بركاء - حمود العامري -
زَفّت بركاء 70 عريساً مساء يوم الجمعة، في العرس الجماعي الذي يقام للمرة الثامنة على التوالي بجامع علي بن حسن بقرحة البلوش، ضمن مبادرةٍ إنسانية كريمة من قبل رجل الأعمال عبدالعزيز البلوشي، الذي حرص على ديمومتها واستمراها، إيماناً منه بأهمية دعم الشباب والتخفيف عنهم من أعباء الزواج التي تثقل كاهلهم.
حضر العرس جمعٌ غفير تجاوز العشرين (20) ألفاً، وعدداً من الفنانين ورجال الأعمال والشيوخ والرشداء وأهل العرسان ومعارفهم، فيما أنتجت مؤسسة الكهف الأزرق للإنتاج الفني أنشودة خاصة بهذه المناسبة، من كلمات الشاعر سالم البدوي وبصوت المنشد بدر الحارثي، فيما استوحي اللحن من الفن العماني الشعبي "العازي".
لم يقتصر العرس على أبناء الولاية فقط، بل شمل مختلف ولايات السلطنة، وفئات المجتمع العماني، في لحمةٍ وطنيةٍ معهودة، إضافة إلى بعض الجنسيات الأخرى المقيمة بالسلطنة، وهو ما عبر عنه رجل الأعمال عبدالعزيز بن حمود البلوشي بقوله: اعتدتُ منذ أن أعلنت عن تكفلي بتحمل نفقات العرس الجماعي على أن أحرص في أن تشمل هذه المبادرة جميع المستفيدين من مختلف الأعراق والأجناس، بيد أنه بلا شك في أن الأولوية لأبناء البلد، انطلاقاً من المبدأ الرباني الرامي إلى أن "الأقربين أولى بالمعروف"، غير أننا ننطلق جميعاً من الرؤية السلطانية لباني هذا الوطن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس –حفظه الله ورعاه- في أن يكون التسامح ونشر المحبة والسلام والألفة هو ديدن العمانيين أينما حلوا وارتحلوا، وهذا يتجسد في هذا المحفل الجماعي الكبير، الذي ضم مختلف شرائح المجتمع المحلي، وبعض الأخوة المقيمين، فهم جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي، كما أن رسالتي قائمةٌ على تعزيز الجانب الإنساني، الذي يدخل في نطاقه كل من يعيش على بساط المعمورة، فالبشرية جميعاً تدين بدين الحب والخلق وفعل الخير والتسامح، وهو ما يجعلني أحياناً أفكر في مبادراتٍ إنسانية أخرى قادمة.
ويضيف البلوشي: أتألم كثيراً، حينما أرى الشباب يعزفون عن الزواج بسبب تكاليفه الباهظة، وهو ما جعلني أشعر بأن واجبي -وواجب كل قادر- أن نعينهم على بدء حياة زوجية مريحة، دون اللجوء إلى البنوك أو الاقتراض من الآخرين، فكثير من حالات الزواج كٌتب لها الفشل بسبب الديون المتراكمة، والتي حولت حياة الزوجين إلى جحيمٍ لا يطاق.
وينهي حديثه منتشياً: في هذه الليلة أجدني أكثر سعادة، وأنا أرى الابتسامة تلو محيا سبعين عريساً، وقد التف حولهم أهلوهم في منظر يشعرنا بالبهجة جميعاً، وهي بلا شك إحدى الليالي التي تعلق في ذاكرتي ووجدني طويلاً، وفيها قد شَعر الضمير بأداء الواجب وإتمام المهمة، راجياً للجميع حياة هانئة تنعم بالطمأنينة ودفء المشاعر وصادق الود.
كما عبّر العرسان عن شكرهم لهذه المبادرة الكريمة، إذ يقول يوسف البلوشي: إن من نِعم الله عليَّ، أن أكرمني بالاستفادة من مبادرة الشيخ عبدالعزيز البلوشي، حيث كنتُ قلقاً للغاية من تحمل تكاليف الزواج، وهي -بلا شك- تكسر ظهر الشاب، وتحاصره في زوايا ضيقة، إنما اليوم أجدني أشعر بارتياحٍ شديد، وأجدني عاجزاُ عن الشكر، إنما هي دعواتنا التي ستتحدث عنا بالإنابة عند الاتصال بالله في صلواتنا وخلواتنا.
في حين يقول أحمد الهنائي: إن من النبل والشهامة، أن يقدم المرء لأبناء وطنه مثل هذه المبادرات، وهو جانب مهمٌ من جوانب تعزيز المسؤولية الاجتماعية، وتمكينٌ لمبدأ التكافل الاجتماعي في أرقى صوره، كل الامتنان للقائمين على هذه المبادرة الجميلة.
والد أحد العرسان وهو سيف السيابي، لم يدخر وسعاً في التعبير عن سعادته وهو يرى ابنه يشق طريقه نحو بناء أسرته الخاصة بقوله: سعادتي قد تفوق سعادة ابني، ولن تكون هذه السعادة بهذه الأريحية المطلقة، لو لم تكن هذه المبادرة حاضرة، والتي أثلجت صدورنا جميعاً، ومن خلالها تجسد لنا المعنى الجوهري في أن عمان نبض واحد، وجسدٌ واحد، هذه الروح الإنسانية العظيمة، جعلت العمانيين يتكاتفون في تسهيل شؤون بعضهم، حقاً أن ما فعله الشيخ عبدالعزيز هو استجابة لنداءات الفطرة السوية، وتثمينا لقول النبي "وكونوا عباد الله إخوانا"، صدقا إن هذا اليوم عيد.
وأشاد المنشد بدر الحارثي بجمال التنظيم ورقي المبادرة قائلاً: حضرت وشاركت في الكثير من الفعاليات المحلية والدولية، غير أني أشعر بأن لهذه الفعالية وقعاً أكبر على النفس، خصوصاً وأنها تأتي في إطار دعمٍ للشباب في أهم مراحل حياتهم، وهي بصدق مبادرة إنسانية رفيعة المستوى، تحمل في طياتها الكثير من الدلالات والرسائل، وتكتب بحروفٍ من نور سطوراً من ضياء الإنسان ونقاء قلوب المخلصين، هذه اليد البيضاء التي طبعت الفرحة في قلوب الجميع، ستذكرها عشرات الأسر لسنين طويلة، فالأثر الجميل لا تمحو الأيام أثرها من الأفئدة، هنيئاً للعرسان، وهنيئاً لرجل الخير كل هذا العطاء والنبل والبهاء.
الجدير بالذكر أن الشيخ عبدالعزيز البلوشي قدّم هدية فارهة لجميع العرسان في نهاية العرس البهيج عبارة عن "طقم ذهب"، فيما شهد الحفل تنظيماً رفيع المستوى، من حيث تسهيل عملية الدخول والخروج، دون أن يحدث هذا التجمع الضخم اختناقاً مرورياً، وكانت شرطة عمان السلطانية في طليعة المنظمين، عطفا عن أن جميع الأهالي ساهموا في الاحتفاء بهذه المناسبة بوعي متقدم وفكرٍ متعاون.