بالفيديو.. أحمد البوسعيدي شاب عماني بساق واحدة يهوى الغوص وتسلق الجبال

مزاج الاثنين ٠٨/يناير/٢٠١٨ ٢١:٣٩ م
بالفيديو.. أحمد البوسعيدي شاب عماني بساق واحدة يهوى الغوص وتسلق الجبال

مسقط - زينب الهاشمية -
عندما تقسو الحياة على البعض وتأتي أحداثها بمفاجآت تعوقهم عن ممارسة نشاطاتهم وهواياتهم، وعندما يوشك البعض أن يفقد معنى الحياة؛ يمكن للطموح والإرادة أن يعيدا الأمل لهؤلاء وأن يتنفسوا صباحات أيام جديدة مليئة بالتفاؤل والنجاح.
يمثل أحمد بن حمود بن خميس البوسعيدي نموذجاً للشاب الطموح الذي أحب تعلم كل ما هو مفيد، وهوى المغامرة والاستمتاع بجمال الطبيعة وعشق الغوص وتعلم كل ما يتعلق بالبحر رغم أنه نشأ في بيئة بعيدة كل البعد عن البحر. كما يمثل رمزاً للكفاح والتفاؤل، إذ لم تمنعه إعاقته من الاستمرار بقوة في الحياة بعد أن فقد أحد أطرافه بل كانت "استيقاظاً لحياة جديدة" حقق فيها النجاح بإصراره. فلم يتوقف عن هوايته ولم يمنعه ذلك من الاستمتاع بجمال الشواطئ والمحيطات وتعلم الغوص والصيد وأخذ الخبرة من أهل البحر وتسلق الجبال والوديان، رغم قساوة الجبال ومراس البحر الصعب.

حادث غيّر حياتي
لم يكن ذلك اليوم كبقية الأيام في حياة البوسعيدي، فقد كان البداية لمرحلة جديدة لم تخطر بباله يوماً. يقول: "قصتي بدأت في إحدى أيام العام 2014 بينما كنت أتجهز لرحلة تخييم في إحدى المناطق القريبة من البحر وأجهز عدة الصيد والغوص والتخييم، إذ لاحظت نقص أحد المستلزمات فأخذت دراجتي النارية قاصداً أحد المجمعات التجارية القريبة للتبضع وأثناء العودة تعرضت لحادث تدهور بسبب عطل فني في الدراجة مما أدى إلى اصطدامي بعمود إنارة".
ويتابع قصته: "بعد ذلك نقلت إلى المستشفى وتلقيت العلاج في العناية المركزة وفي اليوم التالي أخبروني (ساقك بترت ولا مجال لعودتها ثانية).. الحقيقة أنني تلقيت الخبر بصبر وتقبلت الوضع".

ويضيف أحمد: "مرت الأيام والجراح تتشافى وتتعافى يوماً بعد آخر، وبعد ثلاث أشهر سافرت إلى جمهورية ألمانيا لتكملة العلاج وتفصيل القدم الصناعية. واستمر تأهيلي هناك لشهرين وعشر أيام، ولا أنسى كلام مساعد الدكتور الفني الذي كان يصنع لي الطرف الصناعي بأنني أول مريض عنده استطاع أن يمشي بالقدم الصناعية الأولى من أول يوم بلا مشاكل أو فقدان بالاتزان وهذا حفزني أكثر للتدرب وتحمل كل الصعاب والآلام المترتبة خلال التأهيل والمشي بالطرف الصناعي الجديد وتقبل الوضع الجديد، واستمر علاجي حوالي ستة أشهر".

العودة للحياة
يكمل أحمد قصته بعد العلاج وعودته لبيته ويقول: "بعد رجوعي لأرض الوطن قررت أن أرجع للغوص في البحر، فقد وعدت أصدقائي بأني سأستمر في هوايتي وأن ترجع حياتي طبيعية كما كانت، وبدأت التمرين والتدريب واستطعت أن أصل لعمق 13 متراً من الغوص الحر دون أسطوانة غاز، وهذا إنجاز لي فقد كنت من قبل الحادث قد وصلت لـ15 متراً، ولكن هذه المرة الأمر مختلف بقدم صناعية غريبة عن جسمي الحقيقي.
ثم قررت أخذ دورة غوص حر مع المدرب القدير الكابتن يحيى الهوتي، ولا أنسى وقفته معي ومساندته لي حتى حصلت على الشهادة ووصلت إلى عمق 18 متراً، وكان بالنسبة لي إنجازاً لأنني لم أتوقع أن أصل لهذا العمق من قبل. واستمررت في التدريب ومشاركة الأصدقاء الغوص، وحالياً انضممت لعضوية فريق عمان للغوص الحر ووصلت إلى عمق 26 متراً كغوص حر، وأطمح للوصول إلى 30 متراً قريباً".

المغامرات الجبلية
ولم تنتهي هوايات البوسعيدي ومواجهته الصعاب على الغوص فقط، إذ أخذ نظره يرنو إلى قمم الجبال التي اشتاقته منذ الحادث. يقول: "لا أنسى وقفة الكابتن عيسى بن محمد الصوافي إلى جانبي ومساندته لي على المشي في الأودية، فقد خصص جزءاً من وقته لتعليمي الكثير من الأمور المختصة بالتسلق الجبلي والنزول بالحبل، وصرت عضواً في فريق شباب عمان للمغامرات، وقطعنا برفقتهم الكثير من المسارات الجميلة بالجبال والأودية، وتحدينا الصعاب مع الفريق وهذا زادني قوة وأعطاني حب المتابعة والاستمرارية واكتشاف الطبيعة الخلابة الجميلة لعماننا الحبيبة. وأصبحت من الأشخاص المروجين للسياحة الداخلية بالسلطنة؛ نظراً لما تتميز به من جمال خلاب واختلاف تضاريسها بين الأودية والسهول والجبال والبحار".

تجارب وتعلم
حياة أحمد البوسعيدي المثيرة شاهدة على أنه "لا حياة مع اليأس.. ولا يأس مع الحياة"، يقول البوسعيدي: "تعلمت في حياتي أموراً كثيرة منها أنه مهما كانت الصعاب من حولك لا وجود للمستحيل في عالم الإرادة، فقط اسعَ وكافح وستصل. وتعلمت أن السقوط لا يعني الفشل، وإنما قد يكون "إيقاظاً لحياة أخرى، واستدراكاً لما فاتك لتلحق به". فالنجاح مستمر ولا مجال للاستسلام.