عبري - خالد عرابي
في الوقت الذي يتحدّث فيه الكثير من الشباب -وخاصة الذكور- عن الوظائف والـ25 ألف وظيفة والتعيينات وغيرها، لم تنتظر هذه الفتاة المثابرة المكافحة هذا ولا ذاك؛ فتوجّهت نحو البحث عن عمل -حتى ولو كان بسيطا. هو مشروع لا يحتاج إلى الكثير من رأس المال ويمكنه أن يساعدها على مواجهة زيادة متطلبات الحياة، خاصة أنها من أسر الضمان الاجتماعي، فبدأت ببيع «المشاكيك» عند دوار الأخضر بولاية عبري.. إنها عائشة بنت محمد الوهيبية، البالغة من العمر 30 عاما، والتي حاورتها «الشبيبة» لتروي قصتها.
تقول عائشة: «يعلم الجميع الآن كيف أصبحت نفقات الحياة ومتطلباتها مكلِّفة، خاصة إذا كان الأمر متعلقا بأسرة كبيرة مثل أسرتنا المكوّنة من 10 أشخاص (أنا وزوجي وستة أولاد وكذلك والدي ووالدتي المريضة والمقعدة)، ولا يوجد لدينا من يعمل في وظائف فقط نعتمد على دخل محدود لأننا من أسر الضمان، فكان تفكيري في إيجاد مورد رزق نزيد من خلاله دخل الأسرة ويساعدنا على مواجهة صعوبات الحياة، فكانت البداية بإعداد الوجبات العُمانية، مثل الهريس والمعجنات، وبيعها من البيت في المنطقة، ووجدت الحال يتحسّن قليلا -والحمد لله- غير أنني بعد ذلك جاءتني فكرة أن اتّخذ خطوة أخرى وأذهب للبيع بالخارج في مكان عام حتى يكون الناتج أفضل، وفي هذه الفترة كان لا بد أن أبحث عن وجبات أكثر إقبالا حتى أستطيع بيعها في فترة ما بعد العصر بعد أن أكون قد انتهيت من ترتيب حاجيات أسرتي، فجاءتني فكرة بيع «المشاكيك» والمشاوي، فعرضت الفكرة على الوالد فرحّب بالفكرة وشجّعني، وبدأ التفكير في المكان حتى اخترنا دوار الأخضر بولاية عبري؛ لأنه موقع يمرّ منه الكثير ومن ثم أستطيع أن أجذب أكبر عدد من الزبائن ممن يرغبون في الشراء، وبالفعل بدأت في تنفيذ ذلك المشروع قبل شهر ونصف، وكانت البداية سهلة وموفقة حيث إن مثل هذا المشروع لا يحتاج إلى الكثير من رأس المال؛ فأدواته وأغراضه محدودة وهي عبارة عن الأواني والشواية والفحم والقفازات وغيرها، فانطلقت في هذا العمل ووجد قبولا وترحيبا من الأسرة ولله الحمد، ووجدت مردودا ودخلا إضافيا لأنفقه على أسرتي».
وعند الإجابة عن تساؤل حول كيف كانت نظرة الناس لها كفتاة تبيع «المشاكيك»؟ قالت: «كثير من أهل عبري ناس طيبون، فقد رحّبوا بالفكرة وشجّعوني، وهناك إقبال ولله الحمد. وحقيقة حينما يأتي البعض ويشترون مني لا أجد هجوما منهم على عملي، ولكن -وكما هو الحال في كل مكان- هناك آخرون انتقدوني كثيرا وخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي وهذه كانت الصدمة الحقيقية، ولكن تجاوزتها بسرعة، فهم يقولون كيف لفتاة أن تقف وتبيع «المشاكيك» في الشارع، كما أنه هناك البعض ما زالوا يرون أن لا مكان للمرأة في المجتمع سوى البيت والقيام بأعمال الأسرة. ولكن هذا لم يزعجني ولم يخيفني كثيرا ولم يثنيني عن إتمام مشروعي والاستمرار فيه؛ لأنني أرى -أنا وأسرتي- أنه لا عيب في العمل خاصة إذا كان عملا شريفا مثل هذا ويؤدي إلى كسب رزق حلال، وأنا لا تهمني وجهة نظر الناس فيما أقوم به بقدر ما يهمني فقط أن أكسب الرزق الحلال لأنه في نهاية المطاف لن يأتي أحد ويساعد أسرتي ولا يشتري لنا أغراض المنزل، ونحن لا نقوم بعمل مخز بل عمل شريف فيه جد واجتهاد وتعب، ولله الحمد الأمور في تحسّن».
وأكّدت قائلة: «بالنهاية لا بد أن يواجه الشخص انتقادات، ولكن بقوتي وعزيمتي وإرادتي وتفهم ومساعدة أهلي، وخاصة والدي ووقوفه بجانبي، سأستمر في المشروع وسأظل أقوم ببيع المشاوي والأكلات العُمانية حتى ارتقي للأفضل إن شاء الله بتشجيع الأهل والناس الطيبين».
وأشارت عائشة إلى أنها تقوم ببيع مشاكيك اللحوم والدجاج ومن باب التغيير والتحسين أضافت بيع لحم البوش «الجمل» والروبيان -وإن كان غير متاح كثيرا في عبري- وكذلك ستضيف قريبا الجوانح والكبد وغيرها -بحسب الطلب- حتى تطوِّر من عملها وتزيد الإقبال.
وقالت: «أهم شيء أحرص عليه أيضا «الصبار» وهو الخلطة الرئيسية، فأنا أحرص على تجويد طعمه حتى يكون هناك إقبال أكبر».
وأكّدت أن تخطيطها المستقبلي هو الاستمرار في هذا العمل وربما يكبر لأن الهدف الأساسي هو توفير عيشة وحياة كريمة لها ولأسرتها، غير أنها تمنّت أن تحصل على رخصة من البلدية بإقامة «كشك» في أحد الأماكن التي تحددها حتى تكون العملية منظّمة بشكل أكبر وتضمن نظافة أكثر وكذلك تكون هناك رقابة أكثر من البلدية، وقالت: «على مدار نحو شهر كامل كنت أراجع البلدية للحصول على رخصة لبيع الأطعمة العُمانية، ولكن لم أحصل على ترخيص حتى الآن، وعليه أتمنى أن يكون هناك تعاون في هذا الإطار لدعم الشباب خاصة في مثل هذه النوعية من المشاريع حتى نشجّع سياسة العمل في شتى المجالات والقطاعات».