اعتمدتها المبادرة، نظراً للأهمية البالغة التي تقع على عاتق المحاضر، فكلمة واحدة قد تغير مجرى المحاضرة وتأتي بنتائج قد تؤثر على المحاضرين بصورة سلبية. وتتمثل أهم المعايير في ثقافة المحاضر ومسيرته المهنية وشخصيته.
وقد قام الفريق خلال الفترة الفائتة بتنظيم عدد من المحاضرات مثل «الزواج في قفص الاتهام» و»السعادة» و»الإسعافات الأولية»، استهدفت فئات عمرية وشرائح مختلفة، بهدف نشر الوعي لدى الجميع وتثقيفهم بالأمور الضرورية اللازمة لحياتهم».
وأضاف: «ربما تكون المحاضرات بحاجة إلى التقنين، لكننا حتى انتهاء تلك العملية، فإننا بحاجة لمساعدة المجتمع والمجتمع أيضاً بحاجة لنا».
هلال العريمي، أحد مؤسسي المبادرة، يستكمل الرأي السابق بحديثه عن اختيار قضايا المحاضرات قائلاً: «مثلما يجري اختيار المحاضرين بعناية فائقة، يكون اختيار قضايا المحاضرات، فينبغي الابتعاد عن القضايا الشائكة بأشكالها كافة، وتناول قضايا تلامس الحياة المعاصرة اليومية، وتؤثر في العادات اليومية وهذا هو الغرض الأساسي من المحاضرات».

جوانب أخرى

رئيس مجموعة المعمري التي تعمل في مجال التدريب د. عمر بن هلال المعمري، يقول: «بالفعل، المحاضرات تساهم في تشكيل العقول، وتلعب دوراً حيوياً في التأثير على المتلقين. وهناك فارق كبير بين التدريب والمحاضرة. فالتدريب يحتاج أشخاصاً أكثر تخصصاً، إذ يتناول التدريب مواضيع وقضايا تحوي في مضمونها تفاصيل فنية قد تحتوي على معلومات موثقة وليست قضايا اجتماعية، لذا تحتاج أن يكون المدرب ذا شهادة متخصصة أو لديه خبرات طويلة في موضوع المحاضرة. وفي الناحية الأخرى فإن المحاضرات غالباً ما تحتاج إلى أشخاص ذوي خبرات طويلة، سواء في الحياة العملية أو الاجتماعية، يتناولونها -تلك الخبرات- في المحاضرات عن طريق أسلوب العصف الذهني والتواصل مع المتلقين، ويعتمد اختيار المحاضر بشكل أساسي على سيرته المهنية الطويلة».
ويؤكد على حديث المعمري أحد الخبراء الدوليين في مجال التدريب والتأهيل د. عامر نافع قوشجي، الذي يقول: «هناك ثورة عالمية هائلة الآن في مجال التدريب، اتجه العالم بشكل كبير إلى وضع معايير ومقاييس لتصنيف المحاضرين ووضع درجات لهم حتى يكون التصنيف حقيقياً، ومن أهم المعايير أن يكون المدرب متخصصاً في هذا المجال، أو تلقى تدريباً لأكثر من 10 سنوات، أو قدم على الأقل 3 أبحاث عن التخصص الذي يتحدث فيه، ويجيد إعطاء المعلومة للطلاب بشكل عملي، هذا بالإضافة إلى مجموعة أخرى من المعايير مثل قدرته على صناعة الحقيبة العلمية -المادة التدريبية- ومن أهم المعايير أيضاً عدد ساعات التدريب التي قدمها خلال مسيرته المهنية.

أما عن المادة العلمية «الحقيبة العلمية» ففي التجارب الغربية في أوروبا وأمريكا توجد شركات متخصصة ومعترف بها من اليونسكو والمنظمات الدولية، لوضع المناهج والحقائب العلمية وآلية الامتحانات، أما في الدول العربية، ومنها السلطنة فيجري اقتباس بعض هذه المناهج مع إدخال معطيات جديدة تتناسب مع سوق العمل ومتطلبات سوق التنمية».