سفراء بلا سفارات..

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٦/يناير/٢٠١٨ ٠٤:٠١ ص
سفراء بلا سفارات..

لميس الكعبي

كثيراً ما نسمع في الآونة الأخيرة لقب (سفير) لكن!!!

هل المقصود به السفير الموظف الدبلوماسي الذي يترأس سفارة لتمثيل بلاده في الخارج، أو السفير غير الدبلوماسي لكنه رفيع المستوى من مختلف الكيانات والمنظمات الخيرية والثقافية!!وهذا عادةً يتم اختياره ليكون مصدر جذب وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية على حد سواء كسفير النوايا الحسنة، أو سفير الإنسانية أو حتى الإيجابية وغيره من المسميات الأخرى وما أكثرها في وقتنا الحاضر.
أنا لست ضد هذه الألقاب والمناصب الشرفية، فهي في حد ذاتها إضافة تحسب للمشاهير والنجوم في العالم سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي، وربما يجدها البعض إضافة إكسسوار قد يزين الشكل ويضيف إلى صاحبه إطلالة مميزة ذات مضمون نجومي أكثر.
ألا يعتقد البعض منا أنه من الضروري أن تكون هناك معايير مجتمعية ومميزات تحكم اختيارات هؤلاء السفراء؟
وألا يكون عامل الشهرة هو السبب الوحيد لمنح هذا الشخص هذا اللقب أو المسمى!!
لأن في نظري الشهرة ليست كافية لتمنح صاحبها هذا اللقب الكبير ذي المضمون الرائع الذي يصب في خدمة أفراد المجتمع.
قبل عدة سنين كنّا نستلم دعوات لحضور بعض المناسبات المحلية وهناك ثلاثة أو حتى خمسة ضيوف شرف هم شخصيات لهم وقت طويل في مجال الإعلام أو العمل تم اختيارهم كضيوف شرف لحضور هذه المناسبة.
لكن اليوم نكاد ندخل موسوعة جينس لكثرة وتعدد ضيوف الشرف!!
كيف ذلك؟ بدون أي تمييز أو تدقيق في تلك الشخصية التي لم تكد تبصر النور حتى لتكون ضيفة شرف.
أنا لا أعترض على تلك الشخصيات لكن كونك تضعهم في هذه المكانة يقلل من عملهم وكفاءتهم الحقيقية في كونهم بعد ذلك لا يتقبلون أي مسمى آخر سوى ضيف شرف، وبذلك نحن نطمس شخصياتهم الحقيقية ودورهم في النمو الطبيعي من خلال العمل والظهور بشكل طبيعي ومناسب لأعمارهم وأدوارهم في المجتمع.
هذه الظاهرة تتكرر بسبب انعدام الوعي أو تفشي الجهل بين أفراد المجتمع وعدم إدراك مثل هذه الأمور غير الملفتة، كما يراها البعض مما يجعله غير مهتم أو مبال بتلك الألقاب، هنا تكمن خطورة الجهل في كونه لا يفصح عن حقيقة نفسه بكل وضوح وربما هذا الجهل يتزين بأثواب متعددة باسم السلام والخير والإنسانية.
لماذا لا يكون اختيار هذه الألقاب من خلال مسابقات محلية أو دولية تقدم خلالها كل شخصية تحب أن تنخرط في خدمة المجتمع سيرتها الذاتية التي تجعلها مؤهلة للقيام بدور فعال في خدمة المجتمع، أو تقوم لجنة خاصة بعمل استقصاء عن تلك الشخصية المرشحة من قبلهم كسفيرة، وإلا فتصبح الألقاب اختيارات عشوائية وليست ذات قيمة حقيقية وتكون بالفعل دليلا على صدق اتهامات البعض من المشاهير الذين حملوا ألقاب لا تمثلهم ولا تمت لهم بأي صلة لدرجة أن أي شخص عندما يسمع فلان أصبح يلقب نفسه بسفير (.......) يفاجأ من هذا ولماذا لقب بهذا اللقب وهو لا يمثله إطلاقاً أو من الممكن أن يكون عكس هذا المسمى تماماً ولا ينتمي له.
هنا يستوقفني الموقف الحقيقي عندما تقرر منح النجمة العالمية أنجلينا جولي جائزة أوسكار جديدة، ولكن ليس بسبب عملها السينمائي هذه المرة بل على الجهود التطوّعية التي قامت بها على مدى سنوات عدة، وتقديراً لعملها الإنساني بالإضافة لكل ذلك أن النجمة أنجلينا جولي تمكنت بنواياها الطيبة وأعمالها الخيرية الحسنة أن تكسب تقدير كافة جمهورها، حيث حصلت على لقب نجمة الإنسانية في عام 2007 ، في استطلاعٍ للرأي أجراه موقع «alert net»، وهذا ما يجعلها سفيرة بحق وليس كلام في الهواء.
هنا يسترعي انتباهي وانتباه الكثيرين ممن يتفكرون في هذه الألقاب التي أعتقد في داخلي أنها ليست سوى ألقاب مزيفة لا أكثر، أو كذبة نكذب بها على أنفسنا ونصدقها ونعيش في ظل أوهامها التي تقودنا إلى طرق مسدودة وغير مجدية في الحياة.
أنا اليوم وغيري من الشخصيات التي تتفكر وتدرك مثل هذه الظاهرة الاجتماعية التي ازدادت مؤخراً من خلال طرحها على شبكات التواصل الاجتماعي نترفع عن تلك الألقاب لأنها مهزلة حقيقية تقلل من قيمة صاحبها وتضعه في موقف يرثى له وتنتقص من قيمته الحقيقية ودوره الفعّال في الارتقاء نحو مستقبل مضيء بسواعد أبنائه، أمنية صغيرة: «أتمنى من صميم أعماقي أن نرتقي في الفكر نحو الأفضل ونحو ما هو بالفعل يخدم أبناء المجتمع وأن لا نشجع على مثل هذه الأمور التي قد تشوه واقعنا الجميل».