ديفيد إجناتيوس
لم تحظ الأخبار التي تم تمريرها مؤخرا عن قيام وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون بإستحداث أسلحة جديدة غريبة لردع روسيا والصين بالكثير من الاهتمام ربما في ظل هيمنة الأخبار عن تنظيم داعشر وسوريا. وقد بدأ مسؤولون في البنتاجون التحدث بصراحة عن استخدام أحدث أدوات الذكاء الاصطناعي وتعليم الآلة لصنع اسلحة روبوت وفرق حربية تجمع بين الإنسان والآلة وجنود معززون بطاقة فائقة. وقد يبدو الأمر أشيه بالخيال العلمي، ولكن المسؤولون في البنتاجون يقولون انهم قد انتهوا إلى أن هذه الأنظمة ذات التقنية العالية هي أفضل طريقة لمكافحة التحسينات السريعة التي أدخلها الروس والصينيون على المعدات القتالية.
وفي مقابلة الأسبوع الفائت تم شرح أنظمة الأسلحة الأمريكية الثورية من قبل روبرت وورك نائب وزير الدفاع، والجنرال بول سيلفا نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة، وكانت تعليقاتهم الاحدث في سلسلة من الكشف غير العادي عما كان قبل بضعة أشهر فقط واحدا من البحوث العسكرية الأكثر سرية.
وقال وورك أن هذه هي الطريقة التي سوف تمنح التفوق لشبكاتنا العسكرية وبث حالة من التشوش وعدم اليقين في أذهان الروس والصينيين، وأنه في حال أقدم أي منهما على التفكير في مهاجمة الولايات المتحدة فقد أصبحنا أكثر جاهزية للتفوق في حرب تقليدية غير نووية.
ويطلق على هذا النهج التكنولوجي الجديد داخل البنتاجون مصطلح "استراتيجية التعويض الثالث" التي تحاكي استراتيجيتان سابقتان كان الهدف منهما مجابهة التقدم العسكري الروسي خلال الحرب الباردة أولهما كانت الأسلحة النووية التكتيكية، والثانية الأسلحة التقليدية الموجهة بدقة. ومن المفترض أن تساعد النسخة الأخيرة من الأسلحة الروبوتية الذكية في استعادة الردع الذي تآكل جراء التقدم الروسي والصيني.
ووجه الجنرال جوزيف دانفورد رئيس هيئة الأركان المشتركة إنذارا مبكرا خلال جلسة تأكيد تعيينه في شهر يوليو عندما قال إن روسيا تشكل أكبر تهديد وجودي للولايات المتحدة، وفي تصريح أخير له قال وورك أنه وبسبب تركيز الولايات المتحدة على منطقة الشرق الأوسط منذ عام 2001 فقد شهد البرنامج الامريكي حالة من البطء في التكيف مع التهديدات الجديدة التي بدأت تعاود الظهور.
وتشمل ميزانية البنتاجون لعام 2017 بعض المخصصات للأسلحة ذات التقنية العالية حيث تم تخصيص 3 بلايين دولار للأسلحة المتطورة لمواجهة هجوم صيني بعيد المدى محتمل على قوات البحرية الأمريكية، و3 بلايين لتطوير النظم تحت سطح البحر، و3 بلايين للفرق البشرية الآلية وعمليات الحشد بطائرات بدون طيار و 1,7 بليون دولار للأنظمة الإلكترونية والانترنت التي تستخدم الذكاء الاصطناعي، و500 مليون دولار للتدريبات العسكرية والإختبارات الأخرى للمفاهيم الجديدة.
ويبدو أن إدارة أوباما، التي توجه اليها انتقادات في بعض الأحيان لتباطؤها في الرد على التهديدات الروسية والصينية، يبدو أنها قد خلصت إلى أن أفضل استراتيجية للولايات المتحدة هي الاستفادة من الميزة الأكبر التي تتمتع بها وهي التكنولوجيا. وتذكرنا هذه المفاهيم بمبادرة الرئيس ريجان في "حرب النجوم"، ولكن بعدها بـ 30 عاما.
وحصلت التكنولوجيا الفائقة على دفعة العام الفائت من مجلس علوم الدفاع الذي أجرى دراسة صيفية عن أسلحة الروبوت ذاتية الحكم، وحذر المجلس من عدم الاستعداد لمواجهة مثل هذه القدرات في أيدي الأعداء. ويبدو أن الهدف الآن في جانب منه هو ايصال رسالة الى الروس والصينيين، فقد وصف وورك روسيا أنها قوة عظمى تستعيد مكانتها، والصين بأنها قوة صاعدة بقدرات تكنولوجية كامنة مؤثرة تجسد ربما تحديا استراتيجيا أطول بقاءا.
وفي اعلان الميزانية في 2 فبراير تحدث وزير الدفاع آشتون كارتر عن الأعمال العدائية لروسيا في أوروبا وقال: لم يكن لدينا ما يدعو للقلق في هذا الجانب على مدى 25 عاما، ومع أني لا أتمنى ذلك إلا أنه أصبح حقيقة الآن.
وأثار كارتر بعض الدهشة في تلك الرسالة عن الميزانية عندما تحدث عن "مكتب القدرات الاستراتيجية" في البنتاجون وهي مبادرة سرية للغاية بدأت في عام 2012 عندما كان مساعدا للوزير، وأشار الى ان المكتب يعمل على أسلحة ملاحة متقدمة ذكية باستخدام كاميرات دقيقة وأجهزة استشعار، وعن أنظمة دفاع صاروخي باستخدام قذائف فائق السرعة وحشد طائرات بدون طيار تتميز بالسرعة والقدرة على المقاومة.
وكشف وورك عن استعدادات جديدة لمناقشة الأسلحة الغريبة، وخلال المقابلة عرض نموذج من الطائرة الدقيقة بدون طيار "Perdix"التي حلقت مع 25 طائرة مماثلة في شبكة محكمة الصيف الفائت بعد أن أطلقت من طائرة كبيرة، وهذه الطائرات بدون طيار هي جزء من رؤية وزارة الدفاع الأمريكية للقتال في المستقبل.
وكانت ساحتي الحرب في أوكرانيا وسوريا قد عرضت جوانب جديدة من القدرات الروسية، وفي عدد من المقابلات عرض وورك للتقدمات العسكرية التي أنجزتها روسيا والتي تشمل شبكات معركة آلية وأجهزة استشعار متطورة وطائرات بدون طيار وأسلحة مضادة للأفراد وأجهزة تشويش.
وفي تحذير خلال لقاء في مركز الأمن الأمريكي الجديد قال وورك: بصراحة تامة فإن أعداؤنا يواصلون عمليات بشرية معززة تثير مخاوفنا بالفعل.
كاتب عمود في صحيفة واشنطن بوست