بقرتنا.. وبقرتهم..

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٧/يناير/٢٠١٨ ٠٣:٣٩ ص
بقرتنا.. وبقرتهم..

لميس ضيف
lameesdhaif@gmail.com

يقدر عدد المواشي في الصومال بـ45 مليون رأس وفقاً لإحصائية الفاو. وبـ50 مليون بقرة تعد السودان ثالث أكبر موطن للأبقار. فيما لا يتجاوز عدد الأبقار في هولندا 5 ملايين بقرة. كل من الصومال والسودان يعانيان من الفقر وتضربهما زلازل المجاعات والحروب التي تأتي – أساساً- بسبب التصارع على الموارد التي توصف بأنها قليلة. أما هولندا «فيخزي العين» استطاعت أن تغطي احتياجاتها بهذا العدد المحدود من الأبقار وتغرق العالم بمنتجات الألبان والأجبان واللحوم الفاخرة. ومثلها أستراليا التي تأتي في المرتبة الرابعة عالمياً في عدد الأبقار والمواشي ولكنها تنتج ثلثي الصوف في العالم. وتبيع لحومها ومنتجاتها على سكان الأرض جميعا!

الكيان الإسرائيلي المحتل، رغم مساحته المحدودة نسبياً ورغم حقيقة أنه مطوق بدول تقاطعه -شكلياً على الأقل- وترفض منتجاته إلا أنه بموارده الطبيعية المحدودة يحتل المرتبة الـ34 ضمن أقوى اقتصاديات العالم. ويحظى الشعب الإسرائيلي الغاصب بأعلى مستوى معيشي وأهم اقتصاد في الشرق الأوسط، ويحظى 8 ملايين يهودي باحترام غير مستحق عالمياً بسبب قوتهم الدبلوماسية والعسكرية محققين بذلك ما عجز عن تحقيقه 370 مليون عربي!

كوريا الشمالية، التي تعاني من مقاطعة عدد غفير من الدول، ومن تآمر أمريكا المجحف عليها، لا زالت تتضخم رغم التحديات، وتعزز ترسانتها العسكرية والصناعية. وقد تقدمت الدولة التي لا يحظى التلاميذ فيها بإجازة أسبوعية، على نظيراتها في كل شيء رغم أنها لا تفوق نظيراتها في شيء يذكر.
ما نقوله هنا، في عود على البدء، أن الإمكانيات لم تكن يوماً حاجزاً في وجه من يمتلك القدرة على التخطيط والإدارة. وأن الموارد -في غياب العقل المدبر- لا قيمة لها ولا وزن. البقرة الهولندية يصل إنتاجها لـ50 لتر حليب يومياً، فيما لا يتجاوز إنتاج البقرة السودانية 10 لترات يومياً. لأن الأولى تهجن وتُرعى بشــــكل ممنهج، وتضاف الأملاح والمعادن لغذائها وتجري حمايتها من الأمراض بتوفير بيئة صحية. أما الثانية فتكدس في زرائب مع مربيها وترعى بعشوائية وفوضى. الأولى تبستر منتجاتها وتعلب وتُصنع ليباع ما تساوي قيمته دولاراً بعشرين.

أما الثانية فقليلة الجودة لدرجة تضطر معها دول كالسودان والصومال لاستيراد منتجات الألبان لسد احتياجاتها!

دولنا أغنى دول العالم في الموارد -كلها- بشرية وحيوانية ومعدنية وسمِّ ما شئت. ولكنها دول فقيرة في الإدارة والعقل والتخطيط لأن الأمور لا تُوكل لأهلها ولأن زمام الأمور يُعطى لمن لا يستحقه. فنحن أشبه بالوريث الساذج الذي وصلته تركة لم يتعب فيها ولا يهمه إن بددها، المهم هو أن يعيش يومه، وليذهب الغد للجحيم.