تحسن أسعار النفط.. وتفاؤل حذر في 2018

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٥/يناير/٢٠١٨ ٠٤:٣٢ ص
تحسن أسعار النفط.. وتفاؤل حذر في 2018

محمد محمود عثمان
mohmeed
osman@yahoo.com

تشير التوقعات خلال العام 2018، إلى تحسن في الاقتصاد العالمي، فهل نتفاءل وإلى أي مدى؟ بعد توقعات بارتفاع تدريجي لأسعار النفط إذ زادت مؤخراً العقود الآجلة للخام القياس العالمي مزيج برنت إلى 69.47 دولار للبرميل، وهو أعلى ارتفاع منذ شهر مايو 2015، في ظل توجه «أوبك» إلى الالتزام باتفاقها لخفض الإمدادات حتى نهاية العام الجاري، وقد توقع الرئيس الحالي لأوبك أن تتوازن سوق الخام في 2018، وهذا لأول مرة منذ عدة سنوات، ما سينعكس إيجاباً على الدول النفطية والخليجية بشكل خاص، فهل ينحسر المأزق الاقتصادي الذي أرق الكثير منذ الأزمة الاقتصادية في 2008؟ بعد أن تبنت بعض الدول تنويع مصادر الدخل، الأمر الذي يؤثر بشكل كبير على خفض العجز المالي، ولا سيما أن صندوق النقد الدولي أشار إلى أن التعافي يسير بوتيرة أسرع مما كان متوقعاً وتوقع نمواً بـ3.7% في العام 2018، وإن كان يواكب ذلك أيضاً تحريك الأداء الاقتصادي بنحو من 2.2% إلى 3% للدول العربية المصدرة للنفط، في ظل توجه الصين لتغيير عقودها الآجلة للنفط، ليكون اليوان الصيني بدلاً من الدولار الأمريكي في بداية 2018، وما لذلك من انعكاسات قوية على أسعار النفط، التي قد تلامس الـ70 دولاراً مع بداية تطبيق تلك العقود، بعد أن اختتمت أسواق النفط الخام تعاملات العام 2017 في أجواء إيجابية، فقد تعافت الأسعار، بعد أن تقلص فائض المخزونات بوتيرة فاقت التوقعات، وعوضت السوق النفطية كثيراً من الخسائر السابقة وتعافت من حالتي الجمود والانكماش الذي أصاب الاقتصاديات بسبب تهاوي الأسعار منذ منتصف العام 2014، لأن الفضل في تعافي الأسعار مع نهاية 2017 يعود في الأساس إلى نجاح اتفاق خفض الإنتاج الذي تقوده «أوبك» بالتعاون مع المنتجين المستقلين الذي جرى مد العمل به مرتين في العام الفائت لتستمر التخفيضات حتى نهاية العام 2018، وهذا يدعونا إلى التفاؤل الحذر من استمرار موجة الارتفاع أو حتى الاستقرار على مستوى الأسعار الحالي لمدة أطول، لأن التعاون بين المنتجين في منظمة «أوبك» وخارج المنظمة ينبغي أن يستمر بشكل جيد ومتصاعد، لأنه أمر ضروري وفعال كوسيلة مناسبة لضبط الأداء في السوق، خاصة في فترات الأزمات، وهذا أمر غير مضمون بدرجة كافية، خاصة في ظل الأزمات السياسية المتكررة، والتي تحكمها أمور غير منطقية في معظم الأحيان، مما يتسبب في اضطرابات وتوترات مفاجئة في العلاقات الدولية، خاصة أن إنتاج النفط في الولايات المتحدة لا يزال في حاجة إلى مراقبة عن كثب، نظراً لأن هذا الإنتاج سيظل يتحمل الجزء الأكبر من التأثير في المعروض النفطي العالمي، وما يترتب على ذلك من تعميق حالة التخمة في المعروض من النفط الخام، على الرغم من أن تقارير منظمة الدول المصدرة لنفط «أوبك» تشير إلى تحسن مستمر في توقعات سوق النفط لعام 2018، في ظل بيانات عن انتعاش ملحوظ في حجم الطلب، ولذلك فإن الاتجاه نحو سوق متوازنة لن يتحقق بدون جهود جماعية، وبدون التوافق على التعاون الشامل والواسع بين جميع دول «أوبك» والدول غير الأعضاء في المنظمة، وبناء التوافق في الآراء للوصول إلى مثل هذا الإنجاز، نظراً إلى ضرورة الدعم الكامل لـ «إعلان التعاون» من جانب كل المنتجين والمستهلكين من أجل التغلب على تحديات الأسواق النفطية، حتى لو على المدى القصير، لإحدات تأثيرات إيجابية تعمل على استمرار تراجع مستوى المخزونات النفطية، بما يعود بالمخزون الإجمالي إلى المستوى المتوسط في خمس سنوات، وبالتالي التخلص من تراكم المخزونات التي حدثت على مدار ثلاث سنوات، وأدت إلى الضغط بقوة على السوق النفطي منذ منتصف العام 2014، وأثرت على الاقتصاد العالمي الذي كان مهدداً بحالة من التدهور السريع، ومن هنا فإن عملية إصلاح السوق واستعادة الاستقرار لها، مهمة صعبة للغاية بدون استمرارية الجهود المشتركة للدول المنتجة المشاركة في اتفاق خفض الإنتاج الذي يهدف إلى عودة التعافي للسوق وإعادة التوازن المفقود في السنوات الفائتة، وصولاً إلى نقطة التعادل التي تحقق مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء، والتي تسهم في تنشيط الاستثمارات في القطاع النفطي من جديد، الذي لحقت به خسائر فادحة بسبب تقلبات السوق وانهيار الأسعار على مدار السنوات الفائتة، ولعل هذا التحسن يسهم في تحقيق انفراجة نوعية في زيادة تدفق الإنفاق الحكومي لعودة الانتعاش لأنشطة القطاع الخاص التي توقفت أو تعثرت كثيراً، من خلال تنفيذ أو تشغيل ولو بعض المشروعات الجاهزة أو الاستثمارات الأجنبية، التي تُعنى بتنويع مصادر الدخل، وتوفير فرص عمل جديدة وحقيقية.