تقرير إخباري: مدينة صبراتة الليبية تستفيق من صدمة "غزوة" تنظيم داعش

الحدث الثلاثاء ٠١/مارس/٢٠١٦ ٢٣:١٣ م
تقرير إخباري:
مدينة صبراتة الليبية تستفيق من صدمة "غزوة" تنظيم داعش

صبراتة (ليبيا) – ش – وكالات

بدأت مدينة صبراتة الليبية تستفيق من صدمة المعارك العنيفة التي خاضتها أجهزتها الأمنية مع تنظيم داعش إثر قيام التنظيم بـ "غزوة" مفاجئة احتل خلالها الأسبوع الفائت وسط المدينة القريبة من طرابلس لساعات.
ومع توقف المعارك في ضواحي المدينة الساحلية الواقعة على الطريق بين العاصمة والحدود التونسية، فتحت معظم الأسواق والمحلات التجارية أبوابها، وشهدت الشوارع عودة، ولو خجولة، لحركة السير، فيما لا تزال المدارس والمصارف مغلقة.
وقال محمد، القيادي في مجموعة مسلحة محلية قاتلت عناصر تنظيم داعش الأسبوع الفائت، لوكالة فرانس برس "ما حدث كان بمثابة صدمة كبيرة للجميع. كانوا يتواجدون في منازل عند أطراف المدينة، وفجاة تسللوا إلى وسط صبراتة ليعلنوها إمارة".
وأضاف "لكننا قاتلناهم بشراسة وهزمناهم وطردناهم، والمدينة بدأت تستفيق شيئا فشيئا، وتعود إلى طبيعتها". وقال بثقة "ليس لتنظيم داعش أي حاضنة شعبية هنا أو في أي مكان آخر في ليبيا".
وفي تحرك مفاجئ، تمكن نحو 200 عنصر من تنظيم داعش من السيطرة لساعات ليل الثلاثاء الاربعاء الاسبوع الفائت على وسط مدينة صبراتة على بعد 70 كلم شرق طرابلس، حيث اقتحموا مديرية الأمن واحتلوا أبنية مجاورة لها.
وقال أسامة الجدي في سوق الخضار الرئيسي في المدينة لفرانس برس "ظهروا فجأة وبثوا الرعب. خفنا على صغارنا وعلى أهلنا".
وتابع "نحن فرحون بعودة الأمن إلى صبراتة، وبعون الله لا مكان لهم هنا، ولا يمكن أن يعيشوا بيننا". واستغل التنظيم انشغال الأجهزة الأمنية الموالية لتحالف "فجر ليبيا" العسكري المسيطر على طرابلس ومعظم مناطق الغرب، في ملاحقة عناصر تابعين للتنظيم في ضواحي صبراتة، لتظهر خلايا نائمة تابعة له في وسط المدينة.
وتمكنت الاجهزة الأمنية في المدينة الموالية سياسيا لحكومة طرابلس غير المعترف بها دوليا، من طرد هؤلاء العناصر إلى أطراف المدينة، وخاضت معهم على مدى أسبوع معارك توقفت السبت بإعلان سلطات المدينة "الانتصار" على التنظيم.
وأوضح محمد "كانت معركة شرسة جدا. لقد قاتلنا (معمر) القذافي، وقاتلنا غيره، لكن هذه المعركة مختلفة تماما. كانوا مقاتلين شرسين، ونحن لم نر قتالا مماثلا من قبل".
وتابع "هم يقاتلون ولا يخشون الموت، ونحن أيضا. وعندما أدركوا هذا الأمر، تفككوا، فأسرنا منهم، وقتلنا آخرين، ومن تبقى يختبئ حاليا في منزل أو في استراحة، لكننا سنلاحقهم حتى النهاية".
واعتبر محمد أن "العمل العسكري انتهى، وبدأ العمل الأمني". وقتل في المعارك التي شاركت فيها مجموعات مسلحة من مناطق أخرى في غرب ليبيا قدمت إلى صبراتة، نحو 40 من مقاتلي القوات المدافعة، بينما أصيب العشرات بجروح.
وكان ذلك أول ظهور علني للتنظيم المتطرف في صبراتة التي تضم موقعا أثريا رومانيا فينيقيا جميلا. ووقعت أحداث صبراتة بعد أربعة أيام من مقتل 50 شخصا في غارة جوية نفذتها طائرة اميركية على مقر لتنظيم داعش في احدى ضواحي المدينة. وتقول السلطات التونسية ان منفذي اعتداءات كبرى في تونس تدربوا في معسكرات في صبراتة.
ومع توقف المعارك، أعلن عميد بلدية صبراتة حسين الدوادي أنه تقرر "تشكيل غرفة عمليات مشتركة تختص بالبحث والتحري والقبض على من تبقى من فلول عناصر التنظيم ومن يؤويهم داخل المدينة".
ودعا الدوادي بحسب ما نقل عنه موقع البلدية "الأهالي إلى أن يكونوا على قدر من المسؤولية والوطنية وبأن يساهموا بعودة الحياة الطبيعة داخل المدينة من خلال افتتاح المحلات التجارية والمخابز وكافة المؤسسات".
ومن المفترض أن تعيد المصارف فتح أبوابها هذا الاسبوع، بينما تبقى المدارس مغلقة أمام الطلاب بحسب موقع البلدية الذي أعلن "استمرار تأجيل الدراسة في كافة المؤسسات التعليمية داخل البلدية حتى تستقر الأوضاع بشكل رسمي".
وقال محمد الفتحلي وهو يتبضع في سوق الخضار "اليوم أفضل من أمس، وامس أفضل من الذي قبله، ونأمل أن تفتح المدارس والمؤسسات كلها قريبا، وأن يعود كل شيء إلى طبيعته".
وتتنتشر عند مداخل المدينة وفي داخلها نقاط التفتيش التي يتولاها عناصر مسلحون ارتدى بعضهم ملابس عسكرية، بينما حضر آخرون بملابس مدنية.
ويسيطر التنظيم على مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) المطلة على البحر المتوسط على بعد نحو 300 كلم من السواحل الأوروبية. ويقاتل في مدينة بنغازي (ألف كلم شرق طرابلس)، ويتواجد في محيط درنة المجاورة.
وتدفع الأمم المتحدة والدول الكبرى نحو تشكيل حكومة وفاق وطني توحد سلطات البلد الغني بالنفط لمواجهة خطر الإرهاب المتصاعد، لكن الخلافات السياسية تعيق مساعي تشكيل هذه الحكومة.
وقال أحد سكان صبراتة لفرانس برس مفضلا عدم الكشف عن اسمه "ما نشهده اليوم هو نتيجة الصراعات السياسية. السياسيون هم السبب الرئيسي، وهم أوصلونا إلى هنا وعبدوا الطريق أمام المتطرفين".